الاستجواب الأخير الذي قدمه النائب مسلم البراك ضد وزير المالية محمود النوري نجح سياسيا بدرجة كبيرة·
فهو من جهة حشد أكبر عدد من النواب معه بمختلف توجهاتهم وأربك الحسابات الحكومية لتقدم بعض النواب المحسوبين عليها بطرح الثقة بوزيرها الذي يرى بعض المراقبين أنها تخلت عنه وستتخلى عن وزراء غيره إذا ما قدمت لهم استجوابات، وبعد الاستجواب أصبح أمام الحكومة خيارين كلاهما مر·
الخيار الأول: أن تقبل استقالة الوزير النوري قبل موعد جلسة طرح الثقة (22) من الشهر الجاري وبالتالي فإنها بذلك ستعطي نقطة سياسية لصالح النائب البراك والتكتل الشعبي الذي يمثله وهذا سيدفع الكتل البرلمانية الأخرى لطرح استجوابات جديدة كي تثبت قدرتها هي أيضا على الرقابة ومحاسبة الوزراء وخاصة أن البعض قد لمح تارة وأعلن أخرى عن استجواب وزراء قادمين·
وإذا تم ذلك فإن الجهات التي تدخلت في الانتخابات ستكون أكبر الخاسرين لأنها ستعتبر النتائج خسارة لها بالرغم من امتلاكها مجموعة كبيرة من النواب الموالين ولكنهم فقدوا تأثيرهم نتيجة قوة الاستجواب والدعم الشعبي له·
الخيار الثاني: هو أن تحشد الحكومة نوابها الموالين بطريقة مكشوفة وتمنع حصول طارحي الثقة على العدد المطلوب وهو (25) نائبا وتنجي الوزير وإن كان بفارق أصوات قليلة·
هذا الخيار سيصب في النهاية لصالح المعارضة أيضا لأن الحكومة ستكشف مواقف الكثير من نوابها المحسوبين عليها بشكل مفضوح، وستمر بهم أمام المواطنين الذين تابعوا الاستجواب ومحاوره المهمة كما أنها ستعطي قوة جديدة للتكتل الشعبي ولمن وقف مع استجوابه في خطوة أوسع لاستجواب وزير آخر، مما سيفقد نواب الحكومة مصداقيتهم الكاملة أمام الناس وعندها سيقع هؤلاء النواب في حرج كبير لأنهم سيضطرون إلى "اللعب على المكشوف" كما يقال وهو وضع لا يتمنونه خاصة أن المجلس في بداياته الأولى مما سيزيد الحرج عليهم·
ويبقى بعد ذلك خياران آخران أمام الحكومة وهما تغيير الحكومة والمجيء بوجوه جديدة والتي لن تسلم هي الأخرى من الاستجوابات، أو حل المجلس والدخول في مراهنة سياسية جديدة أساسها محاولة إسقاط أكبر عدد من المعارضين إلا أن ذلك حسب التجارب التاريخية السابقة لن يكون مأمونا إن لم يكن عكس ذلك··
وبالتالي فإن الحكومة اليوم في وضع لا تحسد عليه· |