بالأمس القريب اتفق الروس والأمريكان على المصالح المتبادلة، ومن قبل اجتمعت الجيوش الشيوعية والرأسمالية تحت راية واحدة للقضاء على هتلر قبل أن يبتلع الاثنين، إن التعاون مع أي جهة أو فئة لخدمة الإنسان وردع العدوان مبدأ إلهي إنساني فلقد تعاون النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع النجاشي المسيحي على حماية المستضعفين من بعض الطغاة، وأيضا استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه على حرب هوازن، واستعان المسلمون في إقامة الحضارة الإسلامية بغير المسلمين فنقلوا وترجموا عن غيرهم العلوم والفنون بأقلام غير إسلامية، إن العلم والفن لا يتجنس بدين أو عنصر ومن خصائصه العموم والشمول، ومن هنا وجب تقديس العلم حتى ولو جاء من الصين غير الإسلامية·
إن الإنسان واحد بطبيعته أينما كان ويكون والذين يزرعون اليأس في النفوس ويستهينون بالإنسان وإرادته هم السبب الأول والأخير لكل مشكلة وهزيمة، وهم الطابور الخامس الذي يعمل جاهدا على تفريق الصفوف وبعثرة الجهود وتعميق الإحساس بالعجز عن مجابهة العدو، وشل أي حركة تهدف الى التحرر والتقدم·
المهم هو تقوية الجبهة الداخلية وتضميد جروحها والعمل على تجميع القوى المبعثرة على كل صعيد في الثقافة والفنون والسياسة والاقتصاد وتطبيق مبدأ الكفاءة والنزاهة، وإذا لم تفعل هذا فلن تنفع أمريكا ولا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا الشرعية الدولية، لأن أمريكا وحلفاءها يقفون ويدعمون ما دامت مصالحهم عندنا ومصالحهم لا تبقى الى الأبد، أجل لا أحد يجلب لنا نفعا أو يدفع عنا ضرا ما دمنا نحن لم نصنع لأنفسنا شيئا، ولا يمكن أن نفعل ونصنع أي شيء ما دام فينا الكسالى والثراثرة والمأجورين والمندسين·
* إن ذكرى عاشوراء باستشهاد الإمام الحسين عليه السلام سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عزيزة على المسلمين كافة وإحياؤها كل عام من جيل الى جيل حتى يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، ويجب علينا جميعا أن نستفيد من هذه الثورة الحسينية لما فيها من عبر ودروس ومفاهيم وملاحم بطولية، وما تخصصه وزارة الإعلام كبرنامج خاص في التلفزيون مدته عشر دقائق شيء قليل وإجحاف ولا فائدة فيها ولا تكفي لإيصال مضامين نهضة الحسين عليه السلام، ونحن نفضل عدم المشاركة حيث المنابر الحسينية تكفي، ولكن نطمح بأن يخصص وقت كاف ويذكر فيها مصائب الإمام الحسين عليه السلام، ونأمل من القيادة الحكيمة النظر في ذلك الأمر، إذ نحن في العهد الجديد ومسيرة تضمها الحريات والاستقرار والرفاهية والنهضة الاقتصادية في ظل أمير البلاد سمو الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الأمين سمو الشيخ نواف الأحمد حفظهما الله والحكومة الرشيدة برئاسة سمو الشيخ ناصر الصباح·
* ما نريد أن نقوله عن التدين السياسي فلقد مرت أوروبا منذ ثلاثة قرون بفترة الغليان والصراعات الدينية والطائفية التي تشهدها في العالم الثالث اليوم، وشهدت اجتهادات دينية أسفرت عن معارك وحروب وعمليات اضطهاد بين المذاهب المسيحية، وما زالت بعض ذيولها موجودة في بعض المناطق مثل آيرلندا، وجاء اكتشاف العالم الجديد في أمريكا منفذا للمضطهدين من الأقليات، وقد أقام المهاجرون لأمريكا وأستراليا صروحا ضخمة اقتصادية وسياسية مستفيدين من أجواء الحرية، بينما استمرت أوروبا تتعثر في أوهان صراعاتها التاريخية وانبثق عن ذلك الشيوعيون في أقصى اليسار، والنازية في أقصى اليمين إضافة الى المواجهات بين القوميات المتنازعة مما أشعل فتيل حربين عالميتين· |