في محاضرة في إحدى المدارس الكويتية·· تحدث وزير الطاقة ووزير الصحة بالوكالة عن مفهوم المواطنة الصالحة!! حيث أكد السيد أحمد الفهد أن حب الوطن هو أساس المواطنة الصالحة·· فمتى عشق الإنسان وطنه أصبح قادرا على استيعاب كلمة المواطنة·· مشيرا الى أن حب الوطن وحده لا يعني المواطنة الصالحة بل يجب إسناده بتقديم الجهود وبذل التضحيات· وأشار "الفهد" الى أنه من أكبر السلبيات التي نعاني منها في الكويت أن المواطن يأخذ من وطنه أكثر مما يعطيه·· وهو أمر قد يؤدي الى دمار مفهوم المواطنة داعيا الجميع الى خدمة الكويت من خلال الإنتاجية في وظائفهم!!
تعريف السيد "أحمد الفهد" للمواطنة هو تعريف صحيح ولا غبار عليه!! لكن الغبار الذي أثاره الفهد جاء في إشارته الى أن الكويتيين يأخذون من وطنهم أكثر مما يعطون، وهو قول فيه الكثير من الجفاء والإنكار لدور المواطن الكويتي في كل ما حققته الكويت عبر تاريخها المدون·
لقد أعطى الكويتيون قبل النفط وبسخاء ممزوج بعرق فجره جهدهم وإصرارهم على تتويج الكويت درة الأسفار والغوص، ولولاهم لما دوَّن التاريخ دور الكويت البارز والريادي في كشف أغوار البحار وكنوزها، ولولا عطاء الكويتيين لما تدشنت رحلة الكويت مع الديمقراطية، والتي مهدت لها حركات تنويرية قادها مواطنون كويتيون، وتوجتها ليلة الثلاثين من ربيع الثاني 1357 الموافق 1938 حين اجتمع أعضاء "الكتلة الوطنية" من المواطنين الكويتيين حيث صاغوا مطالبهم الديمقراطية في خطاب وجهوه الى الشيخ أحمد الجابر·· ليخرج المجلس التشريعي الأول بعد انتخابات نزيهة، وليتوج مسيرة الديمقراطية الكويتية فيما بعد مسلحة بدستور صاغه أهل الكويت الأحرار، ولولا المواطنون الكويتيون لما خرجت الكويت من براثن الوصاية البريطانية ورقابتها على الديمقراطية الكويتية خاصة حين وصل الأمر الى شؤون النفط·
ولولا الكويتيون، لما جاءت المبادرات المتعلقة بالثروة القومية، والتي يتحدث عنها اليوم وزير الطاقة "أحمد الفهد"، حيث سبقه النائب السابق عبدالله النيباري حين أعلن محذرا في جلسة الثلاثاء الموافق 28 مايو 1974 معددا المواضيع التي سيتناولها بقوله: "الموضوع الأول حول احتياط النفط وسياسة الإنتاج التي يجب أن نتبعها" والموضوع الثاني بناء الكوادر البشرية الكويتية وخاصة في صناعة النفط، والموضوع الثالث حول سياسة الاستفادة من الغاز الطبيعي، والموضوع الرابع تطوير القطاع الوطني في صناعة النفط، والموضوع الخامس حول مسألة تزويد البواخر بالوقود، والموضوع السادس بشأن تطبيق قوانين الضريبة وشروط الامتيازات على شركات النفط، والموضوع السابع حول استثمارات الاحتياطيات النقدية والأموال السائلة المملوكة للحكومة·
وزير الطاقة يرى أن "المواطنة الحقة لدى الكويتيين تبرز في الأزمات، وأنها موجودة في الأوضاع الطبيعية وتبرز بين الحين والآخر"·· وهو قول يتناقض مع واقع إنجازات المواطنين الكويتيين والتي لم يستحدثها الغزو·· وإنما شكل مظهرا واحدا من مظاهر المواطنة الكويتية الحقيقية·
الكويتيون إذاً لم يأخذوا من وطنهم أكثر مما أعطوا·· وكما جاء في قول وزير الطاقة فعطاء الكويتيين لوطنهم مدون بصفحات ناصعة في صحائف التاريخ، وهو عطاء لا يخضع أبدا لحسابات المنة والفضل، وإنما ليقينهم بدورهم وبمسؤوليتهم تجاه هذه الأرض، وتجاهل كل من عليها، منذ بدأت رحلة العطاء الكويتي·
suad.m@taleea.com |