رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 ربيع الاول 1426هـ - 20 ابريل 2005
العدد 1674

التنمية الإنسانية العربية
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

تأخذ الدعوة الى الإصلاح السياسي زخما كبيرا في الآونة الأخيرة مع اهتمام العالم، وبالذات الولايات المتحدة في المنطقة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر· وتسليط الأضواء على أوضاع البلاد العربية: تحليلا ونقدا، أصبح تعبيرا عن هذا الاهتمام· ولعل تقرير "التنمية الإنسانية العربية" الذي نشر مؤخرا يأتي ضمن هذا السياق· لا يمكننا بالطبع القيام بمناقشة تفصيلية لما جاء فيه بهذه العجالة، إذ حسبنا التركيز على بعض نقاطه التي نرى أن لها أهمية أو هي بحاجة الى توضيح·

يحاول التقرير أن يبعد العوامل الثقافية "كالعقلية العربية" أو "تعاليم الدين الإسلامي" كعلاقة سببية لغياب الحرية والديمقراطية في مجتمعاتنا العربية، وهي حجة دأبت الكثير من الأوساط الغربية: أكاديمية وإعلامية وسياسية على ترديدها· إذ ما يدحض تلك الحجة هي نتائج "مسح القيم العالمي" الذي شمل تسع مناطق من العالم بما فيها البلدان المتقدمة، فقد جاء العرب على رأس قائمة الموافقة على أن "الديمقراطية أفضل من أي شكل آخر للحكم" وعلى أعلى نسبة رفض للحكم التسلطي·

إذن، لماذا تشكو المجتمعات العربية من شيوع الاستبداد والحكم التسلطي؟ إجابة التقرير عن هذا السؤال الجوهري تكمن في "تضافر بنى اجتماعية وسياسية واقتصادية" يطلق عليها "التنظيم المجتمعي" المركب بطريقة "تحمل بذور وأد الحرية"· وهذا التنظيم المجتمعي يتكون من سلسلة من الحلقات المتشابكة التي تشكل نسقا يعيد إنتاج ذاته بواسطة أولى حلقاته المتمثلة بالأسرة، حيث يتلقى الفرد العربي في كنفها التنشئة الاجتماعية القائمة على الرضوخ والتبعية· ثم المؤسسات التعليمية وما تكرسه من نزعة التلقي والخضوع والابتعاد عن تنمية روح الحوار والتفكير النقدي، مرورا بعدئذ بحياة الكسب والبحث عن الرزق ونظام العمل القائم على إطاعة الأوامر والبعد عن "المبادرة الفردية"· أما حصيلة تلك الرحلة الطويلة فخلق إنسان عربي فاقد للإرادة الحرة· وتكون البنية السياسية تعبيرا لحالة الإنسان العربية تلك·

هذه الحلقات المجتمعية المتساندة وظيفيا تحبط كل قدرة على العمل المستقل وقيام تحرك جماهيري فاعل بإمكانه تحدي البنى القائمة· وعليه، تفتقر "الحركة الديمقراطية الى قوة دفع حقيقية"· غير أن واضعي التقرير لا ينسون فعل العوامل والقوى الخارجية - الدول الكبرى تحديدا - ومحاولتها الاحتفاظ "بالوضع القائم" أو غض النظر عن عوراته ومساوئه· ولعل أبرز تلك العوامل اكتشاف النفط واعتماد تلك الدول عليه فضلا عن إنشاء الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي·

وحسنا فعل التقرير حينما أعطى لحقوق الأقليات والعمالة الوافدة والمرأة حيزا مرموقا من اهتمامه· فهو يشير الى ظاهرة "البدون" أو عديمي الجنسية، التي يرى أنهم يعاملون "كأجانب"، والمتجنسون، الذين يعاملون كمواطنين من "الدرجة الثانية" والذين "لا يحق لهم الترشيح في الهيئات التمثيلية أو التصويت في الانتخابات"· وفي هذه النقطة يفتقر التقرير الى الدقة القانونية، فالمتجنسون - حسب قوانين الجنسية في البلاد العربية - غير محرومين حرمانا أبديا من المشاركة في الهيئات التمثيلية، بل إن هذا الحرمان هو لفترة معينة تسمى فترة اختبار الولاء، وتختلف مدتها تبعا لظروف الدولة· ويشير التقرير في هذا الصدد أيضا الى "أصحاب البطاقات" في المناطق الحدودية في السعودية، والى الأكراد المحرومين من الجنسية إثر تعداد 1962 في سورية - ويسمون بالمكتومين - الى فئة "الأخدام" ويسمون أيضا بفئة "النقص" في اليمن· والى طائفة "الحراطين" (الأرقاء المحررين أو المعتوقين) في موريتانيا· وينتقد التقرير نظام "الكفيل" المعمول به في دول الخليج العربي· أما المرأة فتعاني الكثير من صنوف التفرقة لعل أبرزها التمييز ضدها فيما يخص اكتساب أبنائها جنسيتها أسوة بالرجل· وفي هذا الصدد يغفل التقرير التعديلات التي أدخلت على قوانين الجنسية فيما يخص أبناء المرأة في كل من المغرب ومصر والأردن وبالطبع تونس التي سبقت تلك الدول، والتي أنصفت المرأة في هذا الخصوص·

ويلمس القارئ عدم دقة التقرير بل وقوعه في بعض الأخطاء القانونية حينما يطلع على تلك الفقرة المتعلقة بعقوبة "إلغاء المواطنة"· فاللغة المتسخدمة توحي بأن كاتبي التقرير هم من "الهواة" وليسوا من المتخصصين المهنيين· إذ يقول التقرير: "ولعل أقصى أشكال الإقصاء خارج المواطنة هو إمكان سحب الجنسية من المواطن العربي الذي تتيحه التشريعات العربية بمقتضى قرار إداري من مسؤول حكومي دون مستوى الوزير في بعض الحالات"· وهذا الكلام غير دقيق بل خطأ من الناحية القانونية·

إذ يخلط هو بين حالتي سحب الجنسية وإسقاطها· ولا شك أن إسقاط الجنسية عقوبة أشد إيلاما من سحب الجنسية· أما حالة سحب الجنسية فتنطبق على المتجنس (الذي اكتسب جنسية دولة أخرى بمنحة منها وارتضى بشروطها) وبالتالي، يحق للدولة، في حالة خروجه على تلك الشروط، أن تسحب جنسيته وبإمكانه استعادة جنسيته الأصلية· أما إسقاط الجنسية فهو ينطبق على المواطن بصفة أصلية، حيث إن إسقاطها يعني فقدان جميع حقوقه المدنية ووقوعه في حالة انعدام الجنسية أو ما يعرف باللغة الدارجة بحالة "البدون"· وقد أسقطت الولايات المتحدة جنسية الممثل المشهور شارلي شابلن أيام مكارثي، وأسقطت "الجمهورية العربية المتحدة" أيام عبدالناصر جنسية بعض مواطنيها من الإخوان المسلمين الذين هربوا الى الأردن والسعودية، ثم ما قامت به المملكة العربية السعودية والكويت من إسقاط لجنسيتي ابن لادن وعبدالله بوغيث· والحق، إن الاتجاه العالمي الآن هو إلغاء هذه العقوبة القاسية·

ولما كانت المسائل المتعلقة بالجنسية من موضوعات السيادة عادة، فإن قرارات كإسقاط الجنسية وسحبها لا تتخذ إلا من أعلى السلطات - على عكس ما يدعي التقرير - فتصدر بها مراسيم من مجالس الوزراء· ويستطيع المتضرر اللجوء الى القضاء أو الى الجهة نفسها للتظلم·

على أن بعض مثالب التقرير القانونية لا تقلل من شأنه أبدا، فنقد الأوضاع توطئة لإصلاحها هو هدف الساعين لخلق مجتمع عربي حر قائم على العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان·

alyusefi@taleea.com

�����
   

لأ.. كلنا كويتيون..!!:
عبداللطيف الدعيج
الاختيار من باريس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
رحلة العطاء الكويتي:
سعاد المعجل
"جاي يطيبها عماها!!":
علي أحمد البغلي
مافيا الكتابة:
محمد بو شهري
بعد 40 سنة هل أهل الكويت قاصرون؟:
يوسف مبارك المباركي
الصين والهند:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
ديمقراطية أريد وزيرا!:
المحامي نايف بدر العتيبي
ذكرى وألم!:
عامر ذياب التميمي
التنمية الإنسانية العربية:
د. محمد حسين اليوسفي
قانون البلدية الجديد:
م• مبارك عبدالله البنوان
بين النائب والوزير:
فيصل أبالخيل
هل تصدقون الإدارة الأمريكية؟!:
عبدالله عيسى الموسوي
عاجل إلى الشيخ صباح الأحمد:
مبارك البغيلي
ما الذي أنجزته البحرين من الميثاق؟:
موسى داؤود
انتخابات التمثيل النسبي هي البديل:
فيصل عبدالله عبدالنبي
"أزمة التخلف السياسي":
علي غلوم محمد
جمعية المحاسبين.. من يطالب من:
عبدالحميد علي
رسالة ليست للنشر:
أنور الرشيد