إن المراقب للأحداث السياسية في هذا البلد يجد ملاحظتين تشدان اهتمامه: الأولى هي كثرة تعاقب الحكومات، والثانية هي إدارة الأحزاب للحركة السياسية دون إشهار هذه الأحزاب التي تتحرك على شكل أفراد بأهداف حزبية محددة داخل قبة البرلمان، ومن هنا تنشأ الصراعات بين ما تريده هذه الأحزاب على شكل أفراد وبين ما تريده الحكومة·
هناك فجوة كبيرة أيضا بين طموح النائب ومصالح الحكومة، وبين الواقع الذي يعيشه المواطن، هذه حقيقة يجب أن نعترف بها، فلا يعقل أن تكون هناك أكثر من ثلاثين حكومة تعاقبت في تاريخ الكويت السياسي، أي بمعدل حكومة كل سنة ونصف تقريبا، إذا هناك خلل يجب إصلاحه!! أولا كيفية اختيار الوزير والسرعة والوقت في اختياره من جهة، ومن جهة أخرى مستوى التفاؤل والحماس والأعمال والإنجازات التي يريد الوزير أن ينقلها من مخيلته إلى الواقع، فيتشتت وتتضارب المسؤوليات كأن يأخذ وزارة بالنيابة، وهذه موضة حديثة على الشارع السياسي ويصبح الوزير الذي يقاوم جميع مظاهر الفساد وعدم الإنتاجية في الوزارتين وضغط الحكومة وتلويحات المجلس له بالاستجواب وكذلك الشعارات والوعود التي أطلقها قبل تسلمه الوزارة ومصالحه الشخصية وواجباته لأسرته كل هذه الأمور تساهم في النهاية في أن يلقي التحية ويذهب ويمارس حياته الطبيعية بعيدا عن مهنة الأشقياء·
أما الملاحظة الأخيرة فهي متعلقة بالنائب حتى قبل دخوله البرلمان، فإما أن يكون منتميا لقبيلة معينة أو حزب معين أو طائفة معينة أو مستقلا، فهو يعيش في صراع بين رغبات الغير وبين ما يحمله من مبادىء وبين أروقة ودهاليز السياسة، وكيف يتعامل مع هذا الحزب، أو كيف يتعامل مع الحكومة، وماذا عمل لأبناء الدائرة أي نوع من اللجان سوف يختار للعمل بها داخل البرلمان في النهاية يصل إلى قناعة بأنه إذا أراد الظهور مرة أخرى في قبة البرلمان، وعليه مراعاة مصالح أبناء الدائرة الذين يطالبونه ببعض القضايا المصيرية بالنسبة إليهم مثل الصحة والتعليم والإسكان والأمن· طبعا فيشد الحزام ويلاحق الوزير لتصريحه وتعهده بحل مشكلة الإسكان خلال خمس سنوات، ويلاحق الوزير الآخر لفرض رسوم على الأدوية أو عمل المستشفيات، وهكذا يتطور الأمر بين النائب والوزير ويصل إلى مرحلة الصدام وإن لم يكن هذا الوزير من أصحاب العضوية الدائمة في الحكومة فسوف يستقيل الوزير ويذهب لعمله السابق وإما أن يكون من أصحاب العضوية الدائمة فسوف تستقيل الحكومة لأنها متضامنة، وهكذا تتعاقب الحكومات وتُحل المجالس الديمقراطية في الكويت· ولكن أين الحلول لمشاكلنا المزمنة؟ لننتظر الحكومة المقبلة حيث يوجد لديها الخبر اليقين!
obo_mansoor76@hotmail.com |