بحلول الرابع عشر من فبراير عام 2005 تكون قد مضت أربعة أعوام كاملة على العمل بمشروع ميثاق العمل الوطني الذي أفرز حالة متميزة من التوافق الوطني، كما أن ظروف تولي الملك زمام المبادرة في هذا البلد وتصدره مقعد الرجل الأول في السلطة جعل منه رجل الإصلاح الأكثر شهرة بين نظرائه في العالم العربي والإسلامي· ومع انقضاء أربعة أعوام على هذا الحدث التاريخي، وفي الوقت نفسه الذي تبلورت فيه ملامح المشروع الإصلاحي التي هي التأسيس لمقومات المجتمع المدني المعاصر، وسيادة دولة المؤسسات وتعميم سيادة القانون في المجتمع المدني المعاصر، وإطلاق نداء الحوار مع الآخر بدل الإقصاء فإنه في هذا الوقت برزت على سطح الساحة السياسية البحرينية مجموعة من الأسئلة الحائرة التي تبحث عن إجابات يرى أغلب المراقبين أنها باتت أكثر من ضرورية، أسئلة تتعلق بمستقبلنا كمجتمع وكدولة، وتتعلق بمسيرتنا الديمقراطية والإصلاحية، عن كيفية المسيرة، وعن الهدف الذي سنصل إليه في ظل تحديات داخلية كبيرة وأخرى إقليمية خطيرة، على الرغم من أن الاتفاق العلني أو الضمني بين الجميع في البحرين على مجموعة من المقاصد الأساسية التي على رأسها دعم مشروع جلالة الملك الإصلاحي بهدف الوصول الى دولة المؤسسات، وهذا الملف الذي يأتي متزامنا مع هذه المناسبة وطرحه لتلك الأسئلة الحائرة ليس الهدف منه النقد الذاتي السلبي، بل هو مشروع يحاول أن يشير الى الجوانب المهمة في عملنا الوطني، وذلك للكشف عن بنيتنا السياسية وتحليلها بما يخدم مصالحنا الوطنية، وأيضا فإن عملية طرح الأسئلة والإجابة عنها من قبل أشخاص ينتمون الى جهات فكرية وسياسية مختلفة ليست محاكمة فكرية لتجربتنا الوطنية الفتية، بل هي غاية مستقبلية صرفة تهدف الى إحداث دوي في شعورنا الوطني، وطرح مسائل وإثارة إشكالات وتأسيس فكر ووضع قضايا في شعورنا الوطني·· إن ميثاق الوطن هو البوصلة الأولى في رصف درب ديمقراطيتنا الوليدة التي نريد أن نصل الى التجارب الديمقراطية العريقة في عالمنا المعاصر، ومن الطبيعي أن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث في يوم وليلة، ولكن يراد بها زمن التدرج، وإن تراكم التجارب يتم عن طريق الصراعات التي نشهدها في مجمل القضايا التي يواجهها شعبنا، وهي التي ستشكل في نهاية الأمر تجربتنا الخاصة التي نرى ضرورة أنه قد آن الأوان لقاطرة جديدة تتطلبها مرحلة تاريخية جديدة لتشكل قاطرتها التاريخية وميثاقها الوطني المناسب· إن أهم منجزات الميثاق، أنها أعطت مرجعية دستورية تشريعية رقابية تعبر عن ذلك التوازن الذي حدث ما بين السلطة الرقابية الشعبية من خلال ممثلين في مجلس النواب والذين لديهم السلطة الرقابية والمحاسبة والاستجواب وطرح الثقة بالإضافة الى سلطة التشريع ممثلة في مجلس الشورى المعين وفي ذلك التوازن المثالي مع مجلس النواب المنتخب، ونتيجة لذلك أصبحت لدينا مرجعية واضحة في تلك المعادلة والفصل بين السلطات الثلاث القضائية، التشريعية، التنفيذية والدستورية، ولكن هناك إشكاليات في العمل السياسي بين السلطة والشعب المتعلقة بالدستور، التجنيس العشوائي، التمييز في الوظائف والشفافية· إن حل هذه الإشكاليات لن يتم إلا بالحوار والشفافية، بأن يكون الحوار قائما على الشراكة، وهي مسألة تتحملها السلطة والمسألة الثانية ضرورة انخراط المعارضة في الوسائل المتاحة للتغيير والإصلاح من مؤسسات وهيئات والتي فيها البرلمان وهي مسألة تتحملها المعارضة بأطيافها وألوانها المختلفة·

إن مشروع جلالة الملك الإصلاحي يسير ببطء لأن السلطة لم تنفذ المشاريع التي يتبناها المجلس الوطني الذي في صالح الشعب بل تتلكأ في تنفيذها بالشهور والسنين، فكيف يمكن أن تتطور وتقدم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك؟!

ü كاتب بحريني