رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 ذو القعدة 1425هـ - 29 ديسمبر 2004
العدد 1659

متاهات الحوار
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

خلال زيارته للكويت في الفترة من 18-21 ديسمبر 2004، تحدث الدكتور سعد الدين إبراهيم، وهو صديق قديم، عن مسألة التغيير السياسي وعمليات الإصلاح الاقتصادي في البلدان العربية، ولا شك أن الدكتور سعد الدين إبراهيم يمثل تيارا فكريا يدعم الإصلاحات والتغيير وهو الذي طالب بأن يكون التغيير ناتجا عن المبادرات الوطنية حتى لا يضطر الآخرون إلى إنجاز التغيير في بلداننا حماية لأمنهم، وكما قال في إحدى مقالاته "بيدي لا بيد عمر" لكن المشكلة التي تواجه هذه الدعوة هي أن الكثير من النشطاء والمثقفين العرب ما زال يتوجس شرا من هذه الدعوات مما يدل على أن المناخ الثقافي والفكري في مختلف البلدان العربية يعاني من إرهاصات التخلف والجمود العقائدي وعدم التواؤم مع المستجدات الجارية في العالم، وإذا كانت مصر مركزا للإشعاع الثقافي منذ نهاية القرن التاسع عشر في هذه المنطقة من العالم فإنه من المؤسف أن ترى المثقفين المصريين من مختلف المدارس الفكرية، اليسارية والقومية والإسلامية، يعتبرون أن الدعوات المقبلة من الشمال، من الولايات المتحدة وبلدان أوروبا، والمطالبة بإنجاز الإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يعتبرونها تدخلات في الشأن الوطني لا يجب قبولها بل لا بد من التصدي لها ورفضها·· يعني ذلك أن الأنظمة الشمولية الديكتاتورية يمكن أن تستمر في الحكم مهما كانت شراستها وعنفها في تعاملها مع مجتمعاتها ورفضها التغيير الديمقراطي ما دامت ترفض دعوات الإصلاح المقبلة من الخارج!

لكن الدكتور سعد الدين إبراهيم سيظل متفائلا رغم كل ما واجهه من معاناة وإحباطات فهو يرى أن هذه المنطقة لا يمكن أن تظل في حال السكون الراهنة الى أمد بعيد وهي لا بد أن تتغير·· وهو يعتقد أن المشكلات الهيكلية الواضحة والكامنة في مختلف البلدان العربية تتطلب معالجات جادة لا يمكن أن تتوافر إلا في مناخات الديمقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة بعد أن فشلت الأنظمة الحاكمة من توفير أي معالجات من خلال الأسلوب الشمولي والأبوي·· وإذا كانت آليات انتقال السلطة من جيل الى آخر في أكثر من بلد عربي تمثل معضلة حقيقية لعمليات الإصلاح فإنه يرى أن مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، على الرغم من وهنها، يجب أن تساهم في تفعيل الحوار حول أهمية التغيير الديمقراطي، ومن خلال الحوار يتأكد أن الأوضاع العربية الراهنة هي نتاج لتراكمات وأحداث سياسية واقتصادية مرت على العالم العربي من أهمها هيمنة العسكر على السلطة في بلدان عربية كثيرة، وضمور دور المجتمع الحضري في العملية السياسية وتكريس القيم الريفية والمحافظة، من جانب آخر لا يمكن إنكار أن الصراع العربي الإسرائيلي ساهم كثيرا في حال السكون هذه نتيجة لتغليب أولويات الصراع على مسائل الإصلاح والتنمية بسبب المواقف القومية المتشنجة والتي عطلت آليات التفكير العقلاني لإيجاد الحلول المناسبة لذلك الصراع وكيفية إنجاز عمليات التحول الديمقراطي·

أكثر من ذلك إنه من الغريب أن الدكتور سعد الدين إبراهيم يذهب بعيدا في آماله وتفاؤله حيث يرى أن قوى سياسية يمكن اعتبارها من القوى المحافظة، أو حتى الرجعية، مثل قوى الإسلام السياسي يمكن أن تتحول الى قوى ديمقراطية تقبل بقوانين اللعبة الديمقراطية وتداول السلطة سلميا·· وهو يبني ما يدعيه على حوارات أجراها مع ممثلي قوى الإسلام السياسي في مصر خلال تواجده معهم في السجن، قبل أن يطلق سراحه، وهي قوى الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي·· هل يعني ذلك أن هذه القوى أصبحت تقبل بالفكر الديمقراطي كما تعرفه البشرية، خصوصا المجتمعات المتطورة في البلدان الديمقراطية الأساسية في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية؟ هل تقبل هذه القوى المشاركة الفعالة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة؟ هل يمكن لهذه القوى أن تقبل حكما علمانيا بحيث لا يتم استخدام الدين وسيلة للقهر الفكري والثقافي، ويمكن لأحزاب لا تنتمي لمجموعة تلك الأحزاب أن تصل الى السلطة بطرق مشروعة ومن خلال صناديق الاقتراع؟ هذه الأسئلة تتطلب إجابات من قبل قادة وممثلي هذه القوى في مختلف البلدان العربية، وإذا كانت الإجابات إيجابية فهل يعني أننا سنشهد ظاهرة الأحزاب الإسلامية الديمقراطية مثل ما هو موجود من أحزاب مسيحية ديمقراطية في عدد من بلدان أوروبا الغربية أو بلدان أمريكا اللاتينية؟

لا ريب أن التفاؤل الذي يبشر به الدكتور سعد الدين إبراهيم يستحق المتابعة، وربما يمكن لنا أن نشهد تطورات في الساحة العراقية حيث إن هناك انتخابات تشارك فيها مختلف الأحزاب العراقية، بالرغم من وهنها الناتج عن طول مدة الديكتاتورية البائدة، حيث إن هناك عددا من هذه الأحزاب التي تحمل فكرا إسلاميا·· وإذا كانت تجربتي الكويت والبحرين لا تبشر بإمكانية تطور هذه القوى الأصولية نحو الفكر الديمقراطي العقلاني وقبول الفكر والرأي الآخر فربما تكون مجتمعات عربية أخرى مثل مصر وسورية والعراق ولبنان والمغرب وتونس أكثر نضجا بما يحقق نبوءة الدكتور سعد الدين إبراهيم·· لكن تظل الأمور قابلة للجدل والتوجس حيث إن سلوكيات المثقفين وقادة الرأي وقادة الأحزاب العربية، بما فيها الأحزاب المنتمية للإسلام السياسي، ما زالت مناكفة للإصلاح ودعوات التغيير في مختلف البلدان العربية، ونأمل أن يستمر الحوار العقلاني للتوافق على برنامج إصلاح تنموي·

tameemi@taleea.com

�����
   

قمة الجسور الخليجية:
سعاد المعجل
صرامة القانون في الحرب والسلم:
محمد بو شهري
ثوابت الأمة!:
فهد راشد المطيري
مضمون كنسي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
متاهات الحوار:
عامر ذياب التميمي
وزارات السيادة الدينية:
مسعود راشد العميري
من البحرين إلى المنفى(2-3):
د. محمد حسين اليوسفي
الإرهاب يواجه بالمقاومة:
عبدالله عيسى الموسوي
"أبو الحسن ورحيل الشجعان":
د. سامي عبدالعزيز المانع
هكذا شعب يستحق هكذا برلماناً:
فيصل عبدالله عبدالنبي
وعفا الله عما سلف
حقيقة اختراق الشبكة:
عبدالحميد علي
انتهازيون لا عهد لهم ولا ميثاق:
يوسف مبارك المباركي
فقدان النصاب "المقصود":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
فرنسا و"المنار":
رضي السماك