في تقديرنا لن تنتهي ظاهرة الاستجوابات البرلمانية الموجهة الى وزارات السيادة الدينية (التربية، الإعلام، الأوقاف) في كل فصل تشريعي لمجلس الأمة والمقدمة من التيار الديني "المبارك" حكوميا (لزوم الصفقات السياسية) والمهيمن على الحياة السياسية المحلية نتيجة تحالفاته القبلية والطائفية و··· نقول لن تنتهي هذه الظاهرة إلا بحدوث بعض الأمور الراديكالية التي لا بد منها:
أول هذه الأمور هو تسليم مقاليد الوزارات المذكورة الى التيار الديني عن طريق التوزير، بالطبع مثل هذا التوجه غير وارد في أجندة الحكومة وشريحة لا بأس بها من المجتمع نظرا للدور المركزي الذي تلعبه الوزارات المذكورة في توجيه الوعي التربوي والثقافي والأمني للمجتمع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تعارض الأيديولوجية الدينية للتيار الديني مع التصورات والأفكار الحكومية (والشعبية الى حد ما) لما ينبغي أن يكون عليه هذا الوعي المنشود تحول دون تحقيق هذا التوجه·
الأمر الثاني المطلوب للحد من هذه الظاهرة يتمثل في تولي قياديي الأسرة الحاكمة مقاليد الوزارات المذكورة· الإشكال في هذا المسار هو "دستورية أداة الاستجواب" والحرج السياسي للقيادات التي تجد نفسها بين مطرقة التشدد الديني وسندان الوضع الدولي الراهن!! مما سيعيدنا الى سياسة "التدوير أو الحل" بغرض التهدئة على حساب الصالح العام للأسف الشديد·
الأمر الراديكالي الثالث هو "الصحوة الفكرية"، إن جاز التعبير لكل الأطراف، الحكومة عليها أن تعي أن مهادنة التيار السياسي الديني وعقد الصفقات السياسية معه لن يؤديا إلا الى المزيد من التنازلات الدستورية في الحقوق والواجبات وذلك لأن المفهوم الديني للدولة الإسلامية الخاص بالتيارات السياسية الدينية لا يعترف بالدستور الوضعي بالأساس، التيار السياسي الديني عليه أن يدرك أن الديمقراطية هي خيار الأمة، وأن ديمقراطيتنا ناقصة (بفضل تحالفاته والتخاذل الحكومي) وغير ممثلة لكل فئات الشعب! وعليه أيضا الاعتراف بالتعددية الفكرية والمذهبية و·· للمجتمع وذلك للحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانتها، ونحن على ثقة بأن الشعب (في مجمله) يعي أن القبلية والطائفية، والانتخابات الفرعية، والدوائر الانتخابية الحالية··· كلها أمور لا تستقيم ومفهوم دولة المؤسسات القائمة على مبادئ الديمقراطية وحكم القانون· |