رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 شوال 1425هـ - 1 ديسمبر 2004
العدد 1655

أزمة اليسار!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

هل يمكن أن نزعم بأن هناك يسارا عربيا حقيقيا في أي من البلدان العربية، وكيف نعرف هذا اليسار؟ لقد نشأ اليسار في البلدان العربية الأساسية مثل مصر والمغرب وسورية والعراق والسودان منذ منتصف العشرينات في القرن الماضي وفي ظل الحكم الاستعماري آنذاك··· كما استفاد مؤسسو أحزاب اليسار العربية من تجارب الأحزاب الاشتراكية والشيوعية في الدول الأوروبية وحاولوا تطوير المنظومات الفكرية لأحزابهم بما يتوافق مع قيم الاشتراكية والفكر التقدمي··· لكن هذه الأحزاب اصطدمت مع قوى دينية وأحزاب قامت على أسس قومية مناهضة للفكر الأممي ومفاهيم التأخر بين الشعوب··· بيد أن الاضطهاد الذي واجهته قوى اليسار من الحكومات الوطنية بعد الاستقلال والذي تزايد بعد الانقلابات العسكرية في عدد من البلدان العربية أضعف تلك القوى وأوهن من عزيمتها وقدرتها على الصمود·· وبعد أن كانت تلك القوى تنادي بالديمقراطية وتحقيق السلام اندفعت لتساعد الأنظمة التي جاء بها العسكر وزايدت على الأحزاب القومية في مواقفها المتعلقة بقضايا متعددة·· ولا شك أن تبعية عدد من تلك القوى اليسارية للمواقف السوفييتية إبان الحرب الباردة دفع الكثير منها لمجاملة السلطات الحاكمة في البلدان العربية، وأحيانا التآزر معها دون أن يكون لها دور حقيقي في رسم السياسات أو تطويرها··· إن المأزق الذي عانت منه أحزاب اليسار تمثل أساسا في عدم تحديد موقفها من طبيعة الأنظمة الحاكمة وعدم اتخاذ مواقف واضحة وجلية بشأن أهمية الديمقراطية وتداول السلطة··· وكان من المواقف غير المفهومة هو تأييد أنظمة مستبدة بدعوى أنها أنظمة مناهضة للاستعمار والإمبريالية··· حدث ذلك في فترة زمنية طويلة امتدت من بداية الستينات من القرن العشرين وحتى بداية هذا العقد، خلال ذلك فقدت الكثير من هذه مشروعيتها الفكرية ومبررات وجودها كقوى مناوئة للاستبداد وداعية للتقدم الحضاري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية··· خلال هذه الفترة نمت التيارات المتخلفة والمتلحفة بالدين وعززت مواقعها في مختلف المجتمعات العربية وأحدثت ردة حضارية وثقافية وعطلت عملية التقدم البطيئة والتي بدأت منذ العشرينات من القرن الماضي نأتي بعد ذلك الى المواقف التقليدية للأحزاب اليسارية من مسألة الملكية للأعمال والأصول حيث كانت تلك الأحزاب تؤثر الملكية العامة، أو الشمولية وتحتقر مبادئ الملكية الخاصة، ماذا حدث نتيجة لعمليات التأميم والمصادرة والتي جرت في ظل حكومات ديكتاتورية وبيروقراطيات فاسدة؟ ألم تتراجع معدلات النمو وتنخفض مستويات الأداء؟ هذه الحقائق لا بد أن هناك عددا من اليساريين الذين راجعوا مواقفهم على ضوئها·· لم تفلح عمليات التأميم وحكر القطاعات الأساسية على الملكية العامة وطرد المستثمرين أو مصادرة أموالهم، لم تفلح إلا بتحقيق خراب اقتصادي شامل وتدهور في مستويات المعيشة وانتقال أموال وطنية الى الخارج بحثا عن الاستقرار وهروب الكفاءات المنتجة للقطاع الخاص الى البلدان الأجنبية··· وبدلا من أن يتطور اليسار العربي باتجاه الاستفادة من القطاع الخاص في توظيف الأموال في مشاريع التنمية وخلق فرص العمل وفي الوقت ذاته تحسين شروط العمل ورعاية الاحتياجات الاجتماعية لقطاعات كثيرة في المجتمع·

لا بد أن الظروف في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تختلف عن الظروف الاجتماعية والسياسية التي سادت في بلدان عربية كثيرة في العقود الستة الأولى من القرن العشرين، حيث تختلف القيم وتطورت الأوضاع الاقتصادية وازدادت أعداد البشر، كما أن التطرف الديني أخذ يسود في المجتمعات العربية، ويحلها، بالرغم من ارتفاع مستوى التعليم وتحسن وسائل الاتصالات والإعلام، الى بؤر إرهاب فكرية وثقافية ومرتعا للمتطرفين المستعدين لاستخدام لغة العنف وأساليب الإرهاب مع الذين يختلفون معها بالرأي والتوجهات·· كيف يمكن لمنظمات اليسار العربي أن تطور رسائلها السياسية لتفعل قيم الفكر التقدمي من خلال وسائل مختلفة وطرح معالجات جديدة للمشكلات التي تواجه غالبية الناس؟ هل المراهنة على العداء للغرب ما زالت مجدية؟ وهل هناك أوليات للمواجهة، ومع من؟ وما هي الخلافات؟ هل يمكن أن تتحول هذه التنظيمات الى قوى ديمقراطية تهتم بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وتعتني بالقضايا الحيوية من دون ترديد الطروحات القديمة غير المجدية؟

أما المسألة الأخرى ذات الأهمية التي تواجه تنظيمات اليسار فهي قضية تجديد الكوادر والقيادات وجذب العناصر الشابة حيث إن معظم هذه التنظيمات تعاني من شيخوخة العضوية وعدم تجديدها وهيمنة الكوادر المسنة على القيادات ومراكز اتخاذ القرارات··· وليس بالإمكان إنجاز التجديد والإصلاح دون إحداث تجديد في الكوادر وإفساح المجال أمام أجيال جديدة لتولي المسؤوليات وتحديث الثقافة والفكر·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

الانتحار من جسر الصبية:
سعاد المعجل
شيوخ وراقصات:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
مات لكن القضية باقية:
المحامي نايف بدر العتيبي
بيان الرباعي المظلم:
محمد بو شهري
خدعتك خطبهم الرنانة!:
فهد راشد المطيري
أزمة اليسار!:
عامر ذياب التميمي
مآسٍ من أرض الواقع:
عبدالله عيسى الموسوي
"تكفا يا أحمد حيلني":
أنور الرشيد
السيارة الألمانية والنظريات الإصلاحية:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الفضائيات..
وفن إدارة الأولويات:
عبدالخالق ملا جمعة
من أين لك هذا؟:
عبدالحميد علي
أحاديث صريحة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
مغزى فوز "ماثاي" بنوبل للسلام:
رضي السماك