بعيدا عن التحليلات السياسية عن طبيعة المرحلة في الصراع مع اليهود، والمناظرات البيزنطية حول جدوى استمرار المقاومة أو ضرورة إيقافها ومدى الآثار المترتبة على أي تحركات سياسية لسلطة الحكم الذاتي في المجتمع الدولي من أجل لفت الأنظار لمأساة الشعب الفلسطيني فإننا في الأسطر القادمة، نستعرض بصورة موجزة بعضا من النتائج الإنسانية للهجمات الصهيونية اليومية على المناطق السكنية، حيث باتت مثل هذه الأخبار المؤلمة لا تحظى بأدنى اهتمام في وسائل الإعلام كافة·
"أم موسى الدقس" امرأة فلسطينية تسكن في منزل كبير يتكون من ثماني غرف ويضم قرابة 30 شخصا، تقول والألم يعتصر قلبها: "هدموا منزلنا في إحدى الاجتياحات من دون سابق إنذار·· فجأة، وجدنا الجرافات تدخل المنزل فهربنا جميعنا"·
وعن هدف تدمير المنزل، تقول أم موسى إن جنود الاحتلال قالوا لها بأنهم يريدون عمل شارع وسط المخيم لتتمكن الدبابات من المرور بسهولة·
شخص آخر قال بأنه عندما عاد لمنزله وجده مهدما وأولاده وزوجته يبكون عند ركام المنزل، وأنه قد حاول عبثاً الحصول على الأموال والأوراق الرسمية تحت الأنقاض وقال بكل أسف: "زوجتي منهارة، ولا أدري ماذا أفعل في الأيام القادمة وكيف ستكون حياتنا؟ حتى أحلامنا البسيطة دفنت تحت ركام هذا البيت"·
أما "جهاد عليان" فقال إنه في أثناء تواجده وأسرته في صالة المنزل سمع جنود الاحتلال يصرخون بهم لكي يخرجوا من المنزل وفجأة أصبحت الجرافة في وسط المنزل ووجد المنزل ينهار، فلم يجد من سبيل سوى أخذ أطفاله والهرب خارج المنزل·
وأضاف عليان: "ربما فقدنا المنزل وما به من حاجيات وأموال وأثاث ولكن كل ذلك فداء أصغر طفل فلسطيني لن نرفع الراية البيضاء مهما حدث"·
أما الحاجة: "انتصار الغرباوي" فقد قالت إن حياتها أصبحت خوفا في خوف، لأنها تسمع أصوات الرصاص في الليل والنهار وهي تنطلق من الدبابات والصواريخ، تقتل الأطفال وتدمر المنازل، وفي ظل هذا الوضع، حرم آلاف الأبرياء من الماء والكهرباء والهواتف وغيرها من أساسيات الحياة·
إنها مأساة حقيقية يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد، والحل ليس كما يصور البعض في أن تتوقف الانتفاضة البطلة أو أن تتحول للمقاومة السلمية، بل الحل في استمرارها لكي يبقى توازن الرعب مع هذا العدو قائما حتى يحقق الله وعده الذي كان مفعولا·
abdullah.m@taleea.com |