في محاولته لاختبار سيناريوهات معدة مسبقا أجرى تيموثي فراي استطلاعا لآراء مئتين وخمسين من أصحاب الحوانيت في ثلاث مدن في روسيا ومدينة في بولندا عامي 1996 و 1998 بشأن قضايا مختلفة تتصل بالتنظيم البيروقراطي والفساد، وبتحليل الأرقام خلص إلى أن مستويات الفساد في موسكو أعلى منها في وارسو، وقد رأى أن تحليل الفساد في روسيا وبولندا، فضلا عن أماكن أخرى في معظم دول أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفييتي السابق المستقلة حديثا، يجب أن يبدأ بفهم للكيفية التي تنظم فيها بيروقراطية الدولة لأن الفساد الذي تقوم به ما تسمى بالبيروقراطيات "غير المنظمة" يسبب ضررا اقتصاديا أكبر من الفساد الذي تقوم به بيروقراطيات "منظمة"· كذلك رأى أن الأدلة المستقاة من بولندا وروسيا توحي بأن الفساد، سواء كان منظما أو غير منظم، يمكن أن يرتب على الاقتصاد تكاليف مدمرة، فهو يخفض الاستثمار بسبب إمكانية حدوث أعمال رشوة من جانب مسؤولي الدولة، وهو أيضا يخفض المنافسة بمنحه التصاريح للذي يدفع أكثر وليس للأكثر كفاءة كما لاحظ تيموثي فراي - وهو بالمناسبة أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة أو هايو الأمريكية - أن ممارسات الفساد متشابهة إلى درجة مدهشة في الكثير من البلدان المختلفة الثقافة والأعراف·
وعودة إلى أوضاعنا هنا في الكويت فقد نشر في أكتوبر الماضي تقرير أعده البنك الدولي عن بيئة أداء الأعمال في عدد من الدول العربية تبين من خلاله أن في الكويت عددا كبيرا من الإجراءات المطلوبة لتسجيل شركة لا تقل عن ثلاثة عشر إجراء لتأتي بذلك في المرتبة قبل الأخيرة، أي قبل الجزائر وسبقتها أحد عشر دولة عربية، وبالنسبة للمدة الزمنية اللازمة لإنجاز إجراءات الترخيص جاءت الكويت في المرتبة الخامسة بمعدل خمسة وثلاثين يوما في 2004 مقابل ثلاثة وثلاثين يوما في 2003 وفي هذا كما يقول التقرير ما يشير إلى مستوى البيروقراطية وتدني حوافز الاستثمار·
وربما نجد في هذا التقرير إذا ما ربطناه مع استنتاجات تيموثي فراي ودراسات أخرى كثيرة مشابهة ردا على تساؤلات البعض عن سبب تراجع الكويت إلى المرتبة الرابعة والأربعين قفزة إلى الخلف من المرتبة الخامسة والثلاثين التي كانت عليها في العام الماضي على مؤشر مدركات الفساد الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية مؤخرا·
a2monem@hotmali.com |