ما أكثر ما تصادفنا تلك المقولة التي لا تستند على استطلاع للرأي موثوق، ولا على استبانة صادقة أو تحليل إحصائي مرصود بدقة، إنها مجرد “تخريجة” تقال نتيجة تلقيها البعض في جلسة ما، أو أنها انطباعات شخصية تكونت نتيجة للتخمين والظن لإسباغ الرأي الخاص عليها ليتم دحرجتها في أذهان الناس على أنها من المسلمات ومتفق عليها من الجميع، هذه هي: الناس يقولون!!
“الناس يقولون” مساحة كبيرة جدا للشائعات وتبادل الاتهامات وطنطنة نحن لا نحتاج إليها في وقت الرخاء فكيف بالوقت العصيب؟
“الناس يقولون” تعطي مجالا رحبا “للبلاغات الكاذبة” التي يتلذذ البعض باستخدام كل الأجهزة والتقنية الحديثة لتوصيلها بأسرع وقت ممكن ولأكبر عدد من الناس، “الناس يقولون” لسان العاجز في التحري عن الحقيقة وإثبات الذات وعدم قدرته على استخدام الحجج المنطقية لإقناع الآخرين في أي حديث قصر أو طال، “الناس يقولون” ضعف في مواجهة الآخرين فهي حماية للرأي الخاص الأحادي، والذي كما أشرنا تشكل نتيجة لانطباعات أو أحيانا تحاملا وتشفيا بالآخر، “الناس يقولون” دائما تستخدم بالحوارات ذات التوجيه السلبي للتحبيط من أجل أهداف بعضها معلوم وبعضها غير معروف نواياه وربما بعض مروجيها غير مدركين لأبعادها·
“الناس يقولون” كلمة ستظل مقدمة “تمريرية” في الحوارات العفوية بين الناس، طالما لا يوجد رسوم جمركية على ما يصدر من اللسان، ولا هناك من يتحقق من أقوال مطلقيها وترصدهم!
“الناس يقولون” جملة ضاعت بسببها كثير من القيم الجميلة وتشوهت مجموعة من العقائد والمعلومات الصحيحة المرتبطة بها وتهدمت معها أركان مهمة في العلاقات الشخصية والاجتماعية!
“الناس يقولون” تمثل إسقاطا لواقع اجتماعي محبط ومراسيم تصدر من غير ضرورة لإشاعة الباطل، وقاموس فارغ من المعلومات لا يخضع حقوقيا لأي دائرة نشر، وتعلم “الهذرة” من أجل “الهذرة”، “الناس يقولون” يستخدمها من لا يستطيع مقارعة الحجة بالحجة، “فيتنقب” للتستر بها أمام “ناس”، حيث يصعب عليه الاستشهاد والوثوق برأيه فيلصقه بخيال اسمه “الناس يقولون”!!
رشفة أخيرة
علينا أن نتبادل الإهداءات الجميلة بالمفاجآت والمصادفات فإن ذلك له وقع أكبر بكثير من انتظار المناسبات ولا بأس أن يكون التهادي بالأشياء البسيطة فالقيمة بما تجود به الروح الكريمة، وكل عام وقراء “الطليعة” بألف خير· |