قلب أناملك ما شئت من الفضائيات المحلية والعربية، لتكتشف كم هي البرامج المسماة قسراً "ثقافية" وتنحدر تحت برامج المسابقات بالتعاون مع شركات الهاتف "الخليوي" ذات النهب المقنن وبرعايتها المنظمة على الإسفاف بالعقول والجيوب!
رحم الله أيام برنامج "سين - جيم" في السبعينات من القرن الماضي، حيث كنا نستمتع بالمعلومة الدقيقة، وبالأشعار وبالنثر العربي القديم والتراث الأصيل، أما اليوم فمن برامج الثقيف الديني الى برامج المنوعات، نرى عينات الأسئلة السطحية بكل أنواها وتفاهة ما يعرض ويشاهد، والمشتركون وعلى الرغم من رغبة المذيع أو المذيعة تعليمهم الإجابة الصحيحة حتى يفوزوا بالجوائز، إلا أن الذاكرة لا تحمل شىئا يذكر، وقلة الاطلاع الثقافي هي الفائدة التي لمسناها من هذه المسابقات حتى ينتبه القائمون على التعليم والثقافة بخطورة الوضع المعرفي عموما لدى الجيل المعاصر، يقول أحدهم إن ضعف القراءة لدى عامة الناس هي السبب المباشر لاختياره الأسئلة بهذه الطريقة، هذا طبعا جزء من الحقيقة أما الجزء المخفي يكمن في الرغبة بالربح السريع لدى شركات الاتصال من خلال تسهيل السؤال وبالتالي زيادة أعداد المشاركين ومن ثم مضاعفات "التحصيل" النقدي والذي لا تعلن الشركات عن قيمة كل "مسج" يصدر من وإلى المشترك وحتى ينتظر الفاتورة يكون قد أخذ نصيبه من النصب والاحتيال·· خطورة هكذا برامج ومسابقات أنها تشجع الكبار والأطفال من الصغر على تعلم الخداع والابتزاز والغش، وحتى نحلم من جديد ببرامج تثقيف تساعد أبناءنا على التطور العلمي يجب أن نفهم ماذا تريد شركات الاتصال من الناس أكثر مما فعلت بعقولهم وجيوبهم·· فهل حكم علينا أن ننتظر كل شهر مكرا جديدا؟! أم أن المبدأ الميكافيلي أخذ وضعا مشروعا في مجتمعاتنا؟! |