تمثل دول الجوار الجغرافي مشكلة حقيقية للعراق، وهي ذاتها تمثل أحد مفاتيح حل ما يجري على أرضه منذ التاسع من أبريل العام 2003· وإدراكاً لهذه الحقيقة البديهية " الجيوبوليتيكية " انعقد في الكويت في الرابع والخامس عشر من هذا الشهر مؤتمراً ضم هذه الدول فضلاً عن البحرين ومصر والأمم المتحدة ممثلة بالأخضر الإبراهيمي، العائد للتو من مهمة استطلاع آراء العراقيين حول نقل السلطة وإجراء الانتخابات·
ولعل حادثة الفالوجة، التي وقعت والمؤتمر في طور الانعقاد، قد أظهرت أهمية الجوار الإقليمي بالنسبة للوضع العراقي، حيث قتل شخصان يحملان الجنسية اللبنانية كانا بين المهاجمين، فالتسلل عبر الحدود العراقية الطويلة المحاذية لأكثر من دولة أصبح المصدر الرئيسي لاضطراب الوضع العراقي، فعبر هذه الحدود شبه المفتوحة تتسلل العناصر الإسلامية المتطرفة ممن يؤمنون بنهج القاعدة في العمل ويقومون بعمليات عنف لا يمكن أن تندرج في خانة المقاومة، فهذه العمليات تكون حصيلتها إزهاق أرواح عراقية بريئة من بينها أطفال ونساء وشيوخ تكون كل جريرتهم أنهم تواجدوا بالمصادفة في مكان الهجوم!! وقد كشفت وثيقة تم الحصول عليها في أحد أماكن اختباء هؤلاء ( من جماعة الزرقاوي الأردني) نية هؤلاء إثارة الصراع الطائفي عبر مهاجمة مساجد ورموز الطائفتين السنية والشيعية!!
لكن هذا التسلل لا يمكن أن يؤتي ثماره لولا وضع العراق الحالي وتركيبته الاجتماعية المعروفة بذلك الفسيفساء الديني والقومي والمذهبي الذي يمثله، وفي هذه التركيبة يجد هؤلاء المتسللون ملاذاً آمناً بين هذه الفئة أو تلك، من حماية ودعم لوجستي أو ربما إمداد بعناصر بشرية وأموال ومخابئ، فلا يكفي أن نلقي كل اللوم على انفلات الحدود دون أن ننظر إلى استعداد هذا الفريق أو ذاك في تسهيل مهمة هؤلاء، وهذه نقطة أخرى تتعلق جزئياً بالجوار العراقي لعل المؤتمرين قد ناقشوها، فلا يكفي ضبط الحدود لاستقرار الأوضاع، وإن كان شرطاً ضرورياً، بل المطلوب أيضاً من دول الجوار مد يد العون للشعب العراقي للنهوض وبناء مؤسساته الجديدة، وهنا يأتي دور الاستثمارات الخليجية بالذات ومسألة حل ديون العراق·
إن ما يفرح النفس هو ما خرج منه المؤتمرون من تركيز على وحدة العراق وعلى مساعدته لاجتياز المرحلة الصعبة التي يمر بها فضلاً عن إيلاء الأمم المتحدة دوراً مركزياً في رسم مستقبله، أما ما يفرح من الجانب العراقي فهو تأكيده على توجهاته الجديدة في العيش بسلام مع جيرانه في الحدود المعترف بها دولياً·
إنها بدايات جيدة ونأمل المزيد·
alyusefi@taleea.com |