رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 15 شعبان 1424هـ - 11 اكتوبر 2003
العدد 1598

تحديات السلام!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

قد لا يؤمن عدد من المثقفين العرب بأن هناك معسكرا حقيقيا ينادي بالسلام والتسوية النهائية للصراع بين العرب والإسرائيليين داخل إسرائيل لكنه في الحقيقة موجود وفعال، لم تكن مقالة إبراهام بورغ رئيس الكنيست السابق مجرد حملة دعائية بقدر ما كانت تعبر عن تيار داخل المؤسسة الإسرائيلية يريد أن يرى نهاية للصراع على أسس تختلف عن طروحات الفريق الحاكم، كما أن الممارسات التي تقوم بها السلطات الأمنية والعسكرية في إسرائيل ضد الفلسطينيين لا بد أن تقلق عناصر كثيرة داخل المجتمع الإسرائيلي، أليس الطيارون الذين رفضوا قصف المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية يمثلون تيارا في المجتمع يرفض استخدام البطش ضد المدنيين؟ ثم ألم تتجاوب عناصر مثقفة إسرائيلية مع مواقف أولئك الطيارين العسكريين؟ قد لا يكون معسكر السلام قويا كما كان عندما قامت القوات الإسرائيلية بغزو لبنان، وبعد أن مكنت عناصر في لبنان لارتكاب جرائم صبرا وشاتيلا ومن المؤكد أن هذا المعسكر قد أصيب بخيبة الأمل بعد أن قام الفلسطينيون بممارسة العنف المضاد واتباع وسائل الانتحار لإلحاق الأذى بالإسرائيليين دون تمييز، لكن تظل هناك روح تنحو باتجاه السلام وتريد أن تنهي هذا الصراع الدامي، ولا شك أن مسألة المفاوضات والسلام قد تراجعت بفعل ما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية ومنذ 28 سبتمبر 2000 بعد أن نشبت الانتفاضة الثانية، هناك عوامل كثيرة عقدت عملية السلام من أهمها أسلوب حكومة شارون في التعامل مع المطالب الفلسطينية بشأن استئناف التفاوض من أجل التسوية وإقامة الدولة الفلسطينية والإصرار على إنهاء كل أعمال المقاومة والعنف، كذلك لم تتمكن السلطة الفلسطينية من ضبط إيقاع الانتفاضة وجعلها حركة وطنية تهدف الى تحقيق الاستقلال الوطني ووقف عمليات الاستيطان غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية، كما أنها لم تتمكن من تحديد خطاب سياسي وطني مقبول دوليا حيث تتفاوت لغة الخطاب بين تنظيم وآخر، ولم تتمكن الكثير من الدول الأوروبية من التبني الكامل للخطاب الفلسطيني في ظل طروحات تحرير الأرض من النهر الى البحر وغيرها والطرح المعادي لليهود في أدبيات منظمات فلسطينية وعربية تتبنى الشعارات القومية والإسلامية، وإذا كانت خارطة الطريق التي طرحتها الإدارة الأمريكية هي الاستراتيجية التي وافقت عليها الأمم المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي وقبلت من الفلسطينيين والإسرائيليين فإن الأعمال الانتحارية من قبل الفلسطينيين وردود الفعل العنيفة عليها من قبل الإسرائيليين واستخدامهم عمليات القتل المتعمد لقادة المنظمات الفلسطينية قد أودع الخطة المذكورة في ركن الإهمال الى حين، ومما زاد الأمور تعقيدا هو حال التفاوت في الاجتهادات والمزايدات وروح الانفراد بالسلطة والقرار داخل السلطة الفلسطينية مما أنهى عمر حكومة أبو مازن، ربما يفلح أحمد قريع "أبو علاء" في تشكيل حكومة مقبولة من الأطراف المعنية، بما فيها الطرف الإسرائيلي، ولكن هل ستتمكن هذه الحكومة من وقف العنف والإرهاب والأعمال الانتحارية، وهل سيتجاوب قادة المنظمات الفلسطينية مع البرنامج السياسي لهذه الحكومة وتمكينها من التوصل الى صيغة تسوية مع الإسرائيليين؟

إذا كانت الإجابات عن الأسئلة المثارة آنفا غير سهلة ومعقدة فإن إمكانية تطوير المواقف في الجانب الإسرائيلي تظل أكثر صعوبة، ليس من جدال أن مسألة المستوطنات تظل الأكثر صعوبة حيث إن ما يقارب 200 ألف مستوطن يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة ولا يمكن التعويل على إمكانية قيام حكومة شارون بوقف الاستيطان دع عنك إزالة المستوطنات القائمة، هذه المستوطنات التي تكلف الاقتصاد في إسرائيل الكثير من الأموال ويتم الإنفاق عليها على حساب برامج اجتماعية يعتمد عليها قطاع واسع من الإسرائيليين لا يجد اليمين الإسرائيلي غضاضة في الدفاع عنها، وبتقديري أن هذه المستوطنات تمثل العائق الأساسي أمام التسوية ولا بد من وجود حكومة هناك تحدد برنامجا لوقف الاستيطان وإعادة المستوطنين الى داخل إسرائيل من خلال برامج متعددة وتعويضهم··· هنا لا بد من الاعتراف بأن السلطة الفلسطينية قد أفسحت المجال أمام اليمين في إسرائيل لإقامة المزيد من المستوطنات عندما رفضت في عام 2000 مشروع السلام الذي تفاوضت عليه مع حكومة ايهود باراك برعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، ولا نقول هذا الكلام على عواهنه بل إن عناصر فلسطينية سياسية ومثقفة تؤكد أن السلام بتلك الشروط كان سيؤدي حتما الى إقامة دولة فلسطينية على معظم الأراضي في الضفة والقطاع، وضياع تلك الفرصة التاريخية يؤكد أن العرب في تاريخهم المعاصر قد أضاعوا الكثير من إمكانات تحقيق السلام العادل والتحرر من الاحتلال بسبب طغيان ثقافة الرفض والحكم بإمكانية الحصول على فرص أفضل في ظل إدارات جديدة في الولايات المتحدة أو في إسرائيل، لقد ظل هذا النهج سائدا، بالرغم من الهزائم والانتكاسات العربية، منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا·

وإذا كانت فرص التسوية تبدو معقدة فما الآفاق المتوقعة؟ طرح عدد من العرب والإسرائيليين مقترحات قد لا تكون خيالية بقدر ما هي صعبة المنال، هناك عزمي بشارة، العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي، وهناك إسرائيليون تقدموا بفكرة إقامة دمج الفلسطينيين والإسرائيليين في دولة واحدة تضم إسرائيل والضفة والقطاع على أن تكون دولة ديمقراطية يحق لكل مواطن فيها ممارسة الحقوق السياسية والمدنية دون تميز ديني أو عرقي، وربما يكون هذا الحل هو الحل المثالي الذي يتيح إقامة دولة ديمقراطية حقيقية في منطقة الشرق الأوسط لكن هناك أسبابا تجعل المرء غير واثق من تحقيق هذا الحل، بداية توجد تجربة العرب داخل إسرائيل الذين يبلغ عددهم مليونا يمثلون عشرين في المئة من إجمالي السكان، هؤلاء ما زالوا يعانون من ممارسات عنصرية وعدم تمتعهم بكل الحقوق التي يتمتع بها اليهود داخل إسرائيل، ولذلك هل يمكن أن نتوقع قبول الإسرائيليين الكامل بمنح الفلسطينيين الآخرين كامل الحقوق؟ بعد ذلك يأتي تخوف الكثير من ساسة إسرائيل، ومن كل المعسكرات السياسية، من العنصر الديمغرافي حيث يرى هؤلاء إمكانية تزايد أعداد الفلسطينيين وتفوقهم عدديا على اليهود خلال عقد من الزمن، وبذلك يطغى الفلسطينيون في مثل هذه الدولة، لكن هناك في إسرائيل من يريدها أن تكون دولة ديمقراطية ويهودية في الوقت ذاته، وهؤلاء لا يريدون اضطهاد الفلسطينيين بأساليب الفصل العنصري أو المعاملة المدنية والبطش الأمني، وفي الوقت ذاته يريدون أن تظل إسرائيل دولة ذات أغلبية يهودية لذا فإنهم يرون أن الحل هو بالقبول بإقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل، كل هذه التيارات والطروحات تحتم على الفلسطينيين أن يضعوا نصب أعينهم برنامجا للتحرر الوطني مبني على حقائق واقعية تمكن من جذب التأييد العالمي لقضيتهم، لا ريب أن استمرار المقاومة بأساليب مدنية واستخدام كل القنوات الدولية للضغوط على الحكومة في إسرائيل ستمكن من التقدم في اتجاه التحرر والاستقلال يضاف الى ذلك أن توسيع رقعة المعارضة لطروحات اليمين المتطرف داخل إسرائيل ستكون ذات فائدة حيث إن معسكر السلام هناك يمكن أن يساهم في تحقيق التسوية على أسس عادلة، لقد عانى الفلسطينيون خلال السنوات الأخيرة من جراء العنف والإرهاب من كل الجهات وتقطعت أوصال الوطن الفلسطيني بفعل سياسات حكومة شارون وانعدمت فرص العمل والمعيشة للكثيرين بحيث بلغت نسبة البطالة أكثر من ستين في المئة، وليس من الممكن وضع حد لهذه المعاناة دون التوصل الى تسوية سليمة، وبالرغم من حال الإحباط الذي نواجهه في ظل هذه الظروف القائمة فإننا يجب أن نتفاءل عندما تأتي طروحات تدعو للسلام من الجانب الإسرائيلي ولا يجب الاستخفاف بها بغرور ثقافي، كما يفعل بعض الكتاب العرب دون أن يتحسسوا معاناة الفلسطينيين··· هناك إمكانات واقعية للبناء على هذه الطروحات ودعمها وتعزيز مواقف المعارضة داخل إسرائيل لكي تتمكن من الوصول الى السلطة وإنجاز السلام، ولا يمكن لهذه القوى أن تصل الى مواقع السلطة دون تبني الفلسطينيين لبرنامج وطني يدفع نحو التلاحم وتطوير قدرات التفاوض، والضغوط وتوحيد أساليب العمل دون اتباع أساليب العنف التي أضرت بالقضية أكثر مما أفادتها على مدى السنوات الثلاث الماضية·

tameemi@taleea.com  

�����
   

استراتيجية التطوير البرلماني: دعم النواب
الأعضاء الجدد بحاجة إلى معرفة برامج وإجراءات ونظم المجلس وتقاليد العمل البرلماني (1):
د· علي الصاوي
إدوارد سعيد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
من يفتح النافذة في جامعة الكويت؟:
سعاد المعجل
إنسانية مكاتب العمالة المنزلية:
يحيى الربيعان
تحديات السلام!:
عامر ذياب التميمي
التجنيس السياسي - تداعيات وآثار:
عبد الهادى مرهون
هل المثقـف الكـويتي معزول عما يـدور حوله؟
Ivory tower Syndrome!:
خالد عايد الجنفاوي
ضحية المواقف المشرفة:
عبدالله عيسى الموسوي
ما السلطة الخامسة في العراق؟!:
حميد المالكي
تسريع عملية تسليم السلطات للعراقيين:
د. جلال محمد آل رشيد