قد يفاجأ القارئ الكريم بعنوان هذا المقال إذ ليست هناك سلطة خامسة فالسلطات وكما هو معروف أربعة: التشريعية، القضائية، التنفيذية ثم أضيفت إليها سلطة رابعة هي الصحافة بعدما ازداد نفوذ الصحافة ووسائل الإعلام وأصبح لها تأثير كبير في مجرى الحياة العامة وكقوة ضغط وتساهم بشكل كبير وخطير في تشكيل الرأي العام وسياسات وقرارات أصحاب القرار خصوصا بعد ثورة تبادل المعلومات والأخبار بوساطة التقنيات الحديثة والمذهلة·
لكنني سأركز على العراق في وضعه الجديد وظواهره الجديدة وأبرزها نشر وتداول أكثر من 350 صحيفة ومجلة ومطبوعة متنوعة·
ومن يصنف كل هذا الكم الهائل يجد البعض منه تصدره الأحزاب السياسية ذات أيديولوجيات واتجاهات فكرية وبرامج وخطط وأطر تنظيمية وتلك المطبوعات ناطقة باسمها وتعكس ما تؤمن به من أفكار ومفاهيم وما تسعى الى تحقيقه من أهداف وبرامج بعضها الآخر فإن أصحابه كانوا حزبيين وقد تركوا أو أقصوا من تلك الأحزاب لكنهم في حقيقة الأمر ومهما ادعوا أو جاهدوا ليكونوا مستقلين بأفكارهم ونشاطاتهم فإن أسس ما كانوا يؤمنون به ينعكس بشكل إداري أو لا إداري على النتائج النهائية لتحليلاتهم وأطروحاتهم·
أما الصنف الثالث وهم قلة فهم مستقلون بالفعل ولم ينتسبوا يوما الى أي من الأحزاب السياسية·
هذا الصنف الثالث المستقل والذي يصدر صحفا ومجلات ومطبوعات منوعة أخرى هو الذي يجب أن يشكل السلطة الخامسة والذي يمثل في الواقع العراقي الراهن الغالبية العظمى من الشعب العراقي لتكون هذه السلطة المستقلة المحايدة رقيبة على مؤسسات الحكم وعلى كل الأحزاب الحاكمة أي الممثلة في أجهزة الحكم أو الأحزاب غير الممثلة في أجهزة الحكم لأن الأحزاب مجتمعة ومهما اتسعت تنظيماتها وازداد أنصارها فإنها لا تستطيع احتواء كل الشعب العراقي بين صفوفها وهي محكومة بأيديولوجياتها واتجاهاتها الفكرية والعقائدية وقياداتها المركزية وملاكاتها وأطرها التنظيمية وأهدافها المرحلية وطموحاتها الحزبية الذاتية المستقبلية·
وبهذا المعنى تكون هذه السلطة الخامسة هي المعبرة والناطقة باسم الغالبية العظمى من الشعب غير المنتسبة تنظيميا وعقائديا للأحزاب السياسية·
وهذه السلطة الخامسة لا تكتفي بالرقابة والنقد والتوجيه والإرشاد والتقويم بل هي تعكس مطالب وآمال ومعاناة وتطلعات تلك الغالبية بموضوعية بناءة وحوار سلمي، وتساهم وبفاعلية في التنمية والبناء والإعمار وتساهم في بناء المؤسسات الدستورية وترسيخها من منطلق الشعور العالي بالمسؤولية والحرص على حاضر ومستقبل الشعب والوطن، هذا الصنف الثالث من الصحف والمجلات والمطبوعات المستقلة والذي أطلقنا عليه تسمية "السلطة الخامسة" ما زال في بداياته الجنينية ولم يتبلور بعد وهو بحاجة الى فترة زمنية قد تطول وقد تقصر وذلك تبعا لتطوره ونمائه من ناحية الكم والنوع ومدى ارتقاء وعي المجتمع واستفادته القصوى من الموروث السياسي العراقي بكل وقائعه وأحداثه ومعطياته ونتائجه·
حقا نحن في العراق بأمس الحاجة الى سلطة خامسة تتبع منهج الحياد الإيجابي وعدم الانحياز والإخلاص والنزاهة والإيثار، سلطة خامسة لحمتها خدمة الحق والحقيقة بتجرد وتساهم في التنمية البشرية والطبيعية وتكرس مفهوم المواطنة الحقة، العراق لكل العراقيين دون تمييز وإقصاء وتحريم·
لنعمل جميعا على تكوين هذه السلطة الخامسة لتكون منارا لنا جميعا، سلطة خامسة تكون حصنا يتحصن فيه الجميع ومظلة يستطل بها الجميع ومنتدى يبثون به آمالهم وأحزانهم وملاذا آمنا يقيهم شرور أعدائهم ومحكّما يحتكمون إليه وراعيا لهم كالأم الرؤوم والأب الحنون وبستانا عامرا يقطفون من ثماره ما شاؤوا من القطاف·
تلكم هي السلطة الخامسة وهي اختراع عراقي بامتياز ولكنه مشاع ومتاح للجميع وفي كل الأمصار والحواضر والثغور!
"جابوك" في التآخي بعد الثقافية النسائية
بعد اللقاء الحميم الذي جمع السيدة صون كول جابوك - رئيسة منظمة نساء العراق وعضو مجلس الحكم بسيدات الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وفي مقدمتهن لولوة الملا - أمينة سر الجمعية، استضافت جمعية التآخي الكويتية - العراقية جابوك في مقر جمعية الخريجين في لقاء مميز جمعها بأبرز وجوه المجتمع المدني الكويتي، شيخة النصف، لولوة الملا، د· سهام الفريح، سعود العنزي، أنور الرشيد، عبدالرحمن الحمود، سراج البكر - أمين سر الجمعية الكويتية للصداقة والكاتب ورجل الأعمال حامد الحمود العجلان وآخرين وكان لقاء صريحا مثمرا·
هذه اللقاءات لها أهمية كبيرة في مسار تطبيع العلاقات الكويتية - العراقية كونها تنطلق من القاعدة العريضة للمجتمع وتؤسس كقاعدة لتعاون أشمل وأوسع وفي كل الميادين، نتمنى استمرارها وتعميقها كنهج ثابت لكلا الشعبين والبلدين الصديقين وعلى المنظمات العراقية المماثلة وما أكثرها أن تبادر فورا الى دعوة نظيراتها في دولة الكويت لزيارة العراق حتى يكون الجميع في عمق وجوهر المرحلة الجديدة التي أعقبت سقوط نظام صدام الدكتاتوري وبعد قطيعة قسرية طويلة تحتاج الى عمل متواصل وتعاون أكبر·
"العربي" في العراق·· والأمثال!
بعد المبادرة الطيبة التي قامت بها مجلة "العربي" الكويتية بتوزيع أعدادها مجانا في العراق نأمل أن يبادر أصحاب الصحف والمجلات والمطبوعات العراقية الأخرى وما أكثرها (350 مطبوعة) الى توزيع أعدادها في الكويت مجانا، فالمعاملة بالمثل وفي مثل هذه المرحلة ذات ضرورة وأولوية وتصب في الجهود المبذولة لتطبيع كامل العلاقات بين البلدين والذي يفترض بالإعلاميين والمثقفين أن يدركوها ويعملوا على تحقيقها قبل غيرهم بوصفهم الأكثر وعيا وإدراكا واستيعابا للحقائق والوقائع، نتمنى ذلك خدمة لمبدأ التجاوب والمبادرة والتكافؤ وكما تقول الأمثال: "من مشى لي باع مشيت له باعين "الباع يعني قدرا معينا من المسافة" و"من أشعل لي شمعة أشعلت له شمعتين" والدنيا أخذ وعطاء·
hamid@taleea.com |