رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 15 شعبان 1424هـ - 11 اكتوبر 2003
العدد 1598

استراتيجية التطوير البرلماني: دعم النواب
الأعضاء الجدد بحاجة إلى معرفة برامج وإجراءات ونظم المجلس وتقاليد العمل البرلماني (1)
د· علي الصاوي

تتكون استراتيجية تطوير العمل البرلماني من ثلاثة محاور، تتعلق بدعم عمل الأعضاء، وتنمية قدرات العاملين والمعاونين أي الجهاز الفني في البرلمان، وتطوير البناء المؤسسي للبرلمان ذاته مثل تطوير أسلوب عمل اللجان وإنشاء وتحديث مكتبة برلمانية، على ما سيأتي تفصيله·

والمهم في استراتيجية التطوير البرلماني، أيا كانت كلفتها وبرنامجها الزمني وتفصيلاتها الفنية، أن تكون في مجموعها منظومة متكاملة الأبعاد، كأن تشكل مكوناتها أضلاع مثلث متماسك، لا تحتل إحداها أولوية أو أفضلية على الأخرى، وإنما من الضروري السير فيها معا، وبشكل متواز ومتوازن·

من ناحية أخرى، يجب أن تكون استراتيجية التطوير البرلماني ذات طابع إصلاحي تدريجي·

وأن يكون هدفها المحوري هو تحسين وتطوير قدرات البرلمان في مجال صنع السياسات العامة، وهو الوظيفة الأساسية للبرلمان المعاصر، وليس مجرد سن القوانين أو التشريع، فالعملية التشريعية وما يكملها من وظائف رقابية وسياسية ومالية للبرلمان ما هي إلا تعبيرات عملية عن صنع السياسات العامة، التي تحتوي على الأولويات التنموية للمجتمع، كما يراها ويقررها نوابه بالتعاون مع الحكومة·

وفيما يلي بعض الجوانب المهمة في عملية التطوير البرلماني·

 

أولا - أهمية الأنشطة الموجهة للأعضاء

عندما تنتهي الانتخابات العامة، تصبح أولى المهام التي تواجه أي برلمان أو جهاز تشريعي هي أن يعد نفسه لاستقبال أعضائه الجدد وتعريفهم بالبرلمان وبالقواعد واللوائح التي تحكم عملهم فيه، الى جانب تعريفهم بتاريخ المجلس وتقاليده البرلمانية والثقافية كمجلس تشريعي، ولم تعد مثل هذه الأنشطة التثقيفية المهمة مجرد نشاط احتفالي واختياري أمام البرلمانات المعاصرة، تقوم به أو لا تقوم، أو تنجزه بأي درجة تشاء وبأي صورة تريد، وإنما أصبح من المتطلبات الحيوية لإنشاء وتطوير أي "برلمان حديث" و"بناء مؤسسة قوية"·

وتزداد أهمية هذه الأنشطة عندما يتسم البرلمان بما يلي: زيادة نسبة الأعضاء الجدد في تركيب البرلمان، وتنوع التيارات السياسية والانتماءات السياسية للأعضاء الجدد، وتنوع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك التعليمية والثقافية للأعضاء، واهتمام الإعلام والرأي العام بأخبار البرلمان وأداء أعضائه· وفي الحقيقة، فإن استقراء الواقع السياسي والبحثي المعاصر يكشف عن نقص شديد في هذه الخدمات النوعية المتاحة للأعضاء، كما يبين تحليل المضابط والمناقشات أن أغلب الأعضاء الذين كانوا نشطاء في المناقشات البرلمانية قد اعتمدوا على جهودهم الخاصة والمبادرات الفردية للحصول على المعلومات والتحليل اللازم· ولا شك أن كل ذلك يتطلب صياغة برامج دعم فني "ولا نقول تدريبا" للأعضاء، بل يتطلب من المؤسسات البحثية والجامعات والحكومة وأجهزة صنع القرار أن تطور كفاءات فنية قادرة على تقديم الخبرة للأعضاء وأن تخرج البحوث السياسية والبرلمانية عن إطار "الينبغيات" والشكلية والنقد من دون طرح الحلول العملية أو القيام بدور المراقب المتربص والمحقق المتشدد بلا تطوير قدراتها على تسخير العلم والمعرفة لحل المشكلات وتقديم البدائل للأعضاء·

إن الغرض من هذه البرامج هو تزويد الأعضاء بالمعلومات الأساسية المتعلقة بالمهام والسلطة التشريعية وعلاقتها بالسلطات الأخرى وبالمجتمع ككل وذلك من وجهة نظر محايدة سياسيا وفكريا، وتتمثل الغاية النهائية من هذه البرامج في أنها تمكن الأعضاء من استغلال أقصى ما لديهم من قدرة وإمكانيات·

 

ولعل من المكونات الأساسية في هذا المجال ما يلي:

أولا: صياغة برامج حوارية على هيئة حلقات نقاش للأعضاء، وبخاصة الجدد منهم، يقوم البرلمان بالإشراف عليها وتنفيذها، ومن المتصور أن تكون هذه البرامج نوعين، أولهما يركز على الإجراءات ونظم المجلس وتقاليد العمل البرلماني "مثلا: واجبات وحقوق العضو، كيفية وضع جدول أعمال المجلس ولجانه وإدراج الموضوعات المختلفة في جدول الأعمال، فضلا عن تركيب المجلس وأجهزته الداخلية، ومعرفة الملامح العامة للمؤسسات والاتحادات البرلمانية المختلفة، وقواعد ممارسة الرقابة البرلمانية واقتراح القوانين"، أما النوع الثاني فيكون ذا طبيعة مضمونية، يتطرق الى القضايا الفنية والمتخصصة التي تعرض على المجلس ولجانه، مثل قضايا التنمية والتكتلات الاقتصادية المعاصرة، وقضايا القانون والمنظمات والاتفاقيات الدولية، وقواعد إعداد الموازنة والحسابات الختامية للجهاز الحكومي، وشؤون الأمن والاستراتيجية والسياسة الخارجية، وغيرها من القضايا المتخصصة التي تعرض على المجلس باستمرار، وتحتاج الى دراية كبيرة بمضامينها وأبعادها ومناقشات مع المتخصصين، بالإضافة الى من تستدعيهم لجان المجلس من خبراء ومسؤولين في الحكومة، حتى لا نترك مناقشة هذه الأمور للميول الذاتية المسبقة، أو المعلومات اللحظية المتوافرة أمام العضو بأي طريق كان، أو لكي لا يكون النائب أسيرا للمستشارين والبيروقراط، حتى يتمكن المجلس من إجراء نقاش بناء لهذه الأمور قبل اتخاذ قرار فيها·

ثانيا: إعداد كتيبات ودلائل صغيرة وواضحة للممارسة البرلمانية "مثلا: كيف تعد اقتراحا بمشروع قانون، كيفية تقديم الاستجواب، أسس مناقشة الخطة والموازنة، وغيرها"، لكي تكون دليلا عمليا لممارسة الحقوق والواجبات البرلمانية، يتجه إليه العضو بسهولة ويسر ليجد إجابة واضحة على ما يعن له من أمور إجرائية، دون تجشم عناء البحث والتدقيق في التفاصيل القانونية والفقهية واللائحية·

فمن ناحية أولى، تعتبر وثيقة اللائحة من النوع كبير الحجم، ومن ناحية ثانية، تعاني اللائحة من ظاهرة سلبية، تزيدها تعقيدا، وهي "كثرة الإحالة"، سواء الإحالة الداخلية "أي لمواد أخرى في اللائحة"، أو الخارجية "أي لمواد الدستور والقوانين الأخرى"، ومن ناحية ثالثة، فإن كثرة الإحالة في اللائحة، وتعقدها الكبير في تنظيم الوظيفة الرقابية يفتح الباب للجدل شبه المستمر "بين رئاسة المجلس والأعضاء" في هذا الصدد، سواء حول أحقية عضو في إدراج سؤاله أو استجوابه، أو حول توقيت إدراج اقتراحه بمشروع قانون في تقرير اللجنة المعنية، أو مدى الاتحاد في الموضوع بين الوسائل الرقابية، أو بالنسبة لمشروع القانون والاقتراحات المقدمة من الأعضاء، الى غير ذلك من الجدل الذي يتكرر في كل دور انعقاد، ومن ناحية رابعة، مال المشرع الى الأخذ بأسلوب "عمومية النص" في صياغة الكثير من أحكام اللائحة، لاسيما فيما يتعلق بصلاحيات رئيس المجلس "ومكتب المجلس"، وتنظيم ممارسة وسائل الرقابة البرلمانية، وكذلك تنظيم المناقشات والمداولات البرلمانية، ومن ناحية خامسة، تكثر في اللائحة الاستثناءات على أحكامها، إما في ذات المادة، أو في مواد أخرى في اللائحة، وهو ما يؤدي الى إعطاء مزيد من السلطة التقديرية لقيادة المجلس "الرئيس منفردا، أو هيئة المكتب" في التأثير على مصالح وشؤون الأعضاء، وكل ذلك يتطلب جهدا ودراية كبيرين من العضو لتفعيل اللائحة، التي هي بمثابة الإطار الحاكم للعمل البرلماني في مختلف مجالاته التشريعية والرقابية·

ثالثا: هناك أمر في غاية الأهمية وهو قيام الأمانة الفنية للبرلمان - تحت إشراف هيئة مكتب البرلمان - بعملية رصد ومتابعة لاحتياجات الأعضاء، وبخاصة الجدد منهم، بطريقة علمية ومنتظمة، وذلك حتى يمكن التعرف على الموضوعات أو المسائل التي قد تتطلب عقد حلقات عمل أو ندوات خلال دور الانعقاد أو الفصل التشريعي ككل، فغياب هذه الآلية للتعرف على احتياجات الأعضاء من الخبرات المتخصصة والخدمات الفنية يجعلنا أمام بديلين كلاهما مر، الأول، هو الحفاظ على الوضع الراهن للمؤسسة البرلمانية التي أصبح تطوير أدائها مطلبا مهما واستراتيجيا، والثاني هو فقدان التناغم بين ما يحدث وما يجب أن يحدث في مجال الخدمات الفنية للأعضاء، أي القيام بأنشطة قد لا تكون هي المرغوبة والمطلوبة للأعضاء "مثل تعلم الحاسب الآلي، أو استخدام الإنترنت بالنسبة لبعض النواب"·

رابعا: أنشطة معاونة للأعضاء، مثل:

" تنمية قدرات الأعضاء في مجال صنع السياسات العامة، ولاسيما من خلال:

أ - تجميع وفهرسة وتحليل شكاوى واقتراحات المواطنين، وإعداد البدائل السياسية والتشريعية لها، "وليس مجرد الرد عليها"، وهنا يحتاج الأعضاء الى جهاز فني متخصص في دراسة وتحليل الشكاوى والاقتراحات·

ب - دراسة وتقييم الموازنة المالية، كوسيلة لتقييم السياسات العامة، ويتطلب ذلك مجموعة من الفنيين وخبراء التحليل المالي والاقتصادي لدعم الأعضاء·

ج - مناقشة سياسات الحكومة المعلنة، وتقييمها من حيث تأثيرها على المصالح الاجتماعية المختلفة وإعداد البدائل المختلفة لها، ويحتاج ذلك الى فريق من المتخصصين في البحوث السياسية (Policy-oriented Research

* بلورة آليات جديدة لدعم قدرات الأعضاء في صنع وتقييم السياسات العامة، بما يلائم خصوصية العمل الوطني، مثل آلية الاستماع للمواطنين والخبراء، وورشة العمل المتخصصة والدورية لتقييم سياسة كل وزارة·

* توفير طواقم فنية "سكرتارية برلمانية" لخدمة الأعضاء·

�����
   

استراتيجية التطوير البرلماني: دعم النواب
الأعضاء الجدد بحاجة إلى معرفة برامج وإجراءات ونظم المجلس وتقاليد العمل البرلماني (1):
د· علي الصاوي
إدوارد سعيد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
من يفتح النافذة في جامعة الكويت؟:
سعاد المعجل
إنسانية مكاتب العمالة المنزلية:
يحيى الربيعان
تحديات السلام!:
عامر ذياب التميمي
التجنيس السياسي - تداعيات وآثار:
عبد الهادى مرهون
هل المثقـف الكـويتي معزول عما يـدور حوله؟
Ivory tower Syndrome!:
خالد عايد الجنفاوي
ضحية المواقف المشرفة:
عبدالله عيسى الموسوي
ما السلطة الخامسة في العراق؟!:
حميد المالكي
تسريع عملية تسليم السلطات للعراقيين:
د. جلال محمد آل رشيد