لم تكن "الصحافة" في يوم من الأيام من أهدافها أن تضرب إسفينا في جدار الوحدة الوطنية، ولم يكن من ضمن آدابها خلق فرص للفتن وتصعيد للصراع الشخصي بين الأفراد وجعلها مادة للحديث في الدواوين والمنتديات وخصوصا إذا كانت صحيفة تعبر عن وجهة نظر النظام أو على أقل التقادير مقربة من أسرة الحكم·· فلمن يتم الاحتكام؟
لقد مارست إحدى الصحف اليومية إسفافا غير مسبوق بطريقة انتقائية ضد شريحة اجتماعية لا حول لها ولا قوة أمام هيمنة وسائل الإعلام التي لا تمتلك منها بذات الصلاحية أي شيء ورب قائل إن هذه الصحيفة هاجمت رموزا وطنية أخرى أيضا وليس الهجوم مقصورا على نسيج اجتماعي بعينه! نقول هذا الكلام صحيح من باب المجاز ولكن الفارق هو أن بعضا من الرموز الذين هاجمتهم هذه الصحيفة كان لهم القدرة على الرد بصحف يمتلكونها، في حين ما حيلة مسلوبي الفرصة في حرية النشر في مثل هذه الأمور الموجهة للتوجيع والإضرار بهم لحسابات يعرفها كل من له حس وطني، بل إن اختيار الوقت والزمان للرد دون تحوير أو تشويه بات صعبا للغاية كما هي تجربة الكثيرين عندما تمر مثل هذه الممارسات الصحافية للتشويه وللنيل من قدسية الوحدة الوطنية أو الدفاع عن وجهة النظر المستهدفة·
إن المتتبع في الفترة الأخيرة يلاحظ هذا الإصرار في التفريع الطائفي للمجتمع من قبل إحدى الصحف دون تدخل من وزارة الإعلام نحو تصويب المسار وأن الاستبداد بالحرية الممنوحة للبعض جعل هذا النفر لا يهتم بتداعيات الفتنة فيما لو حصلت لا قدر الله عز وجل على الكويت برمتها لأن مثل هذا الاستفزاز سيخلق جوا متطرفا "ربما لا يمكن السيطرة عليه" وفي مثل هذه الحال لا تطلب الرشد من الجاهل، في حين من يفترض به الحكمة يسلك سلوكا أهوج!
أخبار كثيرة و"مانشيتات" عريضة تنشر في صدر الصفحة الأولى أقل ما يقال عنها إنها تافهة في المضمون وتعليقات لا تستحق أن ينظر إليها فكيف يتم نشرها على صدر الصفحة الأولى وبصورة تكاد تكون يومية·· أليس في ذلك ما يدعو الى الريبة؟!
أختم محذرا من أن هذا الأسلوب "الأصفر" لا ينفع من أجل ترتيب بيت الداخل والاستمرار في الهيمنة على الأجندة السياسية والاستحواذ وإلغاء الآخر، ولو كان ذلك نافعا لاستفاد منه النظام البائد في العراق، فتحميل جزء من المواطنين في الكويت ضريبة وصول قوى "شيعية" لسدة الحكم في العراق وغيرها أمر يجعل فهم المواطنة وحقوقها إشكالا مستمرا وموضعا للتنازع وخرقا فاضحا للدستور·
mullajuma@taleea.com |