رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 4 ذي الحجة 1426 هـ . 4 يناير 2006
العدد 1710

بلايا إفريقيا
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

ثلاث نساء من دارفور تحتل صورتهن الصفحة الأولى لجريدة الأندبندنت البريطانية (19/12) في إطار مناشدتها الإنسانية المجتمع الدولي بمساعدة منكوبات تلك المنطقة بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح· وأولئك النسوة هن عينة من ضحايا حرب تدور رحاها في منطقة دارفور الواقعة في غرب السودان منذ سنوات طويلة، حصدت الى الآن أرواح ثلاثين ألفا وشردت ما يقارب المليونين من السكان· والنسوة ينتمين الى مخيم أبو شوك الذي يتخذه خمسون ألفا من المشردين ملجأ لهم· واختارت الجريدة عنوانا يثير الشفقة ويحرك أريحية المحسنين وهو: "كيف يشتري 60 بنسا فقط الأمل لنساء دارفور"!!

والفكرة تشير الى توفير مبلغ 60 بنسا هو ثمن بعض الطين وبعض الروث الحيواني وبضع ساعات من التدريب لمساعدة نساء مخيم أبو شكوك وملايين غيرهم من لاجئي دارفور على استخدام فرن طهي بدائي يوفر الوقود المطلوب للطهي بمقدار الثلثين، وهو ما يوفر عليهن مخاطر وعناء البحث خارج المخيم عن وقود الطهي· وتتمثل هذه المخاطر في تعرض هؤلاء النسوة للقتل أو الضرب أو الاغتصاب على أيدي المليشيات  المسلحة في المنطقة وأشهرها "الجنجويد"·

ونساء دارفور اللواتي ينتظرن "الصدقة" من الغريب ينطبق عليهن قول الشاعر: "الماء عندك مبذول لشاربه···"!! فأرض السودان التي يقيمن عليها مخيماتهن البائسة ملأى بالخيرات وأبرزها النفط، الذي بلغ إنتاجه 340 ألف برميل يوميا ومقدر له أن يصل الى 800 ألف برميل يوميا بعد أن تنتهي أعمال مد خط التمديدات لحقل "مليوت"· بيد أن العائدات الكبيرة لتلك الكمية من النفط تذهب ثلثاها الى الآلة العسكرية التي تريد إنشاء "خلافة إسلامية" في القرن الحادي والعشرين بوسائل القسر والقوة!!

ولعل حال نساء دارفور هي واحدة من بلايا إفريقيا (جمع بلوى) المسكونة بالفقر والمرض والاضطرابات السياسية والحروب والفساد وغيرها من الآفات والمشاكل· تشير وثيقة لمجلس العلاقات الخارجية بالكونغرس نشرتها جريدة النيويورك تايمز (7/12) الى أن الأمم المتحدة منذ العام 1948 قد بعثت 54 قوة سلام الى إفريقيا، ويتواجد فيها حاليا ثمان من تلك القوة تتمركز في بوروندي وساحل العاج وجمهورية الكونغو والحدود الأثيوبية الأريترية وليبيريا وسيراليون وغرب إفريقيا· وتعزو الوثيقة تفاقم المشاكل في السنوات الأخيرة الى نتائج انتهاء الحرب الباردة وما خلفته من انهيارات لبعض الأنظمة، وتلاشي مؤسسات الدولة وهياكلها كحال ليبريا والصومال وسيراليون والكونغو فضلا عن الصراع على الموارد الطبيعية، كالذهب والكوبالت في الكونغو والألماس في سيراليون، هذا الى جانب عوامل أخرى·

التشبث بالسلطة هي إحدى بلايا القارة الإفريقية بالذات لأولئك الذين قادوا حركات تحرر "واستَحْلوا" كرسي الحكم كزعماء أوغندا وأرتيريا ورواندا وزمبابوي، بل لا يتورع البعض منهم بغية الاحتفاظ بكرسي الحكم من أن يرمي بشعبه في أتون الحرب كما هو المتوقع من ميليس زيناوي، رئيس وزراء أثيوبيا (أو حاكمها الفعلي) الذي يواجه معارضة متنامية جراء تزويره للانتخابات التي جرت في الخامس عشر من مايو الماضي، كما تذهب الكرستيان ساينس مونيتور الأمريكية (7/11)· ولعل أقرب متنفس له هو التحرش بجارته أرتيريا التي لم يعترف لها بترسيم الحدود الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 2002·

ويحتشد الآن نحو ربع مليون جندي على جانبي حدود البلدين البالغ طولها نحو ألف كيلومتر· والبلدان دخلا في حرب طاحنة في العام 1998 استمرت الى العام 2000 وراح ضحيتها ما يقارب السبعين ألفا عدا الجرحى والخسائر المادية· وأرتيريا المستعمرة الإيطالية السابقة التي ضمها هيلاسي لاسي الى أملاكه في العام 1952 شهدت ثلاثين عاما من الكفاح المسلح الذي تكلل باستقلالها عن أثيوبيا في العام 1993· وقد حرم ذلك الاستقلال أثيوبيا (وهي دولة شاسعة المساحة يفوق سكانها السبعين مليونا) من إطلالتها البحرية بالذات من استخدام ميناءي مصوع وعصب، مما جعل مسألة الحدود قابلة للتفجر بين البلدين في أي لحظة وتحت أي مبرر، كما ترى التايمز البريطانية (8/12)·

أما الفساد الإداري فضارب أطنابه في مؤسسات الدولة في تلك القارة المسكينة ومستشر في عروقها· فطبقا لمجلة دير شبيغل الألمانية (نسختها الإنجليزية على الإنترنت 7/12) حصلت نيجيريا خلال العقود الثلاثة الماضية على 280 بليون دولار من مبيعاتها للنفط، انتهت معظمها الى جيوب السياسيين المرتشين· وتشير المجلة الى أنه تحت سمع وبصر الدولة، فقد تم سرقة 50 ألف برميل نفط يوميا في العام 2004 تقدر قيمتها ببليون دولار، والأغرب من هذا وذاك، اختفاء ناقلة نفط قبالة ساحل نيجيريا حيث أصبحت أثرا بعد عين· والطريف إن اسم الناقلة African Pride أي مفخرة إفريقيا!!

والقارة ليست بمنأى عن القوى الدولية الكبرى وسعيها نحو الاستحواذ على الخيرات ومناطق النفوذ، لكن السادة قد تغير وضعهم، إذ أفل نجم البعض منهم (بريطانيا وفرنسا) وعلا شأن آخرين منهم (كالولايات المتحدة بالتحديد)· لكن دير شبيغل تفاجئنا بظهور سيد جديد وهو الصين، المتعطشة للنفط والأسواق· فأينما تخرج الشركات الأمريكية من الباب، تدخل الصين من الشباك، كما حصل في السودان، حيث تقوم الصين باستيراد 60 في المئة من إنتاج النفط السوداني، ويقوم جيش من عمالها ببناء خط طوله 1500 كليو متر من حقولها الجنوبية الى بورت سودان على البحر الأحمر· أما الولايات المتحدة فيسيل لعابها على نفط ساحل غرب إفريقيا، حيث حظيت المنطقة بسبعة بلايين برميل من أصل ثمانية براميل تم اكتشافها في العام 2003 على نطاق العالم، وتقدر احتياطياتها بأكثر من 100 بليون برميل (وهو بحجم احتياطيات العراق)!!

لا أحد يستطيع التنبؤ بطريق لخلاص إفريقيا من بلاياها، لكن الشعوب سعيا منها للتطور والتقدم لن تعدم وسيلة لتلمس الطريق·

 

alyusefi@taleea.com

�����
   

المملكة المحافظة!!:
سعاد المعجل
وزارة (سَمَّاري):
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
"الإدراك والتأهيل"!:
مسعود راشد العميري
أسطورة بابا نويل:
فهد راشد المطيري
في الكويت فقط:
يوسف الكندري
"إذا ما فتحتوا الباب··أرمي روحي من الشباك":
د.ابتهال عبدالعزيز أحمد
شعر تيك أواي:
محمد موسى الحريص
بنات الرياض··· وهتك المستور:
د· منى البحر
بلايا إفريقيا:
د. محمد حسين اليوسفي
دبي دار الحي:
خالد عبدالمحسن الحجي
"كاديما"··· امتداد لنهج وفكر واحد:
عبدالله عيسى الموسوي
"كاديما"··· امتداد لنهج وفكر واحد:
عبدالله عيسى الموسوي
الغزو الثقافي:
سالم فهد الرسام
ملاحظات من واقع الحال···:
كامل عبدالحميد الفرس
باقر "علامك مستعيل":
على محمود خاجه