لا أعرف لماذا انتاب الكثير من الساسة العرب حالة من السعادة بعد إعلان "شارون" انسحابه من حزب "الليكود" وتأسيسه حزبا أطلق عليه "كاديما - الى الأمام"·
فالفكر الشاروني المتمثل في بقاء القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ورؤيته القائمة على إبقاء أغلب المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة كما هي عليه ورفضه القاطع لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وقبوله لمشروع "خريطة الطريق" وفق الشروط الإسرائيلية هي المنطلقات الفكرية لحزبه الجديد·
فما الجديد الذي سيقدمه شارون لكي يهلل البعض فرحا بمولد هذا الحزب؟ وهل ما زال البعض منا يراهن على كون شارون رجل سلام؟ "وإن كان زعيم إحدى الدول العربية الكبرى قد أعلن خلال اتصال هاتفي مع شارون ليهنئه بتأسيس الحزب الجديد عن قناعته بأن السلام لن يتحقق إلا على يديه"·
ولكن يبدو للمراقب للأحداث أن بعض القادة العرب باتوا يسعون لإغلاق الملف الفلسطيني بصورة نهائية حتى لو تطلب الأمر تنازلات أكثر من مؤلمة ولعل المتابع لما صرح به رئيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني محمود عباس منذ أيام أن قضايا المرحلة النهائية (ويقصد بها القدس والمستوطنات واللاجئين) مهمة ولكن يجب ألا تكون عقبة في مرحلة المفاوضات الحالية ويمكن تأجيلها لوقت آخر·
هذا التصريح، وحالة الخمول العربي الداعية للتطبيع العلني مع إسرائيل وإنهاء حالة العداء معها - والتي امتدت للكويت حيث كانت مثل هذه الأطروحات مستنكرة منذ سنوات ولكنها أضحت اليوم أمرا واقعا، نقرأه في مقالات كبار الكتاب - تعطينا قناعة بأن العرب جادون في سعيهم لإطلاق رصاصة الرحمة على فلسطين ووجدوا في حزب "كاديما" المخرج والحل· |