رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23-29 رمضان 1422هـ الموافق 8-14 ديسمبر 2001
العدد 1506

مفاهيم وقيم الاقتصاد الريعي!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

يعلم الجميع أن الكويت، ومنذ بداية العصر النفطي، قد نهجت طريقا اقتصاديا يعتمد على دور واسع للدولة ويحمّل الخزينة العامة تكلفة مالية عالية·· فكما هو معلوم أن الدولة تتحمل تكاليف التعليم والعلاج الصحي والإسكان، كما تتحمل الدولة تكاليف دعم أسعار الخدمات الأخرى مثل الكهرباء والماء والاتصالات وجزء من التموين·· يضاف الى ذلك أن عملية التوظيف في الكويت، في الجهاز الحكومي والمؤسسات العامة، لا تخضع لمعايير مهنية محددة وصارمة، بل إن التوظيف يتسق مع نهج توزيع الدخل الريعي على المواطنين·· لقد أصبحت هذه الأعباء ثقيلة على المال العام وأدت الي خلل كبير في الميزانية العامة للدولة مما ينتج عنه، وخصوصا في السنوات العجاف، عجز مهم يحسب ببضعة بلايين من الدنانير الكويتية·· ولا شك أن الحكومة الكويتية أرادت أن تعالج هذه المسائل الناشئة من اتباعها فلسفة الاقتصاد الموجهة، وهو هنا ريعي، وتعمل من أجل تحقيق قدر من الترشيد مما يخفض من العجز في الميزانية، لكن هذه الحكومة تتردد، في معظم الأحيان، نتيجة لخشيتها من ردود الفعل السياسية·· أيضا، تتردد الحكومة في عملية الإصلاح والتصحيح خشية من الانعكاسات السياسية لاقتصاد متحرر من قبضة الدولة، أو على الأقل تتوازن فيه الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص·

لقد مضت سنوات، ربما تزيد عن العقد من الزمن، ولا تزال الطروحات الحكومية التي ترد في بياناتها وبرامجها التي تطرح على مجلس لأمة، وكذلك في الخطط الخمسية التي تطرح على المجلس ولا تقر ولا تطبق، تلك البرامج والبيانات والخطط التي تدعو لتطوير الاقتصاد الكويتي وتعزيز عناصر الكفاءة والفعالية فيه دون أن يتحقق شيء يذكر·· هناك سياسيون ونواب في مجلس الأمة يخاصمون أي عملية إصلاح جادة ويزعمون بأن تحويل الملكية من القطاع العام للقطاع الخاص، أو كما يحلو لهم أن يطلقوا على عملية التخصيص بمحاولة تصفية القطاع العام، يتعارض مع المبادئ الأساسية لدستور البلاد·· لكن الدستور ينص في المادة 20 على أن “الاقتصاد أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص”· لذلك ليس معنى تخصيص المرافق أو تحويل ملكية الدولة في رؤوس أموال الشركات والمؤسسات تصفية للقطاع العام، بل جل ما يعني هو توسيع دور القطاع الخاص، وهو قطاع مهمش منذ بداية الخمسينات من القرن العشرين، وكذلك رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي·

ويمكن للمرء أن يزعم بأن تصفية القطاع العام في بلد مثل الكويت، انتهج فلسفة الاقتصاد الريعي لمدى تجاوز النصف قرن، يعد أمرا مستحيلا من الناحية العملية·· لا يمكن إلغاء دور الدولة في التعليم أو العلاج الصحي أو الإسكان أو البنية التحتية، لكن هل أصبحت ملكية الدولة في مؤسسات مثل الخطوط الجوية الكويتية أو شركة النقل العام أو عدد من الشركات الاستثمارية والبنوك أو شركة مطاحن الدقيق والمخابز أو المواشي، من الأمور المقدسة التي يجب أن لا تمس؟ كذلك هل تخصيص المرافق مثل الاتصالات والكهرباء والمياه وتحسين كفاءتها وتطوير التقنيات المستخدمة فيها والسيطرة على تكاليفها بفعل ملكية القطاع الخاص من الأمور المحظورة الممنوعة أو غير قابلة للطرح والحوار حولها؟ هذه القضايا يجب أن تواجه بمنتهى الموضوعية والصراحة والتعرف على الميزات التي يمكن أن تتحقق من خلال عملية التخصيص وفي الوقت ذاته التعرف على تكاليفها الاجتماعية·· ومما لا شك فيه أن استمرار الدولة في ملكية هذه الأصول، أو المؤسسات، يعني المزيد من التدهور في الإنتاجية وارتفاع أعباء الخزينة العامة· بطبيعة الحال إن قانون التخصيص المطروح حاليا على مجلس الأمة يضع معايير واضحة، وهو في عرف الاقتصاديين ليس مثاليا لتحقيق الكفاءة حيث يشترط قيودا على دور القطاع الخاص في المؤسسات المنوي تخصيصها·· وإذا كانت هناك من تخوفات على مصير العاملين الكويتيين في هذه المرافق والمؤسسات فلا بد أن تبدع عقولنا لإيجاد الحلول المناسبة والتي تجعل من هؤلاء العاملين أكثر قدرة على العطاء، وفي الوقت ذاته توفر لهم إمكانات لزيادة مداخيلهم وتوفير فرص لهم في ملكية أسهم في المؤسسات التي سيتم تخصيصها·· وغني عن البيان أن التخصيص يجب أن يهدف الى الكفاءة وتوفير نوعية أفضل من الخدمات للمستهلكين وبأسعار اقتصادية معقولة، ولا يتأتى ذلك دون تحقيق قدر كبير من المنافسة وزيادة عدد المؤسسات العاملة في كل نشاط من أنشطة المرافق·· وهنا يجب إفساح المجال أمام القطاع الخاص الكويتي لتطوير شركات مع مؤسسات أجنبية متمكنة وقادرة على جلب التكنولوجيا الحديثة المناسبة لكل نشاط·· كذلك يجب اشتراط توظيف أكبر عدد من الكويتيين المؤهلين، أو الذين تجري عملية إعادة تأهيلهم للعمل في بيئة عمل تعتمد على قيم الإنتاج والفعالية·

وإذا كانت مسألة الرعاية السكنية قد واجهت عملية إصلاحها معارضة من قبل عدد من السياسيين فإن الحكومة لم تتمكن من الدفاع عن برامج تبنتها عندما طرح الدكتور عادل الصبيح، عندما كان وزيرا للإسكان، منظورا متقدما يهدف لتحسين برامج الرعاية السكنية وتوفيرها للمستحقين خلال زمن معقول وبتكاليف مناسبة· وتعني هذه التراجعات الحكومية عدم وجود فلسفة إصلاح اقتصادي أصلا في البرامج الحكومية، وأن عملية الإصلاح تعتمد على محاولة إرضاء كل طرف سياسي دون الأخذ بعين الاعتبار الهدر وتردي الأداء في النشاط الحكومي والانعكاسات على الاقتصاد الوطني·· إن ما تحتاج إليه الكويت هو إدارة اقتصادية ذات قدرة علي الإقناع واتخاذ القرارات الفعالة في عملية الإصلاح، ويجب أن لا تخضع هذه العملية للمزاج السياسي، بل ما هو مطلوب هو توفير الدعم السياسي بالوسائل الديمقراطية لإنجاز إصلاح اقتصادي بات مستحقا·

�����
   

تصاعد الإرهاب الإسرائيلي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حقوق الإنسان في العالم النامي:
يحيى الربيعان
دفاعاً عن برنامج “إرهابيات”:
عبدالله عيسى الموسوي
الثنائية القاتلة:
كامل عبدالحميد الفرس
مفاهيم وقيم الاقتصاد الريعي!:
عامر ذياب التميمي
اللجان الخفية:
سعاد المعجل
الشأن العام والشأن الخاص·· مرة أخرى:
د. محمد حسين اليوسفي
الضعف يولد الحرج:
مطر سعيد المطر
التركيبة السيكولوجية للجماعة النارية 2-2:
عمر اليوسف
تأهيل المكاتب الهندسية:
المهندس محمد فهد الظفيري
هكذا تآمر صدام حسين على جمال عبدالناصر:
حميد المالكي
عادل القصار وماري انطوانيت:
بدر العليم