رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 يوليو 2006
العدد 1736

المرأة.... حركة التاريخ
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

قد يكون من المفاجآت أن تفوز امرأة بعضوية مجلس الأمة الكويتي، بالرغم من كل الرؤى الوردية لأولئك الذين يحلمون بتحقيق هذه المعجزة، وكأن الواقع الفكري قد تغير في هذه البقعة من العالم، وكأن القرارات هي التي تؤدي إلى حدوث تحول في العقلية السائدة لدى القطاع الأوسع من الناس، وان التحولات التعليمية قد تؤدي إلى خلق اتجاهات مختلفة وخاصة فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، وان للمرأة حقوقها كما هي للرجل وان الدساتير والقوانين تؤكد على ذلك، خاصة وأن تلك الدساتير انعكاس لكل التطورات التي مرت بها البشرية منذ الرسالات السماوية الأولى مروراً بالقوانين الوضعية التي ساهمت بها كل الحضارات الإنسانية على مر العصور من منطلق البحث عن العدالة والمساواة والحرية للبشرية جمعاء·

إن نتائج التصويت في معظم الدول الغنية، وحتى المتقدمة منها، تسير في نهج المحافظة، فما بالك في الدول النامية وخاصة في العالم العربي والإسلامي·

أما في الدول الفقيرة وخاصة في أمريكا اللاتينية فهناك خروج على هذه القاعدة·

إن نتائج الانتخابات الأخيرة في الكويت قد أكدت على حقيقة مؤلمة وهي ان العنصر النسائي قد قام بتغييب نفسه عن سلطة التشريع التي هي إحدى أهم السلطات بالدولة مما سبب تكريس خلل كبير في توازن أضلاع التنمية الثلاث والذي قد يؤدي  إلى كارثة بحق الإنسان·

ولعل الإخلال بمعادلة الاتزان تنسحب نتائجه على التوازن الاجتماعي، وربما يؤدي ذلك إلى نتائج تحسب لصالح طرف ما وهي على أية حال خطوة مضادة للتطور الطبيعي للمجتمع·

ان الدروس التاريخية تشير إلى أن نمط التطور الطبيعي هو الذي أدى إلى استقرار المجتمعات الأوروبية وكذلك في العديد من الدول التي لم تسمح بالإخلال بالتوازن بين القوى الاجتماعية، وحافظت على استمرار التوازن الطبقي في مجتمعاتها، ولم تحاول التلاعب بالمكونات الفكرية للمجتمع· فقد ينقلب الحليف إلى عدو شرس حينما يدرك انه في موضع الندية للقوى السائدة· وفي هذه الحالة قد يستخدم كل الموروث الثقافي للحيلولة دون اختراق المشروع الخاص به·

لقد ظل التيار المحافظ، والذي يرى ان مكان المرأة في الحياة العامة، هو البيت، وأنها وسيلة للإنجاب فحسب، وان خروجها للعمل العام، أو طلبها في ان تكون مواطناً كامل الحقوق، هو خروج عن طوق ما يريده الرجال في ظل مراحل تدهور الحضارة الإسلامية، وهي عودة إلى مرحلة ما قبل المساواة بين البشر، أو هي في أحسن الحالات الخروج من حالات وأد الفتيات، لأنها رمز للعار!! وكأن ارتكاب المعصية لصيق بالمرأة وحدها، في حين أن الرجال يحق لهم عمل كل شيء!

كان من الواضح ان تيارات الإسلام السياسي الكويتي ستحاول استخدام جميع الوسائل والطرق للحيلولة دون فوز المرأة في الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً، فقد استعد الإخوان والسلفيون والقوى التقليدية لذلك بشكل جيد وقد لعبت عوامل أخرى دوراً في هذه العملية الانتخابية سواء باستخدام المال السياسي أو الاستفادة من العوامل الاجتماعية والسياسية في حين بقيت الأطراف الأخرى التي تحسب كقوى مستقبلية دون تنسيق مما أضعف شوكتها وأسهم في فوز المحافظين بسهولة· ولم يكن من المستبعد ان تصوت المرأة ضد نفسها، وهو ما حدث فعلاً، انطلاقاً من ثقافة المجتمع الذكوري التي تأصلت في ذهن المرأة الكويتية وأصبحت بمثابة ممارسة طبيعية· وهكذا ساهمت المرأة التي تمثل ما يعادل %50 ممن يحق لهم دستورياً وقانونياًً الاشتراك في الانتخابات بتهميش دورها وتكريس الثقافة التي يحرص التيار المحافظ على بقائها فاعلة في حياة المجتمع وخاصة في المحفل الذي يشرع القوانين·يبدو ان المال والسلطة وأيديولوجيات التيار المحافظ  قد استعدت معاً كسد مرتفع لمنع حدوث النقلة النوعية التي توقعها المتفائلون في ضوء منح المرأة الكويتية حق الترشيح والتصويت في الانتخابات النيابية، وان مشروع الثمانينيات من القرن الماضي هو السائد، وان التحولات التي ينتظرها الشباب الجدد بحاجة إلى عقدين من الزمن، وربما أكثر من ذلك لترى النور، ولكن ذلك لا يمكن ان يتم بمعزل عن نشاط مبرمج يوازي في فاعليته نشاط التيار المحافظ·

كانت الكويت حقل تجارب للديمقراطية منذ تأسيسها، إلا أنها ظلت حبيسة إطارها المحلي، فالممارسة الديمقراطية فيها أكثر تقدماً من الممارسات الذهنية لناخبيها، وقد كان من المؤمل ان تكون الانتخابات الأخيرة نقطة تحول مهمة في تركيب المؤسسة الكويتية وحدثاً تنسحب أهميته على منطقة الخليج برمتها· النتائج التي أسفرت عنها انتخابات الكويت تطرح سؤالاً مشروعاً· هل سيظل نجاح المرأة في الدخول إلى تحت قبة البرلمان مرهوناً بقوة السلطة سواء في الأنظمة الشمولية التي تحظى فيها المرأة بتمثيل في المجالس التشريعية يفوق نسبة تمثيلها في أعرق الديمقراطيات· أو في المجالس التي يتم فيها تعين الأعضاء تعييناً· أم أن هناك سبيلاً آخر للتمثيل في ظل الظروف الراهنة حيث الأمل يبدو قريباً في تغير نظرة المجتمع للمرأة وسيطرة تيارات الإسلام السياسي، ورأس المال، والقبيلة· أظن أن ذلك سيكون ممكناً في ظل نظام انتخابات عصري يعتمد القوائم والنسبية في الانتخابات حيث سيكون عندها بوسع المرأة أن تمثل حقاً في المجالس التشريعية وتجربة العراق (مع كل ما يثار حولها من ملاحظات حول إجرائها تحت سيطرة دبابات الاحتلال) أكدت إمكانية نجاح المرأة في مثل تلك الانتخابات· ولذا فإن الذين يبحثون عن قانون انتخابات حديث في الكويت عليهم أن يلحظوا ذلك وهم يفكرون ويخططون للقانون

والآن وبعد الذي جرى من إحباط يتجاوز في حجمه الشارع الكويتي إلى الشارع الخليجي والعربي، فهل على المرأة أن تعمد إلى حرق النقاب بعدما أحرقت العباءة قبل نصف قرن احتجاجاً على وضع سياسي واجتماعي لا يمنحها حقها، وهل القوى السياسية والاجتماعية في الساحة الكويتية ذات التوجه المستقبلي التي ترى في القرن الجديد فرصة لإعادة رسم معالم حياة أفضل بحاجة إلى ترسيخ مفاهيم واليات جديدة تعمل على ترسيخ مبادئ الدساتير والقوانين وتجعل من مضمونها واقعاً مترجماً في مؤسسات الدولة يطمئن المواطن على حقوقه ويجعل من المرأة عنصراً يسهم في وضع خطط التنمية، الاجتماعية والأسرية منها بوجه خاص·

رئيس وحدة الدراسات – البيان

malmutawa@albayan.ae

�����
   
�������   ������ �����
من يدفع ثمن الصراع؟
احترام العقل الإنساني
ما بين عامي 1956- 1967!!
بوش: انقل تمثال الحرية!!
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!
المنتدى الإعلامي العربي
الأسطورة والنفط
من هو الأهم؟
الإنسان هو الأقوى
دبي.. هي الرؤية المستقبلية
المعذرة سيد سماحة
مهلا سيد بلير!!
استراحة المحاربين
الرقم السابع يطرق الأبواب
قراءة أولى في الانتخابات
المشاركة رؤية وطنية
إرادة الإنسان هي الأقوى!!
المحافظة على حلم جميل !!!
الوطن في مرحلة جديدة
  Next Page

دليل المشاهد الغبي!:
حمد حسين
رئيس المرحلة الصعبة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الاستنساخ:
المحامي نايف بدر العتيبي
دولة "الكوت":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
كلام في المونديال:
د. لطيفة النجار
مشاورات ماكنتوشية:
يوسف الكندري
بوصباح يقول!!:
على محمود خاجه
تجمعات شعبية منظمة.. دون تاريخ انتهاء:
عويشة القحطاني
تنديد عالمي للإرهاب الإسرائيلي:
عبدالله عيسى الموسوي
هل يمتزج الماء بالسياسة؟:
علي حصيّن الأحبابي*
العقاب الجماعي:
د· منى البحر
المعادلة الصعبة:
د. فاطمة البريكي
المرأة.... حركة التاريخ:
د. محمد عبدالله المطوع