رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 يوليو 2006
العدد 1736

هل يمتزج الماء بالسياسة؟
علي حصيّن الأحبابي*
ali_alahbabi@hotmail.com

لا شك أن النسبة العظمى التي تشكلت منها الحياة على سطح هذا الكوكب هي من مادة مكونة من خليط كيميائي (ذرتان هيدروجين و ذرة اوكسجين) ألا و هي الماء، و يشكل الماء نسبة الغالبية العظمى من المساحة على سطح كوكب الأرض حيث تقدر نسبتها بحوالي 80% في المئة ومقولة (الماء شريان الحياة) هي في حد ذاتها توضح بصورةٍ كافية الأهمية البالغة التي يحتلها عنصر الحياه الأول (الماء) و ليس من قبيل المبالغة إذا قلنا: لا يكاد يوجد شيء تقريباً على هذا الكوكب لا يعتمد على الماء أو لا يكون مكوناً منه·

إضافةً إلى ذلك شكل الماء عصب حياة لكثيرٍ من الحضارات التي قامت في سالف العصر· و خير مثالٍ على ذلك حضارتا الفراعنة و البابليين اللتان قامتا على أكثر أنهار العالم العربي شهرةًً النيل و دجلة و الفرات، ليس هذا فحسب بل كانت الحروب قديماً تقوم بسبب الصراع حول المياه· و تاريخ الحضارات القديمة يزخر بكثيرٍ منها·

فالماء كان و مازال يشكل سبباً للحياة و لاستمرار البشر و غيرهم، لكنه إذا ما مزج الماء بالسياسة فإننا في هذه الحالة أمام سلاحٍ ذي حدين، فإما أن يكون هذا السلاح قادراً على توفير الأمن لمن امتلكه و ساعد على استمرار الحياه و البقاء له، أو أن يستخدم كأداة لبث الرعب في نفوس الآخرين لكونه سلاحاً فتاكاً و ورقة ضغط سياسية ذات قوة سحرية لا مثيل لها·

و إذا أردنا تحديد خطورة هذا المزج بين الماء و السياسية فلا ضير أن نلقي نظرةً و لو سريعة على الصراع العربي الإسرائيلي و نأخذه كمثال على هذا الخطر و لا يخفى علينا أن هذا الخطر المستقبلي لا يقف عند أعتاب الكيان الصهيوني بل يمتد إلى بعض الدول الأخرى مثل: تركيا و إثيوبيا· لكن سنحاول التركيز هنا على خطر الكيان الصهيوني حول ما يتعلق بملف قضية المياه و محاولة إسرائيل الحصول على مياه العالم العربي و إحتكارها بأي وسيلةٍ كانت و بأي تكلفةٍ باهظة الثمن و ذلك في سبيل بقاء الكيان الإسرائيلي على قيد الحياة·

يعتبر الماء بالنسبة لكثير من الدول العربية هو الجوهر لأغلب القضايا السياسية والاقتصادية الساخنة والمركزية المتعلقة بمواضيع مصيرية مثل: التنمية، كما أنه يمثل محركاً مهماً لكثير من السياسيات الخارجية و العلاقات الدولية· و أوضاع العالم العربي المائية في حقيقة الأمر لا تبشر بخير لكونها تعاني من أزمة في المياه نتيجة وجود العجز المائي ناهيك عن معدل معظم المياه المشتركة مع الدول الأخرى غير العربية الذي يصل إلى ما يقارب أكثر من 60% في المئة  من الموارد المائية العربية تأتي من خارج أراضي الوطن العربي، الأمر الذي يحتمل وجود تهديد من الخارج على المياه· و ذلك يستدعي فعلاً دق ناقوس الخطر حول الأمن المائي العربي وضرورة الاهتمام به و ووضعه في أعلى سلم أولويات استراتيجية السياسة العربية· 

لماذا تنوي إسرائيل الاستيلاء على المياه العربية؟  إن ما تقوم به دولة الكيان الصهيوني من ممارسات بشعة و قمعية تجاه الشعب و الأرض الفلسطينيين لا يختلف بشكلٍ كبير عن ما تنوي القيام به في المستقبل تجاه العرب برمتهم نتيجة إعلان نيتها التامة حول تبنيها سياسة التعطيش نهجاً لها في مواجهة الأجيال العربية القادمة· الأمر الآخر الذي يجعل إسرائيل متعطشةً للمياه العربية هو أن اسرائيل تعتبر المياه عامل ضغط سياسي قوي يشكل بالنسبة لها أحد أهم مكونات الاستراتيجية الإسرائيلية من أجل تحقيق الحلم الإسرائيلي ببناء إمبراطوريتهم الخاصة التي تمتد من الفرات إلى النيل· وهذا يتضح لنا بصورةٍ واضحه إذا نظرنا إلى عَلم إسرائيل فإننا نجده تجسيداً واضحاً لمثل هذه الفكرة، فالخطوط ذات اللون الأزرق التي تحتوي بينها نجمة إسرائيل السداسية ما هي إلا خريطة الإمبراطورية الصهيونية التي تمتد شمالاً إلى دجلة و الفرات و تمتد أيضاً إلى نهر النيل جنوباً·

لقد قامت القوات الإسرائيلية في عام 1982 بغزو الأراضي اللبنانية للسيطرة على نهر الليطاني ناهيك عن احتلالها لنهر الأردن إضافةً إلى اغتصاب جزء من الأراضي السورية المتمثلة في مرتفعات الجولان، و يكمن السبب الأساسي وراء سعي إسرائيل بحثاً عن الماء في مرتفعات هضبة الجولان السورية كونها تقبع فوق مستودع مائي كبير، كما أن الكيان الصهيوني أوكل مهمة البحث عن المياه و إجراء مسوحات مائية على الأراضي العربية الى شركة تخطيط المياه (تاهال) وقد عكفت على دراسة المواضيع المتعلقة بالمياه وتوصلت إلى اكتشافات مهمة ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها الشركة فإن أمطار الجولان الغزيرة والمقدرة بنحو (1,2) مليار مترٍ مكعبٍ سنوياً لا تقوم بتغذية المجاري المائية في منطقة الجولان وإسرائيل و حسب بل تشكل مخزوناً مهماً للمياه الجوفية لا مثيل له في المنطقة له قدرة على تغذية الينابيع الرئيسة في الجولان وخارجه·

و يقول أحد التقارير المنشورة حول قضية المياه: إنه بمجرد انسحاب اسرائيل من أراضي هضبة الجولان فهذا يعني انتقال 40 مليون متر مكعب من المياه من السيطرة الإسرائيلية إلى السيطرة السورية العربية مما يمثل ضربة قوية موجهة لإسرائيل· و في حقيقة الأمر إن إسرائيل غير مستعدة للتضحية بمثل هذه الثروة، و غير قادرة على تلقي مثل هذه الضربة في ظل الظروف الحالية لها·

إن هدف إسرائيل من القيام بكل هذه المحاولات هو الاستيلاء على المياه و هذا ما يتنبأ به المحللون الاستراتيجيون، فيؤكدون أن الحرب في المستقبل هي حرب مياه بالأساس و ليست حرباً على النفط أو أي شيءٍ آخر·

كما أنه يمككنا القول بأن محاولات الكيان الصهيوني السطو بأي طريقةٍ على مصادر المياه في الوطن العربي إنما هي في حد ذاتها تنم عن توجه سياسي ثابت للسياسة الصهيونية و ليست محاولات سطو تعبر عن مرحلة زمنية نسبية معينة لسد حاجاتها من المياه·

لكن ما يهمنا في هذا الخطر القادم هو الحلول المقترحه للتصدي لمثل هذه الأزمة من أجل تفادي الخطر السياسي المحدق· هناك حلولٌ كثيره تحتاج بالفعل إلى إرادة سياسية لتحريكها في عالمنا العربي فيها سبيل المثال لا الحصر،

1- وضع مثل هذه القضايا المستقبلية التي من شأنها تحديد مصير الأجيال العربية القادمة ضمن أولويات سلم الحكومات العربية و تشجيع مراكز البحوث المائية على البحث في أبعاد هذه الأزمة و الخروج بحلول و مشاريع مائية تساعد على تخفيف حدة أزمة المياه·

2- الوقوف وقفة الرجل الواحد في وجه المطامع الخارجية و السياسات التي من شأنها سلب العرب حقوقهم في المياه و هذا مطلب ضروري حقاً في ظل زمنٍ تفشى فيه التشرذم السياسي و الفكري·

 

قسم العلوم السياسية - جامعة الإمارات

ali_alahbabi@hotmail.com

�����
   

دليل المشاهد الغبي!:
حمد حسين
رئيس المرحلة الصعبة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الاستنساخ:
المحامي نايف بدر العتيبي
دولة "الكوت":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
كلام في المونديال:
د. لطيفة النجار
مشاورات ماكنتوشية:
يوسف الكندري
بوصباح يقول!!:
على محمود خاجه
تجمعات شعبية منظمة.. دون تاريخ انتهاء:
عويشة القحطاني
تنديد عالمي للإرهاب الإسرائيلي:
عبدالله عيسى الموسوي
هل يمتزج الماء بالسياسة؟:
علي حصيّن الأحبابي*
العقاب الجماعي:
د· منى البحر
المعادلة الصعبة:
د. فاطمة البريكي
المرأة.... حركة التاريخ:
د. محمد عبدالله المطوع