رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 يونيو 2006
العدد 1733

تحديات حزيران "يونيو"
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

من المعلوم أن شهر حزيران من الشهور التي تستعد فيها طيور الخليج الى الهجرة نحو المناطق الباردة سواء في شرق الكرة الأرضية أو شمالها وذلك بحثا عن نسمات من الهواء البارد وهربا من لهيب النار والرطوبة وللتخلص من أعباء الإرهاق والتعب نتيجة لسنة من العمل المضني والضغوطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي بات يعاني منها الإنسان في هذه المنطقة، ومن المعلوم أن ذاكرة الإنسان العربي بشكل عام تحمل ذكريات أليمة عن هذا الشهر جراء هزيمتهم عام 1967 حيث يتحاشى معظم الناس الحديث عن هذه الذكرى الأليمة·

في هذه السنة يتزامن حدثان مهمان، إذ يتوقع الكثيرون أن يكون صيفها دافئا بل ربما يكون حارا بكل ما للكلمة من معنى، وللحرارة هنا عاملان: الأول تفرضه طبيعة الخليج بشمسها الحارقة، والثاني يفرضها البشر الذين يعيشون على هذه البقعة من الأرض غير المعزولة عن العالم، ولذلك فإن الحدث العالمي المتمثل في بطولة كأس العالم لكرة القدم، وهي لغة مشتركة لأبناء هذه المعمورة، ومن هنا فإن أنظار العالم ومنها أنظار سكان الخليج ستكون منصبة على شاشات التلفاز لمتابعة المباريات، ولم تسلم هذه البطولة كما هي الحال في سابقاتها من التجاذبات التي تحدث بين الجمهور وبين من يحتكر البث التلفازي ويحرم ملايين المتعطشين لمتابعة هذا الحدث العالمي، إلا من يجد في المقاهي مكانا مناسبا لمتابعة مجريات البطولة على شاشات كبيرة، رغم أن للعرب في هذا المونديال نصيبا بسيطا·

ومن المؤكد أن للرياضة دورا سياسيا لا يستهان به، حيث إن تلك المباريات هي إحدى سبل تفريغ طاقات الغضب بشكل من الأشكال مما يعانيه الإنسان المعاصر، ولعل من الصدف الغريبة أن تبدأ معركة أخرى ذات طابع سياسي في منطقة الخليج العربي متمثلة بالانتخابات البرلمانية في دولة الكويت والتي ستجرى في 29 من الشهر الجاري، وهو يصادف يوم الخميس، مما يعني أن الشارع الكويتي بشكل خاص والمهتمين بشأن المشاركة السياسية لدول مجلس التعاون ستتوزع اهتماماتهم بين المرمى في ملعب كرة القدم والمقعد تحت قبة البرلمان، إن ما يميز هذه الانتخابات في دولة الكويت أنها المرة الأولى التي تشارك فيها المرأة كمواطن يمتلك كل الحقوق والواجبات التي نص عليها دستور دولة الكويت منذ إصداره من قبل المرحوم الشيخ عبدالله سالم الصباح وبموافقة من ممثلي الأمة في ذلك الوقت·

إن وطيس المعركة الانتخابية بات واضح المعالم بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث إن الوصول لعضوية مجلس الأمة لم يعد الهدف منه "للأسف الشديد" خدمة الوطن، ومناقشة قضاياه المختلفة، والمحافظة على حقوق المواطنين في العيش بحرية، والتأكيد على المساواة والعدالة، بل على العكس من ذلك إذ لوحظ خلال الحملات الانتخابية وما تمت كتابته في الصحف الكويتية، اليومية منها أو الأسبوعية، أن التجربة البرلمانية ولأسباب متعددة، استغلت لتحقيق أهداف ضيقة، ورسخت مفاهيم تتناقض مع روح الدستور ومواده، والتي تؤكد على أن الانتماء للوطن، وليس لعائلة أو قبيلة أو غيرها من أشكال التنظيمات الاجتماعية السياسية السابقة لقيام الدولة أو اللاحقة لها، وربما بسبب ذلك نشأت المعارضة لقيام تنظيمات سياسية علنية، كما هي الحال في معظم الدول الديمقراطية من قبل فئات اجتماعية ترى في ذلك نهاية لمرحلة ما يمكن تسميته "الفساد"·

لقد أثيرت في الآونة الأخيرة مجموعة من التساؤلات حول ما يسمى بالمال السياسي، والمقصود به استخدام الأموال وغيرها من الهبات في العملية الانتخابية بشكل واسع، وخاصة أن بقاء الدوائر الانتخابية على حالها، أي 25 دائرة انتخابية، يسهل تلك العملية بشكل من الأشكال، وهذا ما حاولت "خلال الفترة ما قبل حل البرلمان" بعض القوى وأعضاء البرلمان وضع بديل آخر متمثلا في 5 دوائر أو 10 دوائر انتخابية، وذلك من أجل القضاء على الظاهرة سابقة الذكر، والتي ترسخ هامشية دور مجلس الأمة الكويتي، ويدل التجاذب الكبير الذي حصل في مجلس الأمة قبل حله على مدى الأهمية التي يوليها الكويتيون لمسألة عدد الدوائر الانتخابية لأنها تلعب دورا مصيريا في تحديد من يمثل الأمة، وإذا كان البعض يرى أن خطوة الحكومة نحو حل المجلس يعتبر انتكاسة للديمقراطية إلا أن المؤكد أن الإعلان عن موعد عاجل للانتخابات، يؤكد على أن التجربة الديمقراطية في الكويت مستمرة لأنها السبيل الأنجح في إحداث تغير في المجتمع، سواء في المجالات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وهي الوسيلة التي تضمن تطور المجتمع سلميا دون اللجوء الى وسائل أخرى لا تحمد عقباها·

وإذا كانت القوى الاجتماعية السائدة في المجلس السابق إضافة الى عناصر أخرى من خارج المجلس، قد أكدت على أهمية تغيير عدد الدوائر الانتخابية وعاهدت منتخبيها على إحداث التغيير لخدمة المصالح الوطنية على حساب المصالح الذاتية، فإن العنصر النسائي الذي يدخل الانتخابات لأول مرة في تاريخ الكويت السياسي المعاصر، هو الآخر قد أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة تغيير عدد الدوائر الانتخابية، ومن هنا فإن دور المرأة في هذه المرحلة التاريخية سيكون مؤثرا سواء في عملية الترشيح والانتخاب على الرغم من كل المعوقات التي بدأت بالبروز على السطح من خلال قيام بعض الأشخاص من ذوي الاتجاهات المعروفة باستغلال وضعية المرأة كزوجة أو كأم أو كأخت أو مجرد كونها أنثى، وهذا يعني أن عليها أن تكون تابعا يمارس الضغط عليها لمسايرة ما يريده الرجال في المجتمع·

إن ظاهرة شراء الأصوات "وهي بالمناسبة ظاهرة قديمة في مجتمعات العالم الثالث سواء في الخليج أو غيره من دول العالم الثالث" هي من أخطر معاول هدم الديمقراطية والمساس بترسيخ مفهوم الدولة والمصلحة العامة·

إن المجلس القادم "وبعد فرز الأصوات والتي أرجو أن تنال المرأة فيه عددا من المقاعد" سيحدد مستقبل الدستور والديمقراطية في الكويت كنموذج لدول المنطقة، وقبل الوصول الى تلك النتائج، فإن على القوى السياسية بكل أشكالها والفئات الاجتماعية، إضافة الى النخبة الاقتصادية مسؤولية كبيرة ستقع عليها وسيسجل التاريخ دور تلك القوى في المحافظة على الديمقراطية، وعلى تماسك البنيان الاجتماعي ومحاربة أمراض القبلية والطائفية وغيرها من أشكال التعصب الأعمى·

إن الأوضاع التي تمر بها المنطقة في الوقت الراهن هي أوضاع غير مستقرة الى حد كبير، وخاصة ما نشاهده في العراق "على سبيل المثال"، والتهديدات الأمريكية في إعادة التوازن في المجال النووي لصالح إسرائيل، وما قد ينجم عنه من مخاطر تهدد المنطقة بشكل مباشر فيما لو قامت حرب الخليج الرابعة، وهي التي نرجو أن لا تحدث لأنها ستعيد الى الأذهان أحزان حزيران وتسربات تشرنوبل، وما جرى في الحرب العالمية الثانية من دمار شامل، إن مثل هذه الأوضاع تتطلب من الناخب الكويتي أن يفكر بأطفاله وبالوطن بدلا من المصالح الآنية والذاتية قبل أن يدلي بصوته، وعليه أيضا أن لا يقع تحت إغراءات المال السياسي·

ولعل من الملاحظات الجديدة والمبشرة والواعدة على الساحة الكويتية، بروز جيل جديد من الشباب ممن يؤمنون بدولة المؤسسات، وأن الوطن للجميع وبأهمية المحافظة على الدستور، والمحافظة أيضا على النموذج السياسي الكويتي، وخاصة في مجال العلاقة بين الحاكم والمحكوم، إن هذا الجيل هو إفراز حقيقي لمرحلة ما بعد 1990 وما تلاها من تطورات سياسية واجتماعية على الساحة الكويتية، إضافة الى ذلك بروز العناصر النسائية والتي لا تقل جدارة ولا خبرة في مجال العمل العام، ومن هنا فإن الصيف الحالي سيشهد مباراتين، مباراة الأرجل ومباراة العقول، والتي نرجو ألا تتحكم فيها الأموال والمكاسب الآنية·

من سيكون الفائز ومن سيكون الخاسر في هاتين المعركتين، سؤال مطروح وجوابه مؤجل حتى نهاية المعركة؟ ليس مهما من سيكون الخاسر سواء في المباريات أم في الانتخابات، المهم ألا نخسر الوطن، فالذي يخسر جولة اليوم قد يكسبها غدا ولكن لا شيء يعوض الوطن عندما نخسره!!!!·

* وحدة الدراسات والبحوث

malmutawa@albayan.ae

�����
   
�������   ������ �����
من يدفع ثمن الصراع؟
احترام العقل الإنساني
ما بين عامي 1956- 1967!!
بوش: انقل تمثال الحرية!!
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!
المنتدى الإعلامي العربي
الأسطورة والنفط
من هو الأهم؟
الإنسان هو الأقوى
دبي.. هي الرؤية المستقبلية
المعذرة سيد سماحة
مهلا سيد بلير!!
استراحة المحاربين
الرقم السابع يطرق الأبواب
قراءة أولى في الانتخابات
المشاركة رؤية وطنية
إرادة الإنسان هي الأقوى!!
المحافظة على حلم جميل !!!
الوطن في مرحلة جديدة
  Next Page

لماذا بيضاء؟:
مجموعة من أبناء الدائرة الثالثة
مولد مولانا.. المونديال!:
سليمان صالح الفهد
المؤهل المالي!!!:
سعاد المعجل
المرشح الكامل من عجائب الدنيا السبع.. ولكن:
محمد بو شهري
ما كل برتقالي... برتقالي:
المحامي نايف بدر العتيبي
التقدم نحو الوراء:
د. فاطمة البريكي
الرهان:
مسعود راشد العميري
مااااء!!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
لماذا تجب محاربة الفساد؟:
د. محمد حسين اليوسفي
الإدارة الأمريكية ومشروع تقسيم العراق:
د. نسرين مراد
تحديات حزيران "يونيو":
د. محمد عبدالله المطوع
وحدهم في العراء:
د. لطيفة النجار
عذاري وين الماي وينه؟:
يوسف الكندري
لا للـ 29:
على محمود خاجه