مع اقتراب ساعة الحسم في الساحة الانتخابية الكويتية، ترتفع درجة سخونة التنافس، وتزداد حدة حماس المرشحين وطرحهم بهدف استقطاب أكبر شريحة من المواطنين الذين يتدافعون بدورهم لفرز مرشحيهم والاستقرار على الأصلح برأيهم!!
الانتخابات الكويتية، شأنها شأن أي انتخابات أخرى، لا تخلو من المبالغة في الحماس والطرح، وهو أمر لا شك يدركه كلا الطرفين، فالناخب والمرشح يدركان جيدا الشق الحماسي في الانتخابات والذي هو من لزوم الإثارة، والشق الواقعي الذي يحاكي الظروف المتاحة·
من المستجدات التي دخلت الساحة الانتخابية الكويتية، تسخير تكنولوجيا الاتصالات والإنترنت في الحملات الانتخابية، وهو أمر ضاعف من عدد الشباب في دائرة التنافس الانتخابي، وذلك لتمكنهم ومهارتهم في هذا المجال، مما أضاف بعدا إيجابيا على العملية بشكل عام·
لكن هذا البعد الإيجابي، قابله بعد سلبي وخطير، نخشى أن ترسخه الحملات الانتخابية الحالية ليصبح فيما بعد قاعدة قد تحمل في طياتها تشويها كبيرا لمغزى التنافس الانتخابي وأهدافه، حيث سادت الحملات الانتخابية الراهنة موجة من الإسراف في أعداد المقار الانتخابية وموائدها العامرة مع طاقم أنيق من المضيفين، وبصورة تداخلت في أحيان كثيرة مع المعايير الحقيقية أو لنقل المقبولة في هكذا تنافس·
هنالك شروط يتعين توافرها قبل خوض المرشح حملة التنافس باتجاه مجلس الأمة، ولكن ليس من ضمن هذه الشروط أن يتمتع المرشح بوفرة مالية تؤهله لخوض الانتخابات، ولكن ذلك وبكل أسف أصبح شرطا مفروضا، وأكثر ما نخشاه أن تكون القاعدة قد أصبحت بأن من مؤهلات المرشح الانتماء الى أسرة معينة أو قبيلة أو طائفة، أو أن يتمتع بموارد مالية خصبة تفتح له الطريق لتمثيل الأمة تحت سقف البرلمان·
قد لا يكون بإمكاننا معالجة مسألة إقحام "المؤهل المالي" كشرط لخوض الانتخابات من خلال قانون، ولن نستطيع إيضاً أن نقنن هذا الإسراف الشكلي في أعداد المقار الانتخابية والذي يأتي على حساب الطرح الجوهري لقضايا البلد، لذا فإننا نعود بالمشكلة الى بدايتها، أي الى تقنين عدد الدوائر وتقليصها بصورة صارمة تقطع الطريق على كل هذه السلبيات التي أفرزها ولا شك تقسيم الدوائر الحالي·
لقد حان الوقت لأن تخرج الممارسة الديمقراطية الكويتية من مرحلة الطفولة، الى مرحلة النضج، وأولى سمات النضج، تأتي في عقلنة الأمور، وعقلنتها لن تكون إلا بإعادة رسم المغزى الأول من الممارسة الديمقراطية، أي حكم الشعب بالشعب وللشعب، وقطعا ليس كل أهل الكويت ثريا·· ومتخماً ومسنوداً من عائلة أو قبيلة أو طائفة، فهنالك شباب يملؤه الطموح السياسي واللهفة لطرح برامج ومشاريع وطنية ثرية في محتواها، هؤلاء قطعا سيقطع عليهم شرط التأهل المالي الطريق نحو الارتقاء الى قمة العمل السياسي·
suad.m@taleea.com |