غداً نتوجه نحن المواطنين إلى صناديق الاقتراع لاختيار خمسين نائباً لعضوية مجلس الأمة لأربع سنوات قادمة· وأربع سنوات ليست زمناً طويلاً بمقاييس التاريخ، بيد أنها زمن طويل في مقياس ثروة ناضبة اسمها البترول يتم الإسراف في استنزافها· الكويت التي تعتمد على هذه الثروة بشكل شبه مطلق تحاول حكومتها بشتى السبل زيادة إنتاجها من المستوى الحالي وهو مليونان ونصف المليون برميل إلى أربعة ملايين برميل في السنوات القليلة القادمة· لا أحد يعلم بأي منطق تسير عليها سياسة الحكومة البترولية، فالنفط تزداد أسعاره، ومحاولة زيادة الإنتاج تؤدي إلى تقليل أسعاره أو في أفضل الأحوال إبقائه على ما هو عليه· وهذه خسارة لنا وإهدار لثروة الكويتيين الوحيدة· والحجة التي تقال تبريراً لهذا القرار غير التجاري تبرير غير مقنع وهو أن زيادة أسعار النفط ستؤدي إلى أن تكون مصادر الطاقة البديلة مصادر اقتصادية، وبالتالي سيتجه العالم إلى تلك المصادر البديلة الأمر الذي سيؤدي إلى فقداننا لأهم مقوم من مقومات حياتنا ألا وهو النفط· ولعل الرد على تلك الحجة بسيطة وهو أن المصادر البديلة لن تحل بدل النفط في ليلة وضحاها، بل ستستمر العملية عقوداً طويلة، لتتكيف اقتصاديات العالم على ذلك· ثم إن النفط إذا فقد خاصيته كطاقة فإن له خاصية أخرى وهي أنه مادة يمكن تصنيعها واستخراج العشرات من المكونات الكيمائية المفيدة منها· وهذه تعطي قيمة إضافية أكثر بعشرات المرات مقارنة بتصدير النفط كمادة خام·
لو اتجهنا إلى زيادة إنتاج النفط - ثروتنا الوحيدة - دون مبرر، فسيكون عمره قصيراً، قدره الخبير الاقتصادي الكويتي عبد الله النيباري بثلاثين سنة فقط!! وهذه السنوات ستمضي كلمح البصر!! ولو علم الكويتيون أن ثروتهم ناضبة في هذه الفترة القصيرة، فإنهم لا محالة سيطالبون وبصوت واحد بتحديد الإنتاج وربطه بالاحتياجات الحقيقية لميزانية الدولة، ثم تقليص نفقات الدولة على المشاريع "الديكورية"، وتصنيع النفط بدلاً من تصديره على شكل خام، وتنويع مصادر الدخل وإيجاد بدائل للنفط، ومحاولة استعادة دور الكويت التجاري في ظل تغير النظام في العراق، ثم بناء نظام تعليمي يرفد ذلك التوجه بكوادر قادرة على تحقيق تلك المطالب·
ولو فكر الكويتيون هكذا، فإنهم لن ينتخبوا إلا أولئك المرشحين والمرشحات الذين وضعوا نصب أعينهم تحقيق تلك المطالب كعبد الله النيباري ومحمد العبدالجادر وأحمد السعدون ومسلم البراك وعدنان عبد الصمد وعادل الصرعاوي وعلي الراشد وفاطمة العبدلي وغيرهم ممن يشهد لهم تاريخهم النزاهة والحرص على المصالح الوطنية·
alyusefi@taleea.com |