تتلخص الإجابة عن هذا السؤال في أن الفساد يهدر إمكانياتنا المادية والبشرية، ويمنح امتيازات للبعض دون وجه حق، والفساد يؤدي إلى ضياع مبدأ تكافؤ الفرص أمام المواطنين، وهو يقود إلى تشويه إرادة الناس عن طريق شراء الذمم، مما يترتب عليه وصول أشخاص إلى مناصب قيادية هم ليسوا أهلاً لها، وبالتالي لا يكون هَمُ هؤلاء إلا المنفعة الشخصية بدلاً من الخدمة العامة·
والكويتيون يستشعرون هذا الفساد وذلك التنفيع الضارب أطنابه في عمل حكومتهم· ومرارة الكويتيين مكمنها شعورهم العميق أن بلدهم كان يمكن أن يكون كسويسرا أو كغيرها من البلاد المتقدمة: تنظيماً ونظافة ومؤسسات واقتصاداً لولا هذا البلاء المستشري الذي اسمه الفساد· فالكويت لا ينقصها شيء كي تكون في مصاف سويسرا مثلاً· فهي من أغنى بلدان العالم دخلاً، ومساحتها صغيرة فضلاً عن عدد سكانها المحدود، وبالتالي فإن مواردها الهائلة ستوزع على عدد قليل من البشر، ومشاريع البنية التحتية لن تكلفها إلا النزر اليسير مقارنة بالدول المترامية الأطراف·
ترى هل نصدق أن الفساد الإداري ليس له دور حينما ننظر إلى منطقة حولي أو السالمية وقد امتلأت بالمجمعات التجارية والسكنية دون أن تكون لتلك المجمعات مواقف لسيارات زبائنها أو سكانها؟ هل من المعقول أن تنطلي تلك المخططات على البلدية وأن تجيزها من غير "دهان سير"؟!
ثم هل نصدق أن تكون مباني الحرم الجامعي في الشويخ بهذا السوء بحيث أخذ يتساقط رخام التلبيس من على جدارها ولم يمض على بنائها إلا سنوات قليلة؟! أكيد أن هناك خللاً ما في تلك العملية، وأكيد أن المخططات مررت دون دراسة وتمحيص ومناقشة مستفيضة· والنتيجة، سياج من الحديد موضوع داخل أروقة الشويخ خوفاً من سقوط ذلك الرخام على طلاب وأساتذة الجامعة كما حصل في مرتين سابقتين، والله وحده ستر!!
هذا غيض من فيض، ولو أردنا أن نعدد صنوف وأشكال الفساد لأتينا بمئات الحالات منها· وهذا ما يدفعنا إلى أن نجعل من محاربة الفساد قضيتنا الأولى، ولن نستطيع ذلك إلا بانتخاب أولئك الرجال والنساء الشرفاء الذين ثبت من تاريخهم نزاهتهم واستقامتهم·
alyusefi@taleea.com |