منذ وقوع الحادث الإجرامي (مقتل الحريري) ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية مشغولة في محاولة الإجابة عن سؤال الساعة!·· من المستفيد الأكبر من مقتل الحريري؟ معظم التحليلات السياسية تدور حول اتهام إما سورية أو إيران أو إسرائيل في هذه القضية، لأن لكل من هذه الدول مصلحة ما في "تعكير الوضع اللبناني"، سورية أخذت نصيب الأسد في الاتهام بالضلوع في عملية الاغتيال الوحشي باعتبارها مهتمة في "محاولة الإمساك بالورقة اللبنانية لأطول مدة ممكنة لضمان الحصول على "الحد الأدنى"! من المكتسبات في عملية التسوية الشرق أوسطية"·· ومع أن بعض المحللين يرون أن سورية ليست بهذه السذاجة السياسية بحيث لا تستطيع قراءة المستجدات الدولية الراهنة (بجوارها) إلا أنهم (المحللين) يشيرون الى الصراع التقليدي الدائر بين حرس الثورة القديم والحراس الجدد في كيفية التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية الراهنة لمواجهة التحديات الجديدة·
إيران بطبيعة الحال تدخل في محور الشر الأمريكي، ولهذا فهي تعمل جاهدة على الإبقاء على الشيطان الأكبر "غاطسا حتى أذنيه" في المستنقع العراقي، ولا مانع من إيجاد مستنقع آخر لتفادي المواجهة معه، إلا أن المراقبين يرون أنها ليست بوادر استعداء العالم (خصوصا فرنسا) بمثل هذا التصرف الخطير، كما أنها لا تريد إحراج الحليف السوري!· إسرائيل في واقع الحال ليست بالغائبة عن كل ما يحدث بالمنطقة (خصوصا في دول الجوار) فالمسألة بالنسبة لها مصيرية· توجيه أصبع الاتهام لإسرائيل يرتكز على رغبتها في تفعيل القرار 1559 بأسرع وقت ممكن للاستفادة من الوضع الدولي الراهن والضغط على سورية لتقديم التنازلات المطلوبة (إسرائيليا)، إلا أن المحللين يعتقدون أن الوقت غير ملائم لإضعاف "المعارضة" اللبنانية القوية (الحريري يمثل الجزء المعتدل منها) ضد الوجود السوري في لبنان·
من المستفيد الأكبر من اغتيال الحريري؟·· هذا ما ستكشف عنه الأيام والأسابيع أو ربما السنوات المقبلة!·· ما يهمنا من هذه العملية المأساوية وشاكلتها "وهي كثيرة" هو قيمة الإنسان العربي والثمن الرخيص لهذا الدم العربي المهدور في لعبة الشطرنج الدموية (العربية منها والدولية)·· وإذا كان الإنسان العربي (حتى بحجم الحريري) رخيص الى هذه الدرجة حتى بين الأهل والأصدقاء فما بالك بقيمته عند الغرباء!! |