رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 محرم 1426هـ - 23 فبراير 2005
العدد 1666

التميمي وتاريخ الناس في الخليج العربي(1)
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

التاريخ الاجتماعي هو المساحة المشتركة بين علمي التاريخ والاجتماع، حيث لا يمكن فهم أحداث التاريخ وتطور المجتمع إلا بذلك التزاوج بين نزعة علم التاريخ نحو توثيق الحوادث حسب تسلسل وقوعها، وبين علم الاجتماع الباحث عن أسباب تلك الحوادث ضمن سياقها الاجتماعي· وكتاب "تاريخ الناس"  محاولة ي هذا الإطار يروم صاحبه (الأستاذ الدكتور عبد المالك التميمي) إلى تناول عدة ظواهر اجتماعية في عمقها التاريخي· ويقع الكتاب في 201 صفحة من القطع الصغير، تتوزع صفحاته بين سبعة فصول فضلاً عن مقدمة وخاتمة وثبت بالمراجع·

  البداية هي الحديث عن الآثار الاجتماعية للنفط، ولعل أبرزها هي الحياة المرفهة التي يعيشها أبناء المنطقة وتمتعهم ببنى تحتية متطورة مثل شبكة الطرق الحديثة ووسائل الاتصالات المتطورة والخدمات الصحية والإسكانية والتعليمية والرعاية الاجتماعية وغيرها· وهذه تمت بفضل سياسات الإنفاق الحكومي أو ما يعرف "بدولة الرفاه"· ويشير التميمي إلى أن دول الخليج العربي " قد أنفقت على تحديث مجتمعاتها  تريليوني دولار خلال ثلاثين عاماً·"(ص 13) لكن ظهور النفط لم يخل من مشكلات أصبحت هذه المجتمعات تعاني منها كمشكلة الأرض التي أضحت أسعارها خيالية ترهق المواطن، أو استشراء النزعة الاستهلاكية، فالكويت ذات المليونين ونصف من السكان بها مليون سيارة وألف مطعم وخمس مئة سوق مركزي!! ومجتمعات الخليج العربي التي يشكل مواطنوها أقلية في بلدانهم هي ذاتها تعاني من وجود بطالة بين مواطنيها تقدر بـ %14,8 ولعل المشكلة التي لا يمكن تصديقها -  لكنها تمثل واقعاً حقيقياً - هي مشكلة الفقر بين المواطنين، وهذا ما بينته زيارة الأمير عبد الله لبعض المناطق الفقيرة في المملكة العربية السعودية ص (24)· ولا ينسى الدكتور عبد المالك التميمي في التركيز على مشكلتي الفساد الإداري ومشكلة الشباب في معرض تناوله للآثار السلبية لظهور النفط· ويعرج التميمي في الفصل ذاته للحديث عن طبقتي التجار والعمال، فيرى أن طبقة التجار قد لعبت دوراً أساسياً قبل النفط وهي تلعب أيضاً دوراً مهماً الآن، ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل أيضاً على مستوى النشاط السياسي وبناء مؤسسات المجتمع المدني· أما الطبقة العاملة، التي هي ثمرة اقتصاد النفط، فإنها تنقسم إلى أقلية من المواطنين وأغلبية من الوافدين، وهؤلاء - أي الوافدين - لا يمثلون طبقة متجانسة بفعل انتمائهم إلى أصول متعددة·

  يذهب المؤلف في فصله الثاني إلى أن البداوة قد انتهت بمعناها التقليدي رغم بقاء القيم القبلية التقليدية· إن عملية التحضر قد شملت جميع المجتمعات الخليجية إما بشكل عفوي - كما حدث في الكويت وقطر - أو بشكل مدروس كما في السعودية ( بين 1912 - 1930 في بناء الهجر في الصحراء و1958 في مشروع وادي سرحان قرب الحدود مع الأردن)، وفي عمان (توطين قبيلة الحراسيس)  إضافة إلى عملية التوطين التي تمت في منطقة العين في الإمارات· ولقد أثارت مشكلة تبعية القبائل، وبالتالي ترسيم الحدود أزمات سياسية بين دول المنطقة لعل أبرزها الصراع على منطقة البريمي في الخمسينات· ويقرر التميمي أن هناك عودة إلى النزعات العشائرية في المنطقة العربية بشكل عام، إذ يعتبرها البعض " ردة حضارية " حيث " تقوى القيم القبلية وتضغط على القيم المدنية·"

  ظهور النفط أدى فيما أدى إلى هجرة كثيفة إلى المنطقة طلباً للرزق· ويقدر عدد سكان المنطقة بحوالي 24 إلى 25 مليون نسمة، منهم حوالي عشرة ملايين وافد في السعودية وحدها· وتشاطر الإمارات قطر في ارتفاع نسبة الوافدين (%80  تقريباً) في حين يتناصف الوافدون مع المواطنين سكان السعودية وعمان· لكن أهمية الوافدين لا تكمن في نسبتهم إلى إجمالي السكان - وإن كانت مهمة - بل تتجلى في دورهم في العملية الإنتاجية، إذ يمثلون أكثر من %90  من القوة العاملة في أكثر من بلد خليجي كقطر والإمارات، وبنسبة مهمة كما في الكويت وعمان والسعودية والبحرين· ويحاول التميمي إيجاد تفسير لظاهرة طغيان العمالة الوافدة في قوة العمل في سياق حديثه عن مجتمع الوافدين في الفصل الثالث، فيرجعها إلى صغر القاعدة الديمغرافية للسكان الأصليين، وتدني مهاراتهم الفنية أو ترفعهم عن القيام ببعض الأعمال، وضعف مساهمة المرأة في سوق العمل فضلاً عن التقاعد المبكر· ولعل أبرز التأثيرات السلبية لوجود العمالة الوافدة التي يتناولها المؤلف تلك الآثار المتصلة بالخدمة المنزلية وتربية الأطفال·

  عديمو الجنسية أو "البدون" وجدوا لهم مكاناً في كتاب "تاريخ الناس" إذ هم يشكلون جزءاً من "ناس" هذه المنطقة، ومشكلتهم تعاني منها كل المجتمعات الخليجية ولو بدرجات متفاوتة· والإشكالية التي واجهها المؤلف ويواجهها كل باحث هو عدم وجود أرقام دقيقة لهذه الفئة فيما عدا تلك المتوفرة عنهم في الكويت والبحرين· ومما يزيد من تعقيد مشكلة البدون هو خوف البعض من فتح باب التجنيس على مصراعيه "وتأثير ذلك على هوية المجتمع"· أما الحل فيكمن كما يرى المؤلف في تجنيس المستحقين منهم والابتعاد عن التجنيس لاعتبارات سياسية· وللحديث صلة.

alyusefi@taleea.com

�����
   

في جذور التفكير الإرهابي
هذا كافر.. وهذا مشرك.. إلخ:
أحمد حسين
تغيير الأنظمة العربية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
التطبيق.. لا النظرية:
سعاد المعجل
تبا لتلك الأيادي الآثمة:
محمد بو شهري
تبا لتلك الأيادي الآثمة:
محمد بو شهري
الحريري الإنسان:
المحامي نايف بدر العتيبي
الدعم والزعم:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الحريري وقيمة الدم العربي:
مسعود راشد العميري
الديمقراطية والعرب!:
عامر ذياب التميمي
التميمي وتاريخ الناس في الخليج العربي(1):
د. محمد حسين اليوسفي
شهادة جندي(2-2):
عبدالله عيسى الموسوي
السيناريوهات الثلاثة لغزو إيران:
موسى داؤود
كلام الصمت:
مبارك صالح النجادي
ثوابت ملزم النائب بها:
عبدالخالق ملا جمعة
الجماعات المتأسلمة والإرهاب:
يوسف مبارك المباركي
ظاهرة الموظفين بالوكالة:
عبدالحميد علي
الإرهاب وصناعة "المجانين"!:
رضي السماك