تعتبر الممارسة الديمقراطية ممثلة بمجلس الأمة وبعمليات الانتخاب والترشيح، والصحافة الحرة من المعالم البارزة التي تميز الكويت كدولة متحضرة، وهي - أي الممارسة الديمقراطية - إرث مشرف حمله رجالات الكويت الأولين، وسلموه لنا أمانة في أعناقنا، و"الطليعة" ومن هذا المنطلق دأبت على التصدي لكل المحاولات العبثية والرامية الى تهميش ذلك الإرث، آخرها كان من حملة "الطليعة" ضد مساعي الحكومة الرامية الى إجراء تعديلات جوهرية على لائحة مجلس الأمة الداخلية بهدف تقليص الدور الرقابي لنائب الأمة·
نحن لا ننكر حجم التدني في الأداء الذي أصاب المجلس في الآونة الأخيرة لكن ذلك لا يعني أن نتخلى أو نزايد على تلك المكاسب الديمقراطية·
تعديل لائحة مجلس الأمة هي صيغة جديدة من محاولات الحكومة المستمرة لتهميش دور المجلس الرقابي، فبعد أن تمكنت الحكومة من تفريغ الدستور من مضامينه، تأتي اليوم في محاولة جديدة لإلغاء دور النائب، وبصورة تجعله "أليفا" ومهادنا وبعيدا عن إزعاج الاستجوابات، أو الأسئلة البرلمانية الحرجة·
الجدل الدائر داخل أروقة المجلس يدور حول فاعلية بعض مواد اللائحة الداخلية والمتعلقة بانضباط النواب وحضورهم، وأيضا بحدود النقاش وأخلاقياته وكذلك بالالتزام بحضور اللجان، وكلها أمور تسعى الحكومة الى تعديل النصوص الواردة فيها، عذرها في ذلك يحوي مبررات واهية، تتعلق بالأسلوب المتبع في تطبيق تلك البنود من اللائحة الداخلية، بالمختصر المفيد، المطلوب هو تفعيل تلك المواد من اللائحة الداخلية، وليس تجميدها أو تعديلها، فالخلل في أداء المجلس لا يمكن تقويمه إلا من خلال إعادة دور النائب، وكما نصت عليه بنود اللائحة الداخلية، خاصة بعد أن تراجع دور أغلب النواب وتحول حضورهم من قاعة المجلس الى مكاتب الوزارات والهيئات الحكومية لإنجاز معاملات المواطنين، وتجمد العمل في لجان المجلس بسبب التغيب المستمر لبعض النواب، على الرغم من النصوص الصريحة في اللائحة الداخلية الحالية والتي تحوي المادة (25) منها على عقوبات صارمة في حال تكرار غياب العضو·
إن التصدي لكل المحاولات الرامية الى تفريغ المجلس وأعضائه من أدوارهم هي ولا شك مهمة كل مواطن حريص على التمسك بالمكاسب الديمقراطية التي قطعنا فيها شوطا لا بأس به، وإذا كان ولا بد من إصلاح واقع المجلس فإن الحكومة بهذا الصدد تكون قد سارت في الطريق المعاكس، لأن الخلل كل الخلل ليس في بنود اللائحة الداخلية، وإنما هو في إلغاء تطبيق نصوصها كما وردت، وكما أشرف عليها رجالات الكويت المخلصون، فالنظرية لم تكن يوما ملامة، وإنما العيب كان دائما في التطبيق!! فلنتمسك جميعا (بنظرية) الديمقراطية، فهي المخرج الوحيد من كل أزمات التطبيق الخاطئ·
suad.m@taleea.com |