| اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري هو جريمة وحشية بكل المقاييس ولا بد من محاسبة الفاعلين ومعاقبتهم·
ولكن التعاطي السياسي مع هذه الحادثة بدأ ينعكس سلبا وبصورة كبيرة على الساحة اللبنانية حيث اصطفت مجموعة من اللبنانيين الذين يشكلون "المعارضة" كفريق سياسي وشعبي ضد الحكومة اللبنانية التي يصطف معها سياسيون أيضا·
وبذلك انقسم المجتمع اللبناني الى قسمين وكذلك انقسم الشارع اللبناني·
وهنا لا بد من الاستماع الى صوت العقل وهو صوت غير مسموع للجموع التي تحركها العواطف والأصوات العالية·
الهدف المعلن للمعارضة هو إسقاط الحكومة ورئيس الدولة وهما مطلبان قد يتحققان بطريقة وأخرى خصوصا مع التدخل الأمريكي - الفرنسي السافر ولكن السؤال: من سيأتي رئيسا للدولة وكيف؟ ومن سيعين الحكومة وكيف؟
وهنا لا بد من التعاطي مع الوضع اللبناني المعقد حيث المناصب هناك مقسمة على أساس القوى الطائفية والدينية، فمن المتعارف أن رئيس الجمهورية لا بد أن يكون مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان مسلما شيعيا، ورئيس الحكومة مسلما سنيا، وهنا يطرح السؤال: من سيرشح رئيس الجمهورية؟ هل مسيحيو المعارضة أم مسيحيو "الموالاة" كما يطلقون على أنصار الحكومة في لبنان؟! من سيعين رئيس الحكومة "السني" هل سنة المعارضة أم سنة الموالاة؟! وهكذا· وأين يقف المسلمون الشيعة في لبنان وهم يشكلون ما يوازي نصف الشعب اللبناني كله؟! وهل ستتم الانتخابات على أساس القوائم كما جرى في العراق فيتصدر الشيعة القوائم الانتخابية أم أنها ستجري بأسلوب اتفاق الطائف نفسه؟ وماذا سيكون عليه اتفاق الطائف بعد ذلك؟ ثم ما الدور الأمريكي - الفرنسي الضاغط بقوة لإجبار لبنان على الاعتراف بالكيان الصهيوني وبالتالي إحراج المقاومة اللبنانية؟! وهل سيقبل الشعب اللبناني ويرضخ لهذا الضغط، أم أن الإدارة الأمريكية ستكرر سيناريو العراق وأفغانستان على لبنان وسورية ومن ثم سيكون تغيير الأنظمة قانونا دوليا تقوم به أمريكا لتغيير أي نظام يرفض الرضوخ لمطالبها؟
الحالة اللبنانية ستكون مفترق طرق للواقع العربي الذي أضحى كله مهددا لتغيير أنظمته من الحكم الوراثي والدكتاتوري الى حكومات ديمقراطية كما حدث في العراق، وسيكون لبنان محطته الجديدة وبعدها ستكر السبحة خصوصا أن أمريكا ليس لها صديق دائم حتى لو كان بمستوى شاه إيران المقبور. |
