آخر السيناريوهات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط نشرته "مجلة أتلانتيك" ويتعلق بغزو أمريكي لإيران ويقوم هذا السيناريو على ثلاث مراحل، أولاها ضرب معسكرات الحرس الثوري، ثم ضرب مواقع أسلحة الدمار الشامل، ثم يبدأ زحف القوات على طهران من خمسة اتجاهات لفرض الحصار عليها في الوقت الذي يتم فيه تشكيل "حكومة صديقة" من الإيرانيين الأصدقاء لواشنطن ويرتبط هذا السيناريو بالسياسة التي تتبعها واشنطن في المنطقة إذ هو يستخدم كل المعطيات السياسية والعسكرية الاستراتيجية التي أسستها الولايات المتحدة في المنطقة على مدى عقود ماضية، وأقامت خلالها علاقات سياسية وعسكرية مع الكثير من الدول، وأسست قواعد عسكرية ونشرت أساطيل، ووثقت علاقات متعددة الأطراف، ولا سيما في الجانبين العسكري والأمني مع إسرائيل، ثم أضافت إلى ما تقدم غزوها لأفغانستان من العراق في إطار تعزيز وجودها العسكري الاستراتيجي في المنطقة، وبعدها أطلقت مشروعها السياسي "الشرق الأوسط الكبير" لرسم مستقبل المنطقة وفقا لرؤية واشنطن وتوافقا مع مصالحها، وأهمية سيناريو غزو إيران في أحد جوانبه، أن الذين شاركوا في نقاشه ورسم خطوطه هم مجموعة من جنرالات الجيش ورجال المخابرات الأمريكية المتقاعدين والذين اختاروا خلال تعاملهم مع الموضوع، أن يمثلوا شخصيات كبار رجال الإدارة الأمريكية من المستويات السياسية والعسكرية بكل ما يعنيه ذلك من معطيات كي يكون السيناريو أقرب إلى الواقع، وأبرز المشاركين في رسم غزو إيران سام غاردنر (Sam Gard enar) وهو عقيد متقاعد وضع قبل عشرين عاما سيناريو غزو العراق الذي استفاد منه الجنرال تومي فرانكس قائد القوات التي غزت العراق في العام 2003 وشاركه في ذلك ديفيد كاي مدير فريق الأمم المتحدة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل والذي لم تفلح جهوده بالعثور عليها، وكينيث بولاك خبير الشؤون الإيرانية في معهد بروكنفز في واشنطن وكان في السابق مسؤولا عن إيران في وكالة الاستخبارات المركزية وقد أصدر قبل غزو العراق بعام كتابه "العاصفة المهددة: دعوة لغزو العراق" لتعزيز الخط الداعي لغزو العراق في الولايات المتحدة إضافة إلى كينيث بيكون مدير منظمة "ديفيو جيز إنترناشيونال" لإغاثة اللاجئين· ووضع المشاركون في بحث سيناريو غزو إيران المقدمات السياسية لعمليات الغزو، ملاحظين أن الغزو في خطواته الثلاث، سيحتاج إلى بيانات تبريرية بحيث يتم ضرب معسكرات الحرس الثوري مع إصدار بيان يؤكد أن السبب هو تدخل الحرس الثوري في شؤون العراق، ويجري ضرب مواقع أسلحة الدمار الشامل، ومن ضمنها المفاعلات النووية بعد إصدار بيان يعلن أن إيران تحدت الرأي العام العالمي فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ويسبق توجه قوات الغزو نحو طهران لإسقاط النظام فيها صدور بيان يصف النظام الإيراني بأنه نظام دكتاتوري ويؤيد الإرهابيين، وكما هو معروف فإن التبريرات مطروحة في العالم نتيجة الاشتغال المكثف عليها منذ وقت طويل، وهو اشتغال مستمر ليس من جانب واشنطن فقط بل من جانب دول وقوى ومؤسسات دولية تتماشى أهدافها مع أهداف السياسة الأمريكية إزاء إيران مثل إسرائىل أو أنها خاضعة لإملاءات واشنطن، وفي هذا السياق تندرج اتهامات الحكومة العراقية الموقتة لإيران بالتدخل في الشؤون العراقية، وكذلك تصريحات محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتهامات التي تطلقها مراكز إعلامية تربط بين إيران وجماعات القاعدة·

بالرغم من أن سيناريو غزو إيران، هو أمر افتراضي من الواقعية فإن من الصعب تجاهله والتقليل من أهميته وخاصة في ضوء أمرين اثنين: أولهما أن الولايات المتحدة لا تستبعد استخدام القوة كطريق لتغيير الأنظمة التي تعارض سياساتها أو تعترض عليها، وهو سلوك له تأكيدان عمليان في سياسة واشنطن مع أفغانستان والعراق جاري إيران والأمر الثاني أن لدى واشنطن موقفا معاديا واضحا ضد إيران وقد صنفها الرئيس الأمريكي في إطار محور الشر، وهي لم تزل منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تتابع تصعيد سياسة العداء ضد إيران وتغلق فرص حل الخلافات القائمة في ظروف وشروط سياسة واشنطن في المنطقة وفي ظل سياساتها إزاء إيران بشكل خاص، لن يكون من المستبعد أن تطبق واشنطن سيناريو غزو إيران·

ü كاتب بحريني