مثلما نتأثر ونتعاطف بشكل يومي، من جراء العمليات الإرهابية الخسيسة في العراق الشقيق، كذلك فجعنا وحزنا كثيرا، من هول الحادث الإجرامي البغيض، الذي جرى في الأسبوع الماضي في لبنان المكلوم·· إن تلك الأيادي الآثمة اللاإنسانية، قد حصدت الجثث والأشلاء البريئة بأسلوب حقير وقذر·
المسافر الى لبنان، حينما تطأ قدماه مطار بيروت الدولي، يدرك مدى التوسعة والتجهيز والتنظيم في ذلك المكان، وعندما يغادر المطار، مستقلا التاكسي أو سيارته الخاصة، متنقلا بين الطرقات والخطوط السريعة، يكتشف مظاهر العمران والتغيير الجلية للعيان، وإضاف الى ذلك اختفاء آثار الحرب الأهلية على أغلب المباني، ولما يتساءل المرء عن سبب هذا التحول والتطور الجميل، يرد عليك اللبنانيون بأن رفيق الحريري له اليد الطولى في معظم ذلك·
السؤال المهم والذي يطرح نفسه وبقوة: ترى من المستفيد الأول من حادث اغتيال الرئيس الحريري، أن معظم الأصابع تتجه نحو السلطة اللبنانية والنظام السوري، وكي تبرأ السلطة اللبنانية ساحتها، عليها أن تقبل بلجنة دولية منبثقة من قبل الأمم المتحدة تقوم بالتحقيق حول ملابسات الحادث الإجرامي، أما بالنسبة للنظام السوري، علينا أن نعي جيدا أن النظام السوري، هو الخاسر الأول من تلك النكبة، كونه يسرع بتنفيذ القرار الصادر عن الأمم المتحدة رقم 1559، والقاضي بالانسحاب الكلي للقوات السورية من الأراضي اللبنانية، بالتالي افتقارهم لجبهة وعمق استراتيجي مهم، وناهيك عن خسرانهم لمليارات الدولارات التي يحصدونها نتيجة بقائهم في لبنان، وكذلك من خلال التبادل التجاري وحجم العمالة السورية المتواجدة هناك، لذا علينا أن لا نستبعد الصهاينة من تلك المسألة، وبعيدا عن نظرية المؤامرة وعقدها التي ابتلينا بها في العالمين العربي والإسلامي، فحتى لو أن الصهاينة متهمون مقابل خمسة في المئة من تلك العملية الإجرامية، علينا أن لا نخرجهم من دائرة الاتهام·
أرجو أن لا يفهم مما ذكرناه، أننا نحبذ بقاء القوات السورية على الأراضي اللبنانية، أو أننا من الذين يحابون ويدافعون عن الأنظمة الشمولية، فنحن لا نملك قرار الشعب اللبناني، والذي يتوق للحرية أكثر مما مضى، ويرفض وصاية أي سلطة عليه، وكما قال إبراهام لينكولن: لا أحد يحب قيوده ولو كانت من ذهب·
الجدير بالذكر أن المرحوم دولة الرئيس رفيق الحريري، يشهد له التاريخ والكثير من الساسة بكفاحه وعمله الدؤوب، ودوره البارز في إقناع الأطراف المتنازعة بالاجتماع في مؤتمر الطائف عام 1989، والذي وضع الخاتمة لتلك الحرب الضروس، والتي دامت قرابة الستة عشر عاما·
***
مسؤولون صوريون ويتبجحون!
من مهازل الزمن، حينما يتبجح المسؤولون الصوريون، في اتخاذ قراراتهم التعسفية ضد الموظفين بأسلوب عنصري وانتقائي، وبالرغم من أن الكثير من أولئك المسؤولين الصوريين، قد تم تعيينهم ومن هم فوقهم بقرارات داخلية وغير رسمية ولا معترف بها أصلا من قبل الوزارة، نجدهم يستغلون صلاحياتهم بالحضور والانصراف متى شاءوا! وناهيك عن منح المقربين منهم إجازات طويلة الأمد ولا تخصم من أرصدتهم!! وبالمقابل إذا تقدم أحد الموظفين من غير المداهنين، فلا يحق لهم الاستئذان أو التأخر عن العمل تحت أي ظرف كان؟! لذا نتمنى من هؤلاء الطغاة الصغار، أن يراجعوا ضمائرهم قليلا، وأن يبحثوا عن حقيقتهم التافهة بالمرأة، ولاسيما إذا كانت أعينهم لا تسعفهم·
freedom@taleea.com |