مع بداية دور الانعقاد الثالث لمجلس الأمة عادت الحكومة كعادتها بتشغيل أسطوانة "الإصلاح" المشروخة، وبالمقابل عادت "المعارضة" بتشغيل أسطوانة "ما فيش فايدة" المعروفة، وكل دورة انعقاد وأنتم بخير، الواقع أن تكرار هذا المشهد السنوي، في اعتقادي، يرجع الى أن لدى الجهات المكونة للبرلمان وجهات نظر مختلفة بخصوص الإصلاح وأولوياته، فإن كوكتيل المجلس النيابي "بنكهته" الدينية يرى أن "الإصلاح الاجتماعي" له الأولوية ولا بد من تنقيح المادة الثانية من الدستور لتحقيق هذا الإصلاح المنشود، الأطياف البرلمانية الأخرى منها من يرى الإصلاح سياسي بالدرجة الأولى وأخرى ترى الإصلاح الاقتصادي هو الأساس، وبالطبع هناك فئة مستفيدة لا ترى في الأوضاع الحالية ما يستوجب الإصلاح، الجانب الآخر من المعادلة السياسية الكويتية "السلطة التنفيذية" ومن لف في فلكها يرى أن أصول اللعبة السياسية يتطلب الخروج بـ "كوكتيل إصلاح" تماما كما هي حال البرلمان في ظل عدم وجود الأحزاب السياسية ذات البرامج والأهداف الواضحة·
سبق أن قلنا ونكرر اليوم أن الإصلاح يبدأ وينتهي بإطلاق الحريات الإنسانية الأصيلة، حرية التفكير حرية التعبير، النشر، البحث والدراسة، تكوين الأحزاب، تقرير المصير·· إلخ، نحن نتكلم عن الحرية المسؤولة التي تنتهي حدودها عندما تتقاطع مع حرية الآخرين والمجتمع ككل ولا ندعو الى الفوضى كما يدعي البعض، للأمانة لا بد من القول إن بعض القيادات الدينية أدركت مؤخرا أن الدعوة الى الحرية تسبق الدعوة الى تطبيق الشريعة "القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة" إلا أنها "القيادات" تجد صعوبة في شرح وجهة نظرها تلك للتابعين لها بعد أن خلقت أجيالا فقدت وأفقدت مجتمعها معنى الحرية·
الإصلاح الاقتصادي "رغم أهميته" يبقى الرقم الأصعب في المعادلة السياسية - الاقتصادية المحلية·
فالإصلاح الاقتصادي يتطلب فيما يتطلب فرض ضرائب ورسوم في مقابل خدمات ومشاريع عالية الجودة مما يضطرنا بالنهاية للحديث عن الخصخصة والذي سيجرنا بدوره الى موضوع الاحتكار ثم حقوق العمالة الوطنية فالبطالة، وسلسلة من المواضيع المتصلة التي تحتاج الى حرية وشفافية في الطرح والبحث والنقد والدراسة، وأخيرا نأتي الى الإصلاح السياسي الذي لا يحمل في نظرنا إلا عنوانا واحدا "التطبيق الفعلي للدستور" والتمسك بنص وروح الدستور الداعي لمنح المزيد من الحريات ليستنشق الإنسان عبير الحرية الأصيل، عندها وعندها فقط يبدأ الإصلاح·
|