رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 25 رمضان-1 شوال 1423 هـ الموافق 30 نوفمبر-6 ديسمبر 2002
العدد 1555

تحديات خليجية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

لا تقوم الإدارات السياسية في دول الخليج بمعالجة المشاكل الأزلية والمعلقة التي تتعلق بمختلف الأمور في هذه البلدان إلا بعد أن تقع مشكلات كبرى وجادة· ولذلك فإن أحدا لم يكن يتطرق لمشاكل تفاوت توزيع الدخل وعدم العدالة إلا بعد أن ظهرت بوادر العنف والإرهاب واتضح أن الشباب الخليجيين يشكلون العمود الفقري للمنظمات الإرهابية ذات التوجهات الأصولية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم القاعدة، وإذا كان هناك من يحسد الخليجيين على الثروة التي حباها الله لهم وتمثلت بالنفط وإيراداته فإنه يبدو أن المجتمعات الخليجية لا تزال تعاني من التوزيع غير العادل للثروة، وكذلك من التنمية غير المتوازنة في مختلف أطراف هذه البلدان الخليجية·· ولا شك أن هناك معضلات حضارية حالت دون استفادة كل المواطنين في بلدان المنطقة من ثرواتهم، ومن أهم هذه المعضلات تواضع مستوى التعليم في بداية عصر النفط وغياب العمالة الوطنية المدربة، مما حدا بالإدارات السياسية فتح الأبواب على مصاريعها أمام العمالة الوافدة التي جاءت من كل حدب وصوب لتعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية وفي كل المهن والوظائف بصرف النظر عن طبيعة العمل ومستوى الرواتب والأجور·

من جانب آخر لا يمكن إلا أن نقر بأن حكومات دول الخليج بذلت الجهود وصرفت الأموال على التعليم والعلاج الطبي والبنية التحتية من أجل رفع مستوى المعيشة وتأهيل المواطنين وتحسين نوعية الحياة· لكن هذه الأموال، ربما، لم تكن كافية للوفاء بالاحتياجات الاجتماعية في بعض هذه البلدان، ولذلك نجد أن البنية التحتية لم تكتمل في مناطق كثيرة في عدد من بلدان الخليج، ويرى المرء قنوات الصرف المفتوحة التي لا تبعده عن مشاهد في بلدان أفريقية أو في العراق أو سورية أو مصر·· وكم من مدن وقرى خليجية عانت من سيول الأمطار وتأثيرها على المساكن وانسداد الطرق وما تخلفه من تدمير في البنية التحتية، إن وجدت·· وقد أدت التطورات في سوق النفط خلال السنوات الأخيرة الى تراجع شديد في الإيرادات في الوقت الذي استمرت فيه النفقات في التزايد مما أدى الى حدوث عجوزات في موازنات بلدان مثل السعودية والكويت والإمارات مما أجل المشاريع الحيوية التي يستفيد منها السكان·· ومن أهم البنود التي تأتي على الإيرادات هي نفقات التسلح والعسكرة، وهي مخصصات مالية ضخمة لا تترك مجالا لتخصيص مبالغ للمشاريع المدنية ذات القيمة المجتمعية·· ومما لا ريب فيه أن سنوات الثمانينات والتسعينات التي جعلت بلدان الخليج في حال توجس ورهبة من البلدان المجاورة مثل العراق وإيران دفعت الى زيادة الانفاق على التسلح، وربما لن تتحرر هذه البلدان من هذا التوجس إلا بعد تحرير العراق من نظامه الحالي المعادي للسلم والاستقرار في هذه المنطقة من العالم·

كيف يمكن، إذا، لدول الخليج أن تواجه تحديات التنمية في ظل أوضاعها المالية الراهنة وتعطل آفاق التنمية الاقتصادية الشاملة؟ قد يكون هناك بعض الأمل في إنجاز مشاريع التخصيص بحيث تتحول ملكية الكثير من المنشآت الاقتصادية الأساسية في قطاع المرافق الأساسية، وربما بعض المنشآت النفطية، الى القطاع الخاص·· وقد بدأت السعودية بإنجاز مشروع تخصيص طموح وهي بصدد بيع الكثير من المنشآت مثل منشآت توليد الطاقة الكهربائية والاتصالات والمياه والخطوط الجوية السعودية وغيرها من مرافق كبرى الى القطاع الخاص من خلال توسيع الملكية الخاصة بأدوات الاكتتاب العام·· هذا النموذج، ربما، يأتي بأموال مهمة تمكن الحكومة السعودية من مواجهة التزامات خدمة الديون المستحقة والناتجة عن إصدار السندات والأذونات الحكومية، وفي ذات الوقت يخفف من أعباء الإنفاق الجاري·· وقد يخفف هذا التوجه من قيمة العجز في الموازنة السعودية والذي يفوق الستة بلايين دولار أمريكي سنويا·

إن الأزمة الاقتصادية التي تواجه دول الخليج تكمن في طبيعة النهج التنموي والذي اعتمدته دول الخليج، بشكل أو بآخر، منذ أن أصبح النفط الممول الرئيسي، وربما الوحيد، للإنفاق العام·· لقد تبنت هذه الدول أسلوب دولة الرفاه ودعم المستويات المعيشية من خلال مختلف الأدوات·· لكن هذه الدول اهتمت كثيرا بالمظاهر دون مراعاة الاحتياجات المباشرة للسكان، فمثلا ربما تنفق هذه البلدان أموالا كبيرة على الطرق السريعة خارج المدن وداخلها ولا تهتم بتطوير البنية التحتية في داخل هذه المناطق ولا توفر المتطلبات الأساسية للسكان في جوار مساكنهم· كما يمكن أن تسمح الحكومات للمواطنين من بناء المساكن دون أن توفر لهم الخدمات الضرورية مثل تمديدات الكهرباء والاتصالات الثابتة وخدمات المجاري وتمديدات المياه والطرق الداخلية، مما يجعل من حياة السكان معاناة مستمرة، كما حدث ويحدث في مناطق داخل الكويت وغيرها من بلدان الخليج·· هذا الواقع المؤسف، ربما، يقلق المسؤولين ويجعلهم في حيرة من أمرهم، وقد يخجلوا من هذا الواقع في الوقت الذي يشار فيه الى أن بلدانهم تتمتع بثروات نفطية مهمة ومداخيل ضخمة، كما أن الحجم السكاني، على الرغم من الزيادة الطبيعية المرتفعة، مازال محدودا·

يضاف الى ما سبق ذكره أن التطورات المهمة في مجال التعليم والتدريب لم تخلق مواطنين مؤهلين للتعامل مع متطلبات الاقتصاد العصري، وهناك مؤسسات وطنية، سواء كانت مملوكة من القطاع العام أو القطاع الخاص، لا تزال تعتمد على العمالة الوافدة لسد احتياجاتها من العمالة·· إذا بعد مرور خمسين عاما من التعليم لا تزال بلدان الخليج فقيرة في المؤهلين الذين يمكن أن يديروا اقتصاداتها بمهنية وكفاءة·· وقد يكون لثقافة الاقتصاد الريعي دور أساسي في عدم تطور القدرات الوطنية في مختلف المهن والأعمال، حيث اعتاد الجميع على الاتكالية ودعم الدولة· وإذا أرادت الإدارات الحكومية أن تواجه مختلف هذه المعضلات، ومشكلة الفقر من ضمنها، فعليها أن تطور من قدراتها على الإبداع في صياغة الخطط التنموية بحيث تستفيد من كل الإمكانات الوطنية، الخاصة والعامة، وتسخر الثروات من أجل تنويع مصادر الدخل على أسس فنية وموضوعية ودون أحلام غير واقعية·· ولا بد أن بلداننا تحوي الآن الكثير من أصحاب الرأي والمعرفة بما يمكن من صياغة منهاج تنموي قادر على الاستمرار ويتواءم مع أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية·

�����
   

"السؤال الأكبر"·· قبل التأمينات!!:
د. جلال محمد آل رشيد
هل تستحق الكويت ما يحدث؟:
المحامي نايف بدر العتيبي
عالمية يوم القدس:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
جيش المماليك!!:
سعاد المعجل
"السؤال الأكبر"·· قبل التأمينات!!:

ضد الإرهاب:
يحيى الربيعان
تحديات خليجية!:
عامر ذياب التميمي
واقع المرأة العربية السياسي:
د. محمد حسين اليوسفي
·· وبدأ عصر جديد في الصراع مع الصهاينة:
عبدالله عيسى الموسوي
التبيؤ·· وجماعات الخضر:
عبدالله أحمد السالم
اعتقال مهذّب لوفد “المعارضة المزعوم” بعد وصوله بغداد:
حميد المالكي
النظارة السوداء:
رضي السماك