هل بعد أفغانستان جاء دور الكويت؟ وهل ما يحدث حالياً من عمليات تستهدف الجنود الأمريكان هو عمل منظم يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الوطن وبالتالي تظل الساحة الداخلية حكراً على هذه التنظيمات لنشر أفكارها وتطبيقها بالقوة؟ وهل وجود القوات الأمريكية يزعجهم من الناحية السيادية أو من زاوية مصالحهم التي قد تتأثر نتيجة لهذا التواجد وتبعاته؟

فالأحداث التي تشهدها الساحة الداخلية تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن الإرهاب والتطرف البعيد عن عادات وتقاليد وأخلاق هذا المجتمع وجد له أخيراً مرتعاً خصباً بيننا وأننا لم نجن من وراء المشكلة الأفغانية سوى التعصب والتطرف والفكر التكفيري، وعلى اتساع هذا الفكر وصعود وحدته غاب صوت الفكر الإسلامي المستنير المعتدل، وحورب بضراوة صوت الفكر الوطني الديمقراطي الإصلاحي، ولم يبق سوى تكفيره وإقصائه مما يؤدي إلى خلو الساحة لهم لإدارة البلاد والعباد حسب النموذج الطالباني·

فالمجتع الكويتي على تعدد شرائحه وطوائفه وأصوله هو نسيج اجتماعي متماسك عبر مئات السنين، الأمر الذي منحه قوة البقاء والوقوف في وجه العواصف متمكناً من بناء دولة حديثة مستقرة آمنة يشعر فيها المواطن والمقيم بالأمن والطمأنينة على نفسه وماله وعرضه، ويوفر له المجتمع كل سبل الحياة الكريمة ومستلزمات العيش بسلام، ويمارس شعائره الدينية من دون رقابة أو تدخل أو وصاية من أحد ويثق بعلمائه الأجلاء الذين لاهدف ولا مصلحة حزبية أو تنظيمية لهم من وراء قيامهم بدورهم الإرشادي·

إن هذه الأرض الطيبة المعطاءة لا تستحق الإساءة، وعلينا أن لا ننسى ما أصابنا من جراء الاحتلال العراقي الغاشم عندما أصبحنا بلا وطن لاجئين أغراباً في الداخل والخارج تنتهك كرامتنا وتتقاذفنا تيارات الحقد والظلم والتخلف، فالذي يحب هذه الأرض عليه أن يكون وفياً لالتزاماتها وعهودها ومواثيقها، فهي تستحق الوفاء والتضحية، والجنود الأمريكان هم من طرد المحتل الغازي من أرضنا ومهما تكن الذرائع والمبررات ليس لهم منا إلا التقدير واحترام المواثيق وغير ذلك نصبح ناكرين للجميل!

إن محاولات الإساءة للوطن  وضرب وحدته واستقراره وتعريض مصالحه العليا للخطر عن طريق الاعتداء على الجنود الأمريكان، يجب أن يجابه من الشعب الكويتي أفراداً ومؤسسات وعلى جميع جمعيات النفع العام والنقابات والاتحادات دور مهم يجب أن تمارسه في الشجب والتنديد بهذه الأعمال الإرهابية وعقد المؤتمرات والندوات لشرح موقف الشعب الكويتي منها وإزالة أي التباس أو غموض قد يفسر بأنه موافقة نتيجة للصمت الرهيب الذي تشهده الساحة المحلية بعد كل عملية إرهابية.

 والله يحفظ كويتنا من شرور الغادرين·

nayef@taleea.com