بثت بعض جهات الأخبار القريبة من الدوائر الإعلامية الصهيونية أنباء تحدثت فيها عن رغبة الكيان الصهيوني بفك طوق العزلة عنه مع بعض من الدول العربية من خلال فتح قنوات اتصال بين هذا الكيان وبعض الأقطار العربية التي لم تقم حتى الآن بتطبيع العلاقات الدبلوماسية معها، ولا شك أن دولة الكويت إحداها! (وإن جاء النفي رسميا بعد تداول هذه الأخبار) لا شك أن رغبة الكيان الصهيوني هذه، ليست حديثة، وليست مستغربة، فقد حاول الإسرائيليون مرات كثيرة اختراق دول الخليج العربي منذ سنوات عدة وأبرز هذه الاختراقات كان عندما تم بالفعل إنشاء مكتب ارتباط تجاري إسرائيلي في دولة قطر على الضفة الغربية الوسطى للخليج العربي·
لكن هذه المرة يأتي هذا التحرك "الهادئ" تزامنا مع الظروف الفلسطينية المستجدة، أي بعد غياب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن مسرح الأحداث الفلسطينية ومحاولة الاستفادة من الترتيبات الجديدة للبيت الفلسطيني والذي يتوقع منه أن يقدم مزيدا من التنازلات للإسرائيليين، ويخدمها في ذلك زيادة النبرة التهديدية لواشنطن ضد سورية للضغط عليها للانسحاب من لبنان وعدم دعم بعض التنظيمات الفلسطينية واللبنانية تطبيقا للقرار الدولي رقم 1559· يحاول على ما يبدو الصهاينة كسب الوقت وعدم انتظار ما تتمخض عنه الانتخابات العراقية التي ستجرى في يناير 2005، وربما يعتقد الصهاينة أن بإمكانهم فرض الأجندة الخاصة بهم حتى على العراق الجديد، فهم من خلال هذه الاستباقية الهادئة يحاولون الاستفادة من عنصر اللااستقرار المرحلي في العراق، فيتم من خلال هذه العلاقات الدبلوماسية المرجوة اعتبار العراق ساقطا تلقائيا بالرغبة الصهيونية، والقبول بالواقع الدولي والإقليمي المرتقب والمتلاقي مع الطموحات الإسرائيلية في المنطقة، التي سيتم إعادة رسم خرائها الجغرافية والسياسية وحتى العقائدية ربما، فلم يعد هناك حرج من التطرق لهذا في الخطاب السياسي الأمريكي المدفوع بمكافحة الإرهاب·
أسئلة متعددة تطرح نفسها في هذا السياق الأول: لماذا هذا الإصرار الصهيوني على الاعتراف به خليجيا؟! ثم ما المحاذير المتوقعة من التواجد الدبلوماسي للكيان الصهيوني في هذه الدول؟ والسؤال الأخير هل ستستجيب دول الخليج للضغوط الأمريكية التي تقوم بها من خلال الاتصالات الهادئة لتمرير مثل هذه المشاريع الإسرائيلية؟!
نكتفي بالإجابة عن السؤال الأخير فقط، فالمواقف السابقة لدولة الكويت على سبيل المثال وفي أكثر من مناسبة دولية تثبت عكس ذلك بل تثبت إصرارا على أن يقوم الصهاينة بتطبيق كل القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني وبيت المقدس الشريف، وهما المعضلتان اللتان لم يقم الصهاينة بأي مبادرة على أرض الواقع بتطبيق القرارات الدولية التي يصر الجانب الفلسطيني عليهما، وحتى بعد اتفاقات أوسلو ومدريد والمسارات المختلفة فإن التشدد والإرهاب الإسرائيلي هما ما يميز سياسة إسرائيل تجاه العرب، فكلما قدموا تنازلات أكثر تمادى الصهاينة في مطالباتهم أكثر، والراعي الأمريكي يشهد على ذلك فقد ذكر بوش أثناء لقائه مع بلير عندما جاء الأخير لتهنئته بالفوز الثاني للرئاسة بأنه "مطلوب من شارون شيء ملموس شرط أن يتوقف الفلسطينيون عن العنف"!
رشفة أخيرة
القرار الدولي رقم 194 ينص صراحة على حق العودة للفلسطينيين وهو قرار لم ينفذ منذ صدوره قبل 55 عاما!
mullajuma@taleea.com |