لم يزل الغموض مخيما على واقعة النفط الكويتي المفقود!! فعلى الرغم من كل ما أثير حول فقدان ما يقارب البليون دولار من النفط خلال السنوات الثلاث الماضية·· وبالتحديد في فترة تولي "أحمد الفهد" وزارة النفط·· إلا أن تجاوب الحكومة وردود فعلها لاتزال دون الأبعاد الحقيقية لمثل هذه الواقعة!!
المثير في الأمر هنا·· أن خبر النفط "المفقود" جاء في تقرير لديوان المحاسبة أشار الى وجود فروقات بين كميات النفط المنتجة وكميات النفط المستعملة ولثلاثة أعوام على التوالي!! وأيضا أن هناك خللا في الرقابة الداخلية واحتمال وجود تلاعب وإتلاف لمستندات وغير ذلك!!
الخبر كما ذكرت جاء في تقرير ديوان المحاسبة·· وهو تقرير موجود لدى مجلس الأمة·· ومع ذلك فإن أول استجابة لمثل هذه الفضيحة كانت بدعوة ديوان المحاسبة وبصفة الاستعجال لإعداد تقرير متكامل بشأن فقدان كمية ضخمة من النفط المعد للتصدير!! قد يكون من ذلك إجراء فني أو روتيني أجهله·· لكنه لا يبرر على الإطلاق ردود الفعل البطيئة والمترددة إن لم يكن لحسم قضية خطيرة كهذه·· فليكن على الأقل بهدف توضيح الأمر وتطمين المواطن الى أن ثروته وثروة أبنائه هي في أيد أمينة ومسؤولة!!
قضية براميل النفط "المفقودة"·· تعيد الذاكرة بالمواطن لقضايا مشابهة أفقدها وأضاعها التململ الحكومي عن حسمها وتقويمها!! وتعزز لديه -وهنا تكمن الخطورة - عدم الثقة في إخلاص وصدق الحكومة في المحافظة على مقدرات وحقوق الوطن والمواطنين!!
تندرج قضية "البراميل المفقودة" تحت قضايا الفساد التي أصبحت السمة الغالبة على فئة المسؤولين "الطموحين" وذلك بعد مرحلة تحرير الكويت!!
هذه الفئة التي هزها على ما يبدو عنف أزمة الغزو·· وأسقط من داخلها كل إحساس بالأمن فأصبحت ضالعة في تكديس الأموال بكل شكل وصورة·· وبغض النظر عن مشروعية أو قانونية المسلك!! وقد شهدت مرحلة ما بعد التحرير نماذج عديدة لأولئك الأفراد·· من الذين كبدوا الكويت المليارات من الأموال·· وزرعوا الشك في قلب المواطنين حول مصداقية الحكومة في مواجهة مثل هذا المد المفسد!!
نحن متأكدون··· وانطلاقا من تجارب مشابهة·· أن لا إجراء عقابياً·· ولا متابعة جدية ستأخذ مجراها في أعقاب تسرب أخبار فضيحة براميل النفط!! لكننا وكمواطنين·· نتمنى ألا يتم التعامل مع فضيحة البراميل بصورة منفردة·· أو بكونها قضية راهنة فقط!! وكما حدث من قبل في سرقات الاستثمارات والناقلات وغيرها!! فالمطلوب هنا ليس حلا لقضية بمفردها·· وإنما إصلاح وتقويم لنهج أصبح وبكل أسف سمة غالبة!!
معاقبة هذا الوزير أو ذلك المسؤول ليست هي المخرج وليست هي كل الحلول!! هنالك باب مخلوع في نظامنا الرقابي والسياسي استطاعت تلك البراميل النفطية المفقودة أن تلج منه·· وأن تختفي في غياهب المجهول!!! وما يهم هنا ليس ملاحقة الهاربين بالبراميل وإنما بإصلاح بابنا المخلوع!! لعل الثقة والأمان والأمن يعودان من جديد ليخيما على النفس الكويتية الملتاعة من تفشي الفساد ورموزه!! ومن دون ذلك ستغيب ملايين الملايين من البراميل وسيتضاعف المفسدون الذين لا يتكاثرون إلا إذا أمنوا العقوبة وفتحت لهم الأبواب والمنافذ!!!
suad.m@taleea.com |