يتحير المرء حين يبعث بشكواه الى من يهمهم الأمر، وحديثنا اليوم موجه الى البنوك المحلية والبنك المركزي بالتبعية، فعندما يشعرانك "الجهازين، جهاز خدمة العملاء وجهاز الرقابة المصرفية" ألا نتيجة ترجى على ما يبدو، من توصيل الشكوى إليهما، وعلى الرغم من اللباقة في الحوار التي يظهرونها عند استقبالهم للشاكي، إلا أنك لا تلمس الحرص في معالجتها أو تجنب تكرارها، فيضطر المتضرر الى اللجوء الى إدارة الرقابة في البنك المركزي التي يفترض بها أن تعالج الخلل بعد معرفة أوجه القصور والتحقق من مصداقية وجدية الشكوى فما أكثر الشاكين وما أكثر المهملين!
وعليه فلن أكتب تفاصيل الشكاوى التي حدثت مع كثير من الزبائن ذات الشريحة "التحتية" والتي تعيش على الراتب والقروض والأقساط لأننا نحتاج في الكتابة عن بعضها الى أكثر من مقال ومقال إنما لدى أحد المتضررين الاستعداد الكافي لمقابلة المسؤول المباشر في البنك المركزي ليشرح له أولا: إهمال موظفيه متابعة الشكوى وثانيا: المحاباة والمجاملة لإدارات بعض البنوك تخدمها العلاقات الاجتماعية على حساب مصالح الأشخاص ذوي الحسابات لدى هذه البنوك، وثالثا: من بعض الإجراءات التي يتخذها البنك عند توقيع بعض عقود القروض مع المواطنين والتي تحمل صفة الإذعان والاستغلال، حيث يمنعون المستفيد من قراءتها أو حتى عند قراءتها فإنك تحتاج الى مكتب محاماة حتى تعرف تفاصيل هذه العقود، ورابعا: ربما عدم الاكتراث في الشكوى لأن القيمة النقدية المختلف عليها للاستحقاق أحيانا قد لا تزيد عن بضعة دنانير، ولأن بضعة الدنانير هذه جعلت كثيرا من المتضررين يستنكفون عن مراجعة ومتابعة هذه التجاوزات لدى البنوك كل لما تسببه لهم من حرج أدبي واجتماعي، فلا بد من وسيلة أخرى تزيح هذا الحرج عن مشاعر وأنفس الناس من أجل الحصول على حقوقهم التي بالتأكيد أخذت منهم بالخطأ فالتهمة جاهزة بحق "الكمبيوتر" فنقترح على البنك المركزي أن يستحدث خطا تلفونيا مباشرا ويضع رقمه واضحا معلقا في كل أفرع البنوك المحلية حتى يتسنى للناس المطالبة بحقوقهم دون حرج أو عناء! طبعا هذا الاقتراح ربما يكون نافعا في حال تم تنشيط هذه "الرقابة" التي يبدو أنه في الآونة الأخيرة انتابها شيء من خمول سوق الأوراق المالية!
رشفة أخيرة
القصة الشهيرة "للموظف الصراف" الذي كان يتجاهل إرجاع بضعة فلوس للزبائن في إحدى دول أمريكا اللاتينية، وبعد عشر سنوات عمل قدم استقالته من البنك الذي يعمل به ووجدوا في رصيده السري أكثر من مليون دولار في حين أن راتبه كان لا يكفي لشراء سيارة متواضعة، أما الآن فالذي يتولى عملية ابتلاع هذه الفلوس هو "الكمبيوتر"!
mullajuma@taleea.com |