رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 ربيع الأول 1425هـ - 21 أبريل 2004
العدد 1624

الديمقراطية واستحقاقاتها
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

يعتقد عدد من المراقبين في بلداننا أن عمليات الاستجواب وطرح الأسئلة من أعضاء في مجالس الأمة أو البرلمانات المنتخبة تثير المشكلات وتعطل عمليات التشريع وأداء الدور الملائم للمجالس التشريعية، ويعطل وزراء الحكومة عن أداء أعمالهم المناطة بهم، لا شك أن هذه التصورات ناتجة عن قصور في فهم الديمقراطية وعدم توافر تجربة مناسبة لاستيعاب استحقاقاتها ومستلزمات عملها، ففي جميع البرلمانات في الدول الديمقراطية العريقة وحيث تتوافر قيم ديمقراطية حقيقية تطرح تساؤلات حول الأداء الحكومي وتثار قضايا تستغرق وقتا طويلا لمواجهتها·· في تلك البلدان لا نلمس نزقا حكوميا ضد تلك الاستجوابات وجلسات الاستماع أو إثارة التساؤلات·· قد تكون الاستجوابات والتساؤلات التي تثار من قبل ممثلي شعوب المنطقة في المجالس المنتخبة، كما هي الحال في البحرين والكويت، غير ذات أهمية أو تتعلق بقضايا ليست أساسية ومؤثرة في مسار الحياة السياسية إلا أن المرء المؤمن بالديمقراطية لا يمكن أن يفرض نوعية الاستجوابات ومواضيعها·· يجب أن تختبر قدرات أعضاء المجالس المذكورة على اختيار القضايا ومدى أهميتها ثم نحاسبهم من خلال صناديق الاقتراع·

هناك من يعتقد أن الاستجواب، كما حدث في الكويت خلال الفصل التشريعي السابق أو الفصل الحالي، لا يهدف إلا إلى دغدغة مشاعر الجماهير المحبطة ومحاولة كسبها في معارك مع الحكومة من أجل ضمان إعادة انتخاب أبطال هذه الاستجوابات، وقد يكون هذا التقييم صحيحا لكن ذلك لا يعطي فرض آليات لوضع حد، أو تقنين، عملية الاستجواب·· بالرغم من التحفظات الموضوعية التي لا يمكن لأي مراقب عادل إلا أن يطرحها على المحاور والمواضيع التي حددت، أو يمكن أن تدرج، في الاستجوابات والأسئلة إلا أن هناك فوائد يمكن أن يجنيها نظام الحكم والعملية الديمقراطية من هذه الممارسات النيابية·

إن من أهم هذه الفوائد هو اكتشاف قدرة الوزراء على التصدي للأسئلة والاستجوابات وتمكنهم من تبديد الشكوك حول أدائهم ومعرفتهم بالجوانب المتعلقة بالمؤسسات التي تقع تحت مسؤولياتهم السياسية، هذا الامتحان سيمكن مؤسسة الحكم الأساسية من فحص قدرات هؤلاء الوزراء وتبين أهليتهم ومدى جدوى استمرارهم في مواقعهم الوزارية، أهم من ذلك أن التأجيج الذي يحدثه الاستجواب والتعاطف المحتمل من قبل الجماهير لدعم القائمين عليه قد لا يعمر كثيرا إذا اكتشف المواطنون عدم الملاءمة السياسية لهذه الممارسات النيابية في الكويت، مثلا، اكتشف مواطنون كثيرون في حالات كثيرة إن لم تكن هناك مبررات واضحة لعمليات استجواب معينة واتخذوا مواقف متشددة ضد عدد من النواب المستجوبين، لكن في الوقت ذاته كسب بعض من هؤلاء النواب تعاطفا من فئات شــعــبية أخرى لأسباب متنوعة منها شعبوي وآخر ثقافي، بيد أنه تظل المسألة نسـبية وتختلف من مــوقـــع إلى آخــــر ومن بيئة اجتماعية إلى أخرى مهما يكن من أمر فإن العملية بحد ذاتها تمكن من الحوار والجدل حــولها وذلك سيؤدي إلـــى زيادة الثقــــافة الســــياسية وتعمقــها، كل ذلك يمكن اعتباره مكاسب للعمل الديمقراطي مادام يأتي نتاجا للأعمال الديمقراطية المشروعة·

إن تجارب الديمقراطية في دول الخليج مازالت يافعة بالرغم من مرور 43 عاما على تأسيس الحياة الدستورية في الكويت، لكن تقطع الحياة الدستورية وعدم صيانتها بمؤسسات وأحزاب ديمقراطية مرخصة بشكل قانوني وضعف حركة المجتمع المدني لم يمكن من تفهم مستلزمات العمل الديمقراطي·· كما أن تشكيل الحكومات لم يتأسس على قراءة نتائج الانتخابات بحيث تأتي الحكومة ممثلة للتيار، أو التيارات، الأساسي في البرلمان، كما هي الحال في الدول الديمقراطية التقليدية، بل يأتي بناء على اختيارات من يناط به تشكيل الحكومة·

في التجربة الكويتية لم يحدث أن جرى تشاور معمق حول متطلبات المرحلة السياسية وعمليات الإصلاح على مختلف الأصعدة بحيث تأتي الحكومة معضدة بوزراء يعكسون الواقع السياسي ومتطلبات النهوض·· كما أن عمليات الانتخاب تتم على أسس توزيع للدوائر لا يسمح بانتخاب أعضاء على مستوى المسؤوليات السياسية نتيجة لصغر حجم هذه الدوائر والاستقــطــابــات الفئوية التي تفرزها·

إن مسألة تجاوز المماحكات غير المجدية في العمل السياسي، والعمل البرلماني، بشكل خاص يتطلب إصلاحات على جميع المستويات من أهمها إصلاح النظام الذي يجري على أساسه انتخاب أعضاء المجالس التشريعية، ويستدعي الأمر توسيع قاعدة الناخبين كذلك يجب أن تتحلى السلطة التنفيذية بالقدرة والتأهيل والإمكانات السياسية والفنية وإذا كانت هذه الإصلاحات ضرورية فإن من الملح، أيضا، أن يفعل دور المجتمع المدني ودفع مؤسساته للمشاركة والإسهام في توسيع الثقافة السياسية وزيادة جرعات الحوار بين القوى السياسية وترشيد دور هذه القوى وإضفاء الشرعية عليها، وقد يكون البعض منزعجا من الإثارة السياسية والتوترات التي تخلقها والخصومات التي تنتج عنها إلا أن هذه الممارسات أثبتت في الكثير من المجتمعات الإنسانية أنها أفضل من حال السكون في ظل الحكم الشمولي·

 

tameemi@taleea.com  

�����
   

الإصرار الفلسطيني:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
استراتيجية الثوابت!!!:
سعاد المعجل
خارطة القتل:
المهندس محمد فهد الظفيري
تطوير لمسيرة الديمـقـراطـية:
يحيى الربيعان
مثقفون في غيابة الجـب:
محمد بو شهري
الديمقراطية واستحقاقاتها:
عامر ذياب التميمي
السنة وتيار مقتدى الصدر:
المحامي نايف بدر العتيبي
الخوف من الفيدرالية:
د. محمد حسين اليوسفي
غسيـل أفعـال بـالأقـوال!!:
عبدالخالق ملا جمعة
قراءة في الدستور العراقي الموقت:
د. جلال محمد آل رشيد
وطنـي وبعضــنـا··:
خالد عايد الجنفاوي
فضائح "شارون":
عبدالله عيسى الموسوي
أرقام مرعبة عن المفقودين العراقيين
وفاة العقيد عبدالمنعم القطّان وگواگب شهداء الكويت:
حميد المالكي
الإصلاح العربي الذي لا يجيء!:
رضي السماك