في يوم السبت الماضي شاهدنا على صدر صحيفة القبس، صورة للانتحاريين محمد صديقي خان "مفجر محطة ادجورد رود" وشهزاد تنوير "مفجر أولد غيت" في تلك الصورة التي تم أخذها من قبل شهر من تفجيرات لندن، يظهر فيها الانتحاريان وهما يقضيان يوما من المرح والمغامرة في التجديف في أحد أنهر مقاطعة ويلز، بمشاركة شبان وشابات· من يمعن النظر في تلك الصورة، يستشف أن الانتحاريين من الشباب الذين كانوا يستمتعون ويستمرئون طعم الحياة، لذا نتساءل: من الذي قلب حياتهم رأسا على عقب؟ ومن الذي خدعهم واستدرجهم لارتكاب تلك الأفعال التفجيرية اللاإنسانية؟ يقول الحصيف أبقراط: "من ضر نفسه لنفع غيره·· فهو أحمق" ونقول: من باع دنياه بدنيا غيره لا خير فيه، ومن يتوهم أو يتصور أن في قتل الأبرياء العزل، سوف يكون الجزاء عند الخالق الجنة وحورها، فهو بلا شك معتوه ويعيش ضربا من ضروب الخيال· الغريب في الأمر حينما يُحسب هؤلاء الأوباش على الإسلام والمسلمين، فإذا كانوا كذلك، نتساءل بربكم: هل اطلع هؤلاء على المصحف الشريف؟ وهل توقفوا أو تأثروا بالآية الكريمة التي تنبه على "من قتل نفسنا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"؟ من الواضح أن هؤلاء لا يتدبرون القرآن وعلى قلوبهم الأقفال الصدئة! والأنكى من كل ذلك أنهم يعتمدون على تأويلهم الشخصي والمتواضع في فهمهم لآيات الجهاد، وبالتالي يخسرون دنياهم ويفقدون الأمل بالآخرة، يقول الفيلسوف أرسطو: "الدنيا دار أولها فوت وآخرها موت، فطوبى لمن عمل لما بعد مماته"·
المفارقة العجيبة أن الدهاقنة الذين استطاعوا أن يغسلوا ويسيطروا على أدمغة هؤلاء الشباب ويدفعوهم الى اقتراف تلك الأفعال المريعة، لم نشاهد أحدا منهم يقوم بتفجير نفسه؟ ولم نر أحدا من أبنائهم يفعل كما يصنع هؤلاء المغفلون بأنفسهم، إن هؤلاء المجرمين يحرضون ويدفعون بفلذات أكباد الغير، وفي الوقت نفسه هم وأبناؤهم ينعمون بنعمة الحياة والكثير من الرفاهية· إننا نراهن على أنه لو تمت مهاتفة أحد هؤلاء الزعماء العتاة، لإبلاغهم بمرض أو جرح أحد أبنائهم، لما رقدوا الليل بطوله ولما ارتاحوا أو رف لهم جفن، حتى يطمئنوا على قرة أعينهم· إذا المحظور على ذريتهم، مباح ومتاح لغيرهم، وهنا تكمن المغالطة الكبرى· إن الحل الناجع والنافع لتلك المعضلة التي تعاني منها الأمة، تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على الأنظمة التي تراخت وتسامحت مع تلك التيارات الظلامية التي غررت بالناشئة من السذج والبسطاء، وهنا نتساءل: الى متى سوف يستمر هذا التزاوج اللاشرعي؟ لا ريب أن الأسرة تأتي بعد الأنظمة من حيث مهامها بالحفاظ على الناشئة، فالأسرة مناطة بالسؤال والاستفسار عن الخلان الذين يرافقون أبناءهم "الصاحب ساحب" وكذلك عن أماكن تجمعاتهم، فلا يعقل أن يترك الحبل على الغارب، ولاسيما في ظل الأوضاع الراهنة والتي بات الإرهاب فيها يهيمن على العالم·
فرحة ما تمت
بعد الفرحة التي لم تكتمل، إثر زيادة الخمسين دينارا على رواتب المواطنين، لم يتوان التجار الجشعون في زيادة الأسعار! المشكلة أنه حتى رغيف الخبز قد انكمش حجمه والذي يفترض أن يكون مدعوما من قبل الدولة·· إنه الغبن بعينه حينما يحارب الناس في قوت يومهم، نرجو ألا نصل الى ما تفوهت به ماري انطوانيت عندما طالبت الجمهور الجائع بأكل البسكوت بدلا من الخبز!
freedom@taleea.com |