رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 أبريل 2007
العدد 1770

الأسطورة والنفط
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

ظل الإنسان المقهور يبحث عن المنقذ، على مر العصور، حينما يعجز الإنسان، على مواجهة مصيره الواقعي، يظل يبحث عن الإرادة القوية، تلك التي تحرره من قيوده القاتلة، حين ذاك يتداخل الواقع مع الخيالي، مع الأسطورة، التي تمتد إلى آلاف السنين·التي نسجها خيال الإنسان، ذلك الخيال الواسع، والتي تؤكد على أن عملية التراكم التاريخية، غالباً ما تلعب دوراً في ذاكرة الشعوب، فما بالك بالعقلية الخرافية في الشرق، وفي عالم الحضارات التي ساهمت في تطور البشرية، منذ البدايات الأولى لسن القوانين، ومحاولات وضع الأسس للحضارة، بحياة الإنسان في ظل أنظمه وقوانين تحد من الاعتداء على الحياة، و ترسم صورة مثالية لها، آخذين بعين الاعتبار أن الخيال والأمنيات هما أولى الخطوات نحو رسم صورة لما ينبغي أن يكون عليه العالم، فكان أن خلق الإنسان وقلبه - وربما عقله - الصورة الأولى لذلك المنقذ للبشرية، من الدمار والهلاك· وقد تتعدد صور ذلك المنقذ من شعب إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، ولكن الثقافات تتفق جميعها على أن هذا المنقذ يملك إمكانيات خارقة، وأن من ينافسه لا يقل عنه قوة وشراسة· ولعل الأسطورة الإغريقية أكثر معبر عن هذا التوجه لدى الإنسان·

إن القراءة العقلانية والواقعية لتاريخ البشرية تؤكد على أن الحياة، هي المغامرة الأولى للإنسان، إلا أن عنصر القوة، هو الذي يحدد المصير، ومسيرة الإنسان، ومن هنا كانت الكلمة الأولى والأخيرة، لمن يمتلك آلات القوة، وليس المنطق، أو الحق المطلق، وهذا الذي أدخل البشرية في رحلة الصراع، وحين يعجز المنطق الواقعي أن يجد الحلول لمشاكله· أو أن ينقذه مما هو فيه، يحاول أن يجد آلية خيالية، وربما تكون واقعية تخفف من حدة الصراع بين الحلم والواقع·

وهنا تبرز الأدوار المختلفة للإصلاحيين، أو ذوي الاتجاه الإنساني لإنقاذ الإنسان، وهي قوى تعمل من أجل خير البشرية، في مواجهة قوى البطش والعنف، والتي تعتمد على مبدأ القوة والسيطرة وما يعرف حالياً بالقوى التسلطية، والتي تحاول أن تهيمن على حياة الإنسان، سواء كانت هذه القوى تعتمد على النفوذ السياسي، أو الاقتصادي أو حتى الاجتماعي، إلا أنها في نهاية المطاف تجعل البشرية تبحث عن شخصية المنقذ، ذاك الفرد، أوالمجموعة ذات النفوذ الخارق أو المنقذ للإنسان من الهلاك·

إن صراع البشرية مع الاستبداد، ذو جذور قديمة تعود إلى المراحل الأولى، لوجود الإنسان على هذه البسيطة، سواء كان صراعه مع الطبيعة القاسية أو مع من يتقاسم معهم الحياة، أناساً كانوا أم حيوانات، ومن محاولاته الأولى للسيطرة على المحيط الذي يعيش فيه، وهي الأرض· أو محاولات الإنسان لإدراك العلاقات بين العقل والخرافة، بين المستقبل والماضي·

وفي المراحل الأولى لمحاولات الفهم، والإدراك بين التراكم التاريخي للمعرفة، ومحاربة الخرافة، والعقلية الميتافيزيقية الأولى· اعتقد الإنسان لفترات تاريخية طويلة، أن مبدأ القوة هو الذي يحسم الأمور، وبالتالي ظل السائد أن مبدأ القوة هو الأساس، وأن استخدام العقل والمنطق هو الضعف الإنساني، وأن العمل للتغيير، لا بد وأن يعتمد على استخدام آليات العنف، إلا أن تجربة الهند بقيادة غاندي أكدت أن الوسائل السلمية تستطيع أن تهزم أقوى وأعتى الإمبراطوريات في العالم، في الصراع الدائر بين غاندي وشعبه المسالم والإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس المدججة بأعتى الأسلحة·

كان من الواضح أن هناك نموذجاً جديداً، في حل الصراع بين القوى الإمبراطورية، وبين إنسان يؤمن بحق البشرية في العيش بسلام، من خلال استخدام السلاح الديمقراطي ضد مبدأ القوة والهيمنة، وهو السلاح الذي استخدم في الدعوة إلى آخر الديانات، حينما تم التأكيد على أهمية الحوار، "وجادلهم بالتي هي أحسن"، كان الحوار العقلاني هو الأساس في عملية التغيير، دون اللجوء إلى العنف أو القوة·

إلا أن العالم خلال ما يزيد عن ألفية من الزمان، قد اختلف تماماً عن تلك المرحلة، ولعل التغيرات في المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية والسياسية، زادت من ثقافة المنقذ من جديد·

ولعل العالم العربي والإسلامي، قد زادت معاناته، حينما وصلت إلى سدة الحكم قوى اعتقدت أنها تستطيع استخدام مبدأ القوة للجم الإنسان الباحث عن الحق والعدالة، حين ذاك برزت من جديد، أسطورة شخصية المنقذ من جديد، ذاك الفرد أو المؤسسة، والتي تستطيع أن تنقذ الإنسان من هيمنة وسيطرة التسلط والعنف، أو بعبارة أخرى العودة إلى عقلية المنقذ التاريخ·

في الذكرى الرابعة لاحتلال العراق أو تحريره!!، تبرز من جديد، العديد من التساؤلات حول وضع العراق، هل هو تحرير للإنسان العراقي؟ أم أنه عودة إلى احتلال الإنسان العراقي من جديد؟ في ظل معادلة جديدة· إنسان حاول أن يتحرر من قيود الاحتلال الإقطاعي، إلى مرحلة احتلال جديدة، في ظل قيادات جاءت من خارج التاريخ تبحث عن شخصية المنقذ، من قيده القديم إلى قيد جديد، ذي نفوذ عقائدي، خارج إطار القرن الجديد·

الإنسان في العراق الغارق في الدم وفي المعاناة اليومية، لن يبكي على قيود تحطمت، ولن يحن إليها· ولن يدفعه يأسه بالغاً ما بلغ هذا اليأس إلى أن يبحث عن الحل لدى من سلبوه حريته وإرادته على مدى أربعة عقود من الزمن وجروا عليه الويلات وأدخلوه في حروب وصراعات مع جيرانه ذهبت بخيرات وطنه وزهقت أرواح شبابه· إنه يبحث عن المنقذ، حيث تمتزج الأسطورة بالواقع مرة ثانية· ولكن المؤكد أن المنقذ لن يكون أسطورياً أو خيالياً، إنه لن يكون أكثر من أن يتعايش العراقيون مع بعضهم، وأن ينبذوا العنف الطائفي والعرقي· في الوقت الذي ينبذون فيه أيضاً ذاك القادم من أقاصى الدنيا، ولا همَّ له إلا النفط والطاقة!! إن إنسان العراق في الذكرى الرابعة للاحتلال مدعو إلى بناء عراق جديد يتسع للجميع· لكل الطوائف والأعراق· ويصهر الجميع في دولة علمانية معاصرة، تحترم جميع الديانات والمذاهب· وتحترم كل الأعراق التي تشكل نسيج العراق الغني بتنوعه، عندها لن تكون الذكرى الخامسة للاحتلال أليمة وموجعة·

* رئيس وحدة الدراسات – البيان

 malmutawa@albayan.ae

�����
   
�������   ������ �����
من يدفع ثمن الصراع؟
احترام العقل الإنساني
ما بين عامي 1956- 1967!!
بوش: انقل تمثال الحرية!!
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!
المنتدى الإعلامي العربي
الأسطورة والنفط
من هو الأهم؟
الإنسان هو الأقوى
دبي.. هي الرؤية المستقبلية
المعذرة سيد سماحة
مهلا سيد بلير!!
استراحة المحاربين
الرقم السابع يطرق الأبواب
قراءة أولى في الانتخابات
المشاركة رؤية وطنية
إرادة الإنسان هي الأقوى!!
المحافظة على حلم جميل !!!
الوطن في مرحلة جديدة
  Next Page

وطنية زعماء المعارضة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الإنسان، موقف!!:
سعاد المعجل
"رجل شجاع":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
إلا الدستور
... وحتى الدستور!:
فهد راشد المطيري
مشاكل:
على محمود خاجه
الكتابة.. فن ومهارة:
علي سويدان
الأسطورة والنفط :
د. محمد عبدالله المطوع
ماذا يريدون من السعدون؟!:
المحامي نايف بدر العتيبي
مرور العاصمة.. والألفية الثالثة:
باقر عبدالرضا جراغ
من لأطفال فلسطين؟!:
عبدالله عيسى الموسوي
العم حمدان الرجل الصعيدي والتنمية الاقتصادية:
سعاد بكاي
مهندس كويتي قتله طموحه:
المهندس محمد فهد الظفيري
نورية الصبيح والتيارات الدينية:
بدر الفرج
السلام العالمي:
د. عبدالعزيز يوسف الأحمد
(إلا دستور بلادنا.. والكويت في مصر):
محمد جوهر حيات
حقيقة آخر أبريل..
بنانا التحتية "خرطي"... والغرقة قدرنا!:
خالد عيد العنزي*
انتقال الحذاء من القدم إلى الرأس:
د. فاطمة البريكي
مقالب في الأجواء:
فاطمة ماجد السري*
حتى تكون لحياتنا قيمة:
ياسر سعيد حارب
هيكل ولكن بضخامة جبل:
الدكتور محمد سلمان العبودي