الهجوم الكاسح على الدستور الكويتي بدأ يتلاشى بعد أن تبين من خلال طرح المعارضة أنه يعني النظام السياسي كله·· أي أن الهجوم على الدستور وإيقافه أو عدم الالتزام به يعني بلاشك كما بين زعماء المعارضة الكويتية أنه بمثابة انتهاك صريح للأمن الوطني الكويتي وإخلال بالعقد الاجتماعي الذي ارتضاه الشعب الكويتي على مدار ما يقارب الخمسة عقود من الزمان·
من الملاحظ أن البعض حاول جس نبض الشارع الكويتي بإطلاق بالونات اختبار ليتحسس البعد الوطني للناس ومدى ارتباطهم بنظامهم الدستوري وهل حان الوقت - في رأيهم - لإيقاف العمل بالدستور فتفاجؤوا بقوة ردة فعل الشارع السياسي الكويتي وتفاعله مع زعماء المعارضة والتفافه حولهم للدفاع عن الدستور الذي يمثل صمام أمان لنظامهم السياسي الذي ارتضوه·
منذ تجديد الالتزام بالدستور في مؤتمر جدة أثناء الغزو العراقي في أكتوبر عام 1990 وبعد التحرير وعودة الحياة النيابية أضحى الالتزام بالدستور هو عنوان المرحلة السياسية، وكان الصراع السياسي المحلي بين المعارضة والموالاة يتم في أطر دستورية ووفق آليات العمل السياسي الذي ارتضاه الدستور·· فكانت النتيجة انتصارات متكررة بإصدار قانون الدوائر الانتخابية على أساس الدوائر الخمس والذي تم بعد ذلك بالإجماع بعد أن تفاجأ الموالون للحكومة بقبولها رأي المعارضة، فما كان منهم إلا ركوب قطار الدوائر الخمس والتصويت معها كنواب وتأييدها كتابة في الصحف أو قولا في الدواوين·
ومنذ ذلك الوقت ومع تنامي قوة المعارضة في تعزيز رأيها الإصلاحي والتجاوب الحكومي الذي تمثل - نوعا ما - في تشكيلة الحكومة الحالية شعر الطرف الآخر أن سبب هزائمه السياسية المتتالية هو التمسك بالدستور والعمل به وأن القادم من الأيام سيعطي مساحة أكبر للمعارضة وانحسارا للموالاة، فما كان منه إلا المغامرة بلعب لعبة خطيرة، وهي محاولة إيقاف العمل بالدستور أو إيقاف الحياة البرلمانية، وحاول البعض الترويج لذلك إلا أن القيادة السياسية وعلى رأسها سمو الأمير أوضحت بشكل واضح أن النظام السياسي الكويتي وعنوانه البارز دستور البلاد هو من القضايا المجمع عليها شعبيا ولا يمكن لأحد المراهنة على انتهاكها·
وهنا نتساءل: ماذا سيقول أولئك الذين راهنوا على انتهاك الدستور؟ أظنهم سيصمتون لفترة ولكن كما يقول المثل الكويتي "إبليس ما يخلي ولده" فإنهم سيحاولون مرة أخرى لعل وعسى·· ولكن سيكون زعماء المعارضة لهم بالمرصاد لحماية الكويت ودستورها ونظامها السياسي· |