رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

الصهيونية والعروبة نقيضان لا يلتقيان
د. لطيفة النجار
Latifa64@emirates.net.ae

حين يتأمل المرء ما يجري على أرض لبنان وفلسطين يذهل وهو يرى حجم القتل والدمار الذي تحدثه الآلة العسكرية المتوحشة المجنونة؛ فليس من خطوط حمراء تمنع هذه الآلة من قتل الأطفال الأبرياء والنساء الآمنات والشيوخ العزل من السلاح بصورة تقشعر لها الأبدان من دون مراعاة لأي قيمة إنسانية أو أخلاقية بعيداً عن تعاليم السماء أو الأعراف المرعية، وليس من شك أن هذا الحقد الأسود العجيب ليس له في قاموس الحضارة أو الإنسانية أي سابقة أبداً، مما يجعل المراقب يتساءل بدهشة وذهول: هل هؤلاء ينتمون إلى البشرية؟ وهل هؤلاء حقاً هم أبناء وأحفاد الذين عانوا من النازية والفاشية والعنصرية الغربية المجرمة؟ وهل هؤلاء حقاً ضحايا التمييز والإجرام؟ ما الذي يفعله هؤلاء القادمون إلينا من وراء البحار في بلادنا؟ وأية أصوات بعد الآن تستطيع أن تسوغ لنا سماع الأسطوانة المشروخة عن السلام؟ وكيف يستطيع الضمير العالمي الإنساني الحي أن يقنعنا بأن هؤلاء ينتمون حقاً إلى البشرية وهم يمارسون هذا التعطش إلى القتل والدمار بنشوة وغطرسة تؤكد موقفهم من الأغيار بأنهم لا يستحقون الحياة؟ ، فأي زمن هذا وأية حضارة يمكنها أن تسجل في سطور تاريخها بأنها احتضنت هؤلاء الذين جاؤوا يحملون حقد التاريخ على من احتضنوهم وعاملوهم أحسن معاملة شهدها التاريخ؟ لكنهم لم يقابلوا هذه الأمة إلا بالنكران والغدر والجحود، ولم يرقبوا في هذه الأمة إلاً ولا ذمة وعاثوا قتلاً وتدميراً وإفساداً·

إن الحديث عن السلام في هذه الأيام بين الصهاينة والأمة أصبح حديث خرافة، وأصبحت شعوب المنطقة تدرك إدراكاً جلياً دون مواربة بأن السلام الذي ينادي به الصهاينة وساسة الغرب الباغي ما هو في حقيقته إلا استسلام أكيد، لا يحفظ لهذه الأمة أية كرامة، ولا يصون ماء الوجه في أقل ما يكون، فما الذي تتوقعه هذه الأمة من هذه الجهود إلا الاستمرار في تركيعها وتمزيقها إلى شيع وأحزاب وطوائف وأعراق متصارعة؟  ليخلو لهم الجو ليسيطروا على مقدراتها وليتحكموا في تنميتها وتطورها بما يحقق لهم مصالحهم، ضاربين عرض الحائط بمصالح الأمة وثقافتها وحضارتها وكرامتها·

إن ما حدث من قتل بالجملة من دون أن يعبأ القاتل الصهيوني بأية قيمة تذكر يجعلنا نتساءل بمرارة شديدة: كيف لنا أن نتصور أن علاقة تاريخية دائمة يمكن أن تقوم بين هذا المشروع الصهيوني الاستيطاني المتحالف مع القوى المسيطرة على مقدرات الأمة الطامعة في ثرواتها وأراضيها وثقافتها وحاضرها ومستقبلها وبين هذه الأمة؟ إن ما يحدث يجعلنا نشك في أية إمكانية للسلام والتعاون سوّقها في العقود الثلاثة السابقة بعض الواهمين الذي ابتلعوا طعم الوهم الكبير· فليعلم الجميع أن تاريخ الإنسانية قائم على تناقض المصالح، وأن الحق الذي لا تسنده القوة سيغيب في النسيان، ومن العجيب أن الكيان الصهيوني الذي لا يريد أن يعترف بأي حق هو كيان غاصب أصلاً قائم على أنقاض شعب فرقوه في الآفاق، ثم باتوا يتهمون كل العالم بأنهم معادون لهم، ولا أحد في العالم يريد أن يتطرق ولو بلمحة عابرة إلى أصل المشكلة، وعدم الالتفات إلى أصل المشكلة يظل يراكم العقبات تلو العقبات أمام حل حقيقي أو أي أمل للتفاهم بين الصهاينة وهذه الأمة·

وليس خفياً أن المشروع الصهيوني الاستيطاني جزء من المشروع الاستعماري القديم، انتقل هذا الإرث من المشروع الاستعماري الكولونيالي إلى الاستعمار الجديد الذي بلغ ذروته في ظل اليمين الأمريكي المتصهين في ظل المحافظين الجدد؛ إذ يتضح التناغم بين هدف الصهاينة وأهداف هذه الطغمة سيئة الذكر·

أقول بعد الذي تقدم من تدمير لا يعرف الحدود، وبعد القتل المبرمج الذي لم يفرق بين مقاتل وآمن، هل من الممكن أن يقوم سلام بين الصهاينة والعرب؟ وهل يمكن أن يقوم تعايش بين الإيديولوجية الصهيونية الاستعمارية والعرب المسالمين الذين لا يعتدون على أحد ويطمحون إلى أن يعيشوا آمنين في أوطانهم يربون أبناءهم ويعلمونهم ويسعون إلى امتلاك التقدم والتنمية والتكنولوجيا ليتغلبوا على ظواهر الفقر والحهل والمرض؟ وهل يمكن أن يقوم تعاون بين الصهاينة والعرب في تحقيق السلام والتنمية ونشر التكنولوجيا والتغلب على التحديات الخطيرة؟!

ما حدث يؤكد بلا جدال أو سجال أنه لا يمكن أن يحدث تعاون أو حتى تعايش بين العرب والصهاينة من خلال النظرية والواقع؛ فالنظرية الصهيونية نظرية عنصرية استعلائية استعمارية تقوم على فكرة الاغتصاب والاستغلال والقهر والعدوان، تستند في تحقيق أغراضها على القوى الاستعمارية الكبرى، ولا تنتمي في ثقافتها ولا حضارتها ولا تاريخها ولا آمالها إلى هذه المنطقة، فقد ثبت أنها القاعدة المتقدمة لأعداء هذه الأمة وأنها التهديد المستمر لتقدم ورخاء هذه الأمة وسلامها، فليس من الممكن، مهما يحلم الحالمون الواهمون، أن يقوم سلام بيننا وبين الصهيونية وإسرائيل، أما من ناحية التطبيق فالشواهد في تاريخ العرب تؤكد عدوانية هذا الكيان وإيغاله في المذابح والمجازر التي أصبحت أسلوباً معروفاً في تاريخه المكتوب بدم الأبرياء من العرب المسلمين، فمن ينسى مجازر دير ياسين وقبية ونحالين وكفر قاسم ومدرسة بحر البقر وصبرا وشاتيلا وقانا وغزة وبيت لاهيا ورفح ودير البلح وجنين ومروحين؟ وعشرات القرى التي ترتكب فيها المجازر يومياً في الجنوب اللبناني وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، سلاحهم موجه ضد كل شيء عربي مسلم، ضد الشجر والحجر والشاحنات والسيارات الخصوصية وحتى أفراد قوة السلام التابعة للأمم المتحدة ما داموا على أرض العروبة؟ إن ما تفعله الصهيونية وإسرائيل  وما تعيد فعله كل حين يذكرنا بما قاله روديارد كبلنج شاعر الاستعمار البريطاني عن استحالة لقاء الشرق بالغرب، فهل من الصعب علينا وعلى كل من توهم بإمكانية جنوح الصهيونية إلى السلم أن نقول: إن الصهيونية والعروبة نقيضان لن يلتقيا أبداً، أظن أن الوقائع  الأخيرة هي الشاهد الحي على ما نقول، وأنّ التاريخ الطويل بيننا وبينهم الذي لم تغيّره كل المحاولات الصادقة والكاذبة يؤكد أنْ لا سلام يجمعنا، ولا حل لقضيتنا معهم إلا بالمواجهة الشجاعة والوحدة التي تضع مصلحة الأمة الواحدة الكبيرة فوق كل المصالح الفردية الصغيرة·

جامعة الإمارات

�����
   
�������   ������ �����
القراءة للأطفال ..خطوة نحو تثقيفهم
حين يميل الميزان
منذورون للموت
الترجمة.. سلاح القوة المفقود
نشد على يديْ هذا الرجل
إشكالية الثقافة
لبنات المجتمع الكبير
اللغة العربية في جامعاتنا العربية
الانتزاع من الوطن
مفهوم التحضر.. تساؤلات ومواقف
كوب لبن أم كوب ماء؟
فراشة مبتسمة تطير من شدة الفرح
هوية في مهب الريح
عن الرياضة والثقافة
العمى والبصيرة
مَنْ لأبنائنا؟
ثوابت ومتغيّرات
الطب.. وأخلاقيات المهنة
تحولات المكان
  Next Page

وحدة من الثنتين
يا الحكومة.. يا الخرافي:
عبداللطيف الدعيج
أطفالنا يموتون بصواريخ بوش:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
طريق البارود:
عبد العزيز خليل المطوع
قراءة في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله:
د. نسرين مراد
رسالة:
على محمود خاجه
إننا ظاهرة كلام فقط:
د. فاطمة البريكي
الصهيونية والعروبة نقيضان لا يلتقيان:
د. لطيفة النجار
"ألا تخجل من كونك أمريكيا؟":
د. عبدالواحد محمد الخلفان
الحرب المنسية:
عبدالله عيسى الموسوي
صحيح... من يدفع الحساب؟:
يوسف الكندري
السلوك وحرب لبنان:
فيصل عبدالله عبدالنبي