رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

طريق البارود
عبد العزيز خليل المطوع
???? ??????

ستزدهر سوق الكلمة العربية هذه الأيام، فكلما تساقط المزيد من القنابل الإسرائيلية المحرمة وغير المحرمة على رؤوس العرب من اللبنانيين والفلسطينيين لتحصد أرواحهم وتدك منازلهم وتحرق أشجارهم وتأتي على أخضرهم ويابسهم، كلما ازدادت المقالات المدبجة والخطب العصماء تزاحما على صفحات الصحف والمجلات وعلى شاشات التلفزة العربية وفوق منصات المؤتمرات والاجتماعات الفاشلة التي تمسك الولايات المتحدة بخطامها لتقودها إلى حيث تشاء·

وفي هذه الأجواء سيصب العرب جام غضبهم واستيائهم على رموز الإرهاب العالمي الحقيقي: الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وأولمرت وكوندوليزا رايس وجورج بوش وبلير··· وقائمة طويلة من أسماء البلدان والأشخاص التي لا نهاية لها ولن تنتهي إلى قيام الساعة، منهم ومن ذريتهم ممن سيتناسلون·· ثم لن يلدوا إلا فاجراً كفاراً·

ثم بعد حين·· ربما بعد أيام أو أشهر سوف يسكت الرصاص، وتهدأ المدافع، وسوف تتوقف القنابل عن التساقط كالمطر، وسوف ينشغل الجنود الإسرائيليون بتنظيف مدافعهم ودباباتهم وطائراتهم التي أنهت مهمتها بنجاح وتخلصت من حمولتها من القنابل القديمة التي ألقتها على لبنان وفلسطين، ليبدأ تحميلها بقنابل جديدة أكثر فتكا وأشد تدميرا مما زودتهم به أمريكا عن طريق المطارات والموانئ البريطانية والأوروبية أيضا عبر طريق لا يقفر أبدا من القوافل البحرية والجوية التي تحمل كل مواد ومعدات القتل والتدمير والإبادة، وهو طريق يصح لنا أن نطلق عليه طريق البارود ، لأنه يحمل موتا وهلاكا لا يصوب إلا نحو النحور العربية والمسلمة، وسوف يبدأ الجنود الإسرائيليون في التدرب على وسائل قتالية جديدة لحرب إبادة جديدة قد طبخت وحيكت حبائلها منذ حين في أروقة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وفي غرفها السرية، وقد يكون الهدف القادم سورية أو الأردن أو دول الخليج·· من يدري؟ فالإجرام والإرهاب الحقيقي لا حدود لمساوئه وآثامه·

وبين الحرب والحرب·· سيعود الصمت إلى سوق الكلمة العربية، وسيعود العرب يلملمون عارهم، ويتجرعون هزيمتهم، ويلعقون جراحاتهم، ويزيلون آثار ذلهم ومهانتهم، وسوف تذهب عليهم سنوات العمر سدى·· كما ستذهب جهودهم وثرواتهم هدرا لإعادة بناء ما ستأتي إسرائيل بعد بضع سنين لكي تحيله قاعا صفصفا·

ولكن ذلك كله وما هو أعظم منه، لن يثني العرب عن التعامل مع أعدائهم الصرحاء كالشمس في كبد المجرة بأخلاقهم العالية وشيمهم الكريمة ونبلهم النادر، وسيعودون من جديد يمارسون كل أنواع السلوك التفكيري المشوه، من فقدان الذاكرة إلى اللامبالاة إلى ازدواجية المعايير وصولا إلى التناقض، فالدبلوماسيون العرب سيعودون لإكمال المسرحية السخيفة، وسيحاولون في غرفة العمليات استيلاد السلام الذي قتله اليهود وهو لم يزل وهمًا في عقول العرب وحدهم، وهم أثناء ذلك لن يتذكروا مذابح إسرائيل ومجازرها في قانا الأولى والثانية وفي صبرا وشاتيلا وفي دير ياسين وفي بحر البقر وفي غيرها من جرائم الحرب والسلم مما لا يعد ولا يحصى، بل وسيتسابقون إلى خطب ودّ أولمرت وبيريتس، كما خطبوا من قبل ودّ مناحم بيغن ورابين وبيريز وشارون سرا وجهرا، وسيتهامسون فيما بينهم: "عفا الله عما سلف·· ورحم الله أمواتنا فقد أساؤوا الظن"، وعندما تنتهي ولاية جورج بوش وكوندوليزا رايس ورامسفلد ومن على شاكلتهم يوما ما سيستقبلهم مسؤولونا ومعهم الجماهير العربية كمحاضرين أو كرجال الأعمال بالورود وبالترحاب وبالابتسامات البلهاء·· وسوف يتسابقون إلى التقاط الصور التذكارية معهم، وسوف تتكرر دعوتهم إلى بلداننا وبيوتنا مرة بعد مرة، فمن يتمنى لنا الخير أكثر من هؤلاء الذين يتّموا أطفالنا، ومن سيخلص لنا النصح أكثر من هؤلاء الذين شردونا من بيوتنا ونهبوا خيراتنا، إنهم نعم المستشار الذي نستشيره عن كيف نعيد بناء مستقبلنا الغامض·· وكيف نستعيد مجدنا الضائع، وعندما يكذبون علينا هم وصندوق نقدهم وهيئة أممهم بوصفاتهم التي لن تلقي بأيدينا إلا إلى مزيد من التهلكة، سنكون أكثر كرما منهم وسنغدق عليهم العطايا والهبات لنبدأ من حيث انتهينا، فنستأمنهم على أموالنا التي نستثمرها في بلادهم، أو ننفق اليسير منها - كما نصحونا - في تشييد الفنادق والحانات·· بدلا من إنفاقها على بناء الإنسان·

 أما الكتّاب والمفكرون والإعلاميون فسيعودون إلى سالف عهدهم·· يلوكون الكلام عن مناقب الديموقراطية الأمريكية، وعن محاسن الليبرالية الغربية، وسيرددون كالببغاوات ما يقال عن الإرهاب والأصولية الإسلامية والتشدد، وستروج الصحف والمجلات على صفحاتها للثقافة الغربية بنشر صور الممثلات والمطربات وعارضات الأزياء الخليعة، وستعج الصفحات والشاشات بالإعلانات التجارية للبضائع والسلع الأمريكية والأوروبية، وسيحشى إعلامنا بكل ما هو أمريكي أو متأمرك من قمة رأسه إلى أخمص قدميه·

وأما بقية الناس - بما فيهم اللبنانيون والفلسطينيون الذين اجتاحهم إعصار الوحشية الإسرائيلية - فسينسون شهداءهم الذين قتلوا بالقنابل الأمريكية، وستغيب من ذاكرتهم شيئا فشيئا مشاهد الدمار والرماد والدماء النازفة، ورائحة الدخان والموت التي انبعثت من أزقة غزة ورام الله وبيروت وصيدا، وسيعودون إلى سابق عهدهم يشترون البضائع الأمريكية والبريطانية وربما الإسرائيلية أيضاً·· وسيرددون الأغاني الأمريكية، ويشاهدون الأفلام الأمريكية ويتزينون بالملابس والاكسسوارات ولوازم التجميل الأمريكية، وسيعلق الشباب صور الممثلين والممثلات والمطربين والمطربات من الأمريكان في غرف نومهم، وسيقصون شعرهم قصة المارينز القبيحة، وسيرتادون المطاعم الأمريكية ليتناولوا الوجبات السريعة الفاسدة في ماكدونالد وكنتاكي وبيتزا هت·

وستبدأ الأموال العربية تعود إلى عهدها السابق ودورتها المعتادة تتدفق من جيوب العرب إلى حسابات الشركات الأمريكية المتقنعة بتعدد الجنسيات ومنها إلى الخزينة الأمريكية، ثم إلى مصانع السلاح الأمريكية ·· وهناك ستتحول أموال العرب من جديد إلى دبابات وطائرات وقنابل فسفورية وانشطارية وعنقودية ومخصبة باليورانيوم·· ومن هناك ستبدأ رحلة أخرى عبر طريق البارود من أمريكا إلى المطارات والموانئ الأوروبية انتهاء بترسانة الأسلحة في إسرائيل لتحصد أرواح العرب الذين لم يموتوا في الحرب السابقة، ولتشوه وجوه أطفالهم الذين نجوا من أتون الحرب السابقة، ولتدك مدارسهم ومستشفياتهم وملاجئ عجزتهم وكل ما تطاله ذراعها العسكرية من بنياتهم التحتية التي سلمت في الحرب السابقة، وسيبقى العرب - الذين اتخذوا هذا القرآن مهجورا - يلدغون من نفس الجحر آلاف المرات·· ويحتسون السم من نفس الكأس·

كاتب إمارتي

�����
   

وحدة من الثنتين
يا الحكومة.. يا الخرافي:
عبداللطيف الدعيج
أطفالنا يموتون بصواريخ بوش:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
طريق البارود:
عبد العزيز خليل المطوع
قراءة في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله:
د. نسرين مراد
رسالة:
على محمود خاجه
إننا ظاهرة كلام فقط:
د. فاطمة البريكي
الصهيونية والعروبة نقيضان لا يلتقيان:
د. لطيفة النجار
"ألا تخجل من كونك أمريكيا؟":
د. عبدالواحد محمد الخلفان
الحرب المنسية:
عبدالله عيسى الموسوي
صحيح... من يدفع الحساب؟:
يوسف الكندري
السلوك وحرب لبنان:
فيصل عبدالله عبدالنبي