رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 فبراير 2007
العدد 1762

عن الرياضة والثقافة
د. لطيفة النجار
Latifa64@emirates.net.ae

يكثر الكلام عن الاهتمام بالرياضة على حساب الثقافة، وكأن منافسة حامية بينهما، وقد قلنا في مقال آخر إننا في حاجة إلى نصر رياضي ليس على مستوى الوطن وحسب، ولكن على المستوى القومي يحقق للأمة سبقاً في مجال له شعبية واسعة، يجعل الأمة محط اهتمام في بعض المجالات إن لم يكن في مجالات متعددة· أقول ذلك بمناسبة هذا الفوز المشرف الذي يليق بمنتخب الإمارات، الذي كافح بقوة وروح رياضية مؤثرة من أجل الحصول على لقب خليجي 18، فكان له ما أراد، فقد حقق الفوز، وحقق مع الفوز أشياء أخرى كثيرة، أهمها هذا التجمع الرسمي والشعبي الكبير، الذي أحس به الجميع كبارا وصغارا، والذي عمّق في النفوس إحساس المشاركة الجميل·      

وهذا الفوز خطوة في طريق النجاح يجب أن ترافقها خطوات موضوعية تتمثل في التفاني في العمل والكدح ونكران الذات والتواضع ومحاسبة النفس، حتى يكون لهذا النجاح ما يسوّغه ويعززه، بعيداً عن الغرور والأنانية والتعالي والتعصب الذميم، وهذا الكلام نقوله لمحبي منتخبنا ولمشجعيه حتى لا نخسر أهم شيء في الرياضة، وهو الموضوعية والروح الرياضية والجمعية والإيثار والبعد عن التعصب الذي يقتل في الروح أسمى القيم والمعاني الإنسانية· وإنني أظن أنّ شعور الفرح الغامر الذي ملأ الأفئدة، وفاض على الألسنة، وعمّ فضاء الإمارات جدير بأن يكون غاية في ذاته يسعى إليها أبناؤنا بجهدهم ودأبهم واجتهادهم، بحيث يكون تجدده، على مرّ السنوات، رسالة تحيي في النفوس المعاني الجميلة للنجاح والفوز اللذين لا يكونان إلا ثمرة حلوة لمن يستطيب العمل الدؤوب والكفاح والصبر الجميل·

وإذا كنا نطالب الرياضيين أن يبذلوا كل الجهد والطاقة لوضع الوطن والأمة على خارطة الرياضة العالمية المتفوقة، آملين بتصدر عدد من الفرق العربية قوائم الفائزين في المباريات الإقليمية والدولية، فإننا نطالب المثقفين والعلماء بأن يبذلوا كل الجهد بكل الموضوعية والجدية والإيثار والبعد عن المصالح الفردية والفئوية والأنانية لوضع الثقافة والمعرفة العربية على قائمة البلدان المتقدمة في هذا المجال· فلا يكتفي المثقفون ورجال الفكر بإلقاء اللوم والتبعات على غيرهم؛ فالحياة الثقافية تبدو أميل إلى الكسل والتراخي، فكم من مثقف وأديب ينعم باللقب العظيم من دون أن يبذل جهداً مكافئاً يجعل لمثل هذا اللقب مصداقية تجعلنا نؤمل بأننا نتقدم إلى الأمام، ونشعر أننا نزعنا عن أنفسنا حالة الكسل العقلي والمعرفي والثقافي، وانطلقنا نجاهد أنفسنا المليئة بالعجز والكسل والخواء، فنشطنا نثقف أنفسنا بالقراءة والصبر على تحمل الإبحار في محيط الثقافة العميقة الجادة، دون أن نكتفي بالجلسات الطويلة نثرثر ونثرثر دون التفات إلى الصناعة الثقافية الثقيلة، فالاكتفاء بالألقاب لا يجدي فتيلاً والتشبه بالمثقفين لا يصنع ثقافة حقيقية، فرب مجلات صفراء زهيدة التكاليف تحوي من الثقافة والإبداع ما لا تحويه مجلات مصقولة مرتفعة التكاليف لا يساوي ما يصرف فيها من ثقافة وإبداع ثمن الحبر الذي كتبت به·

إن الركون إلى الدعة والكسل والوقوف متحسرين أمام ما يناله الرياضيون من محبة ورعاية وإعجاب، وقول بعض الظرفاء بأن الفكر انتقل من الرؤوس إلى الأقدام، لا يمنع المثقفين ورجال المعرفة من المراجعة الجادة التي تساعد في معرفة أسباب الأزمة، وما وسائل العلاج التي تحول دون استشراء هذه الحالة المحزنة التي تجعلنا نوزع الألقاب على من هب ودب من دون محاسبة أو نقد جريء نزيه، يسمي الأشياء بأسمائها، ويحتضن تلك العناصر الواعدة التي تتجاوز الواقع، وتمضي قدماً نحو اكتساب المعارف الضرورية، لتحقيق نقلة إلى الأمام تساعد في ردم الهوة بين إبداعنا وإبداع الآخرين في كل مجال·

هذا الكلام الصريح الذي نجابه به الوقع الثقافي والمعرفي لا يعني بحال أننا نقلل من جهود فئة من المبدعين الجادين الذين يأخذون أنفسهم بالجد والصبر والقراءة والتثقيف المنهجي الدؤوب، فهؤلاء هم الذين نتوجه إليهم بالخطاب، وبالأمل والرجاء، فلا يعنينا أبداً من يسعون إلى الحصول على الألقاب دون جدارة، بحيث يصدق فيهم قول الشاعر "ألقاب مملكة في غير موضعها"، فثمة طاقات واعدة نأمل فيها الخير في كل الميادين، متطلعين إلى أن تنسى هذه الفئة المناضلة في سبيل الفكر والكلمة والإبداع أحلام الحالمين المتواكلين الذين يعيشون في استرخاء وكسل ذهني سقيم، ويلقون اللوم على غيرهم، وما دروا أن الثقافة والمعرفة لا تنالان من دون عمل متواصل وتضحيات كثيرة· وليست المعادلة كما يحلو لبعضهم أن يصورها بأن الرياضة في مقابل الثقافة، بل يجب أن تكونا متكاملتين إن لم تكونا وجهين لعملة واحدة، وكلّي أمل بأن ينجح إبداعنا، وهو الخالد الباقي، في الانتشار والظهور والفوز؛ ليتعرف العالم إلينا عن قرب، ويبصر حقيقتنا، ليروا ما في ضمائرنا وأرواحنا من معان وقيم وأشواق ومشاعر، بدل أن يظلوا سادرين في تشكيل صور خاطئة ناجمة عن النمذجة والقولبة والتنميط·

ولا بد من القول أخيراً إننا يجب أن نلتفت إلى الثقافة والمعرفة والإبداع وأن نوليها جميعاً جل اهتمامنا، فالمعرفة والثقافة والإبداع هي ثروتنا الحقيقية التي لا تعلو عليها أي ثروة مهما تغل الثروات في أي زمان ومكان· وهي الصناعة الثقيلة التي سيقدرها الناس حق قدرها حين يرون كم تقدم للوطن والأمة من فوائد، وكم تعود عليهم من عوائد، حين تصبح خبرة مربية، تتسرب إلى داخل العقول والقلوب، وتستقر في الوجدان، وتفيض على الآخرين بفيض جمالها وأنوارها، فتكسب محبين جدد لوطننا وأمتنا، إن استطعنا أن نتجاوز بإبداعنا وثقافتنا الحواجز المنيعة، وأن نتفاهم معهم بتلقائية وشفافية عزّ لها نظير·

*جامعة الإمارات

�����
   
�������   ������ �����
القراءة للأطفال ..خطوة نحو تثقيفهم
حين يميل الميزان
منذورون للموت
الترجمة.. سلاح القوة المفقود
نشد على يديْ هذا الرجل
إشكالية الثقافة
لبنات المجتمع الكبير
اللغة العربية في جامعاتنا العربية
الانتزاع من الوطن
مفهوم التحضر.. تساؤلات ومواقف
كوب لبن أم كوب ماء؟
فراشة مبتسمة تطير من شدة الفرح
هوية في مهب الريح
عن الرياضة والثقافة
العمى والبصيرة
مَنْ لأبنائنا؟
ثوابت ومتغيّرات
الطب.. وأخلاقيات المهنة
تحولات المكان
  Next Page

مبادرة في الوقت الضائع!!:
سعاد المعجل
هل من ناصر ينصر قدسنا:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حكاية شاعر عاشق لمصر:
سليمان صالح الفهد
الكويتية أسرع من السيارة!!:
سعود راشد العنزي
ما فهمت:
على محمود خاجه
مالكم والسيد المهري :
فيصل عبدالله عبدالنبي
داء الفتنة ...والعياذ بالله:
علي حصيّن الأحبابي
ماذا اكتشفت ناسا؟:
الدكتور محمد سلمان العبودي
كفى تقريعاً لأمريكا:
خلف أحمد الحبتور
تهديد متدرج ينبئ بكارثة عظيمة:
عبدالله عيسى الموسوي
دفاعاً عن نائبنا "الصعلوك"
مسلم واللئام.. ونحن وأربعينية صدام:
خالد عيد العنزي*
عن الرياضة والثقافة:
د. لطيفة النجار
بعد الإعدام:
يوسف الكندري