رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 يونيو 2006
العدد 1734

ما هكذا تورد الإبل
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

ما زلنا نشجب ونتهم ونطلق العنان لألسنة الإعلام المرئي والمقروء المسموع ضد عمليات القتل التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية جوا وبرا في فلسطين والعراق، كلا في جهته وحيث تدفعه مصالحه· ثم نعود بعد أقل من 24 ساعة نغازل إسرائيل والولايات المتحدة على طريقتنا الخاصة بأن عليها أن لا تكون قاسية معنا وأن لا تكيل الأمور بمكيالين وأن تتفهم الوضع جيدا وأن تعود إلى طاولة الحوار· أو كما قال أحدهم بأننا نشبه تماما تلك المرأة المطيعة طيبة القلب المغلوبة على أمرها من قبل زوجها سيئ الطباع·

إننا نحلم منذ عقود طويلة وفي كل مرة تبدأ في تلك الدولتين طقوس انتخابات الديمقراطية الغربية، نحلم برئيس وزراء إسرائيلي جديد أو برئيس ثانٍ للولايات المتحدة أكثر إنسانية وطيبة يشعر بالأسى والحزن والظلم للفلسطينيين أو للمصيبة العربية· لذا وفي كل مساء وفي مطابخ تحرير الأخبار نجند كل طاقاتنا الإعلامية للتهليل لأحد المرشحين الذين نتوسم فيهما حب عيون الطفل الفلسطيني أو رائحة النفط العربي التي أدمنت الولايات المتحدة الأمريكية عليها· لنفاجأ في صباح اليوم التالي وقبل أن توزع تلك الصحف بأنا كنا نعيش أحلام يقظة المراهقين أو الشيوخ الذين على أسرة الموت وهم يحلمون بعودة أيام الشباب ·

ما زلنا نتعامل مع هذين الخصمين اللدودين منذ زمن طويل وكأنهما يسمعان أو يقرآن أو  يشعران بما نضمره في قلوبنا أو نعلنه وننشره في الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، أو بأن اللغة العربية يقرؤها ويفهمها الشارع العالمي· أو أن هناك واحدا منهما على الأقل سوف يعمل لإنصافنا·

إلا أننا لا ندرك بأن القنوات العربية والصحف العربية والإذاعات العربية من الخليج للمحيط ولحسن حظها لا يشاهدها ولا يقرؤها ولا يسمعها ولا يفهمها سوى العرب· بل بعض العرب·

إننا نتعامل مع العالم بطريقة غريبة جدا، وهذه الطريقة لا تقوم على أي أساس واقعي· بكلمة أخرى، نحن نعيش حالة مستمرة من أحلام اليقظة، وبكلمة أخرى أيضا: نحن لم ولا ولن نتعلم من أخطائنا ولا من تجارب الآخرين·

إننا في حاجة إلى أمر نعرفه ولا نعرف كيف نصل إليه رغم أن العالم مجتمعا وصل إليه بقليل من الجهد وقليل من المنطق· في حاجة إلى النزول إلى عالم الواقع والتعامل معه من هذا المنطلق·

لم تقصر وسائل الإعلام العربي - التي لا تمثل في كثير من الأحيان الإنسان العربي ولا تمت له بصلة - في نشر ألوان الدماء التي تسيل في العراق وفلسطين ولبنان· وتركز بشكل خاص على صور الأطفال الأبرياء الذين سقطوا بالرصاص الإسرائيلي أو الأمريكي سواء في الرمادي أو على ساحل غزة· وتنتظر هذه الوسائل أن يشعر العالم بشيء من لهيب المأساة التي يعيشها العرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وازديادها بعد نهاية الحرب الباردة· ولو قمنا بسؤال أي أجنبي من آسيا أو أوروبا حتى ولو كان هذا الأجنبي يعيش بيننا وعلى أرضنا ويشرب منها ويأكل من تمرها ويشتري بيته فيها ويبني مستقبله من خيراتها لو أننا سألناه عن رأيه أو تعليقه على تلك الصور، لصدمنا بأنه لا يقرأ أخبار الوطن العربي، وأنه يكتفي بقراءة صحفه القومية أو الصفحات الاقتصادية في الصحف الملحية التي تهمه·

إننا نريد أن نغير رأي العالم عنا على طريقتنا· ونسعى للحصول على حقوقنا عن طريق التسول واستعطاف قلوب الغرباء·

(ما هكذا تورد الإبل) كما يقول المثل العربي· (ورغم زخامة الأمثال العربية إلا أننا أيضا لا نستخلص من حكمتها شيئا كما يفعل الصينيون والهنود والفرس)·

إننا نحارب هاتين الدولتين (وأقصد بهما إسرائيل وأمريكا) على جبهتين لا يمكن قهرهما عليها: السياسة والإعلام· لأنهما متفوقتان علينا في كلا الجبهتين بمراحل عديدة· سياسيا، تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة العالم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي· وإعلاميا، فإن معظم وسائل الإعلام العالمية وعلى رأسها وسائل الإعلام الأمريكية اشترتها رؤوس الأموال اليهودية منذ زمن طويل· ولن نجد بعد سنين قليلة قادمة أي صحيفة أو قناة فضائية أوروبية تبث خبرا أو صورة فيها ما قد يسيء إلى سمعة إسرائيل، إضافة إلى أننا فقدنا مصداقيتنا إعلاميا وسياسيا·

لقد اكتفينا وأصبحنا متشبعين صورا وشجبا وصراخا دون أن يعيرنا أحد اهتمامه· نحن في الألفية الثالثة وفي عالم العولمة المتغير بسرعة البرق، وفي زمن لا مكان فيه للسمك الصغير ولا للبكاء الذي لا يسمعه أحد·

إن المنطق يقول: بأننا بشريا نمثل نسبة خطيرة جدا وتكفي لتغيير موازين العالم· وأن الدين الإسلامي يربط بعدد من البشر وبمساحة جغرافية يحسب حسابها العالم كله· وبوجود هذين العاملين: الأيدي العاملة بالإضافة الى المساحة الجغرافية الممتدة بين محيطين، فإننا ببساطة نمثل قوة عظمى كامنة دون أن ندرك ذلك· ويهود العالم هم الوحيدون الذين انتبهوا لهذه القوة المخبأة دون أن يثيروا موضوعها على صفحات الجرائد إلا عندما شعروا بتحرك هذا المارد ليصبح الإرهابي الذي يجب القضاء عليه قبل أن يخرج من قمقمه· وحيث إن المساحة الجغرافية الممتدة طولا وعرضا تعني وجود القبض على أهم مصادر النمو الاقتصادي والصناعي عليها كالمعادن والأرض الخصبة ومصادر المياه من أنهار وآبار وموانئ بحرية للتسويق، فإن هذين العاملين لو تم استغلالهما بالمنطق العصري وبحسابات الأرقام لما تجرأت إسرائيل وأمريكا على معاداة الأمة الإسلامية والعربية·

كلنا تألمنا للصور التي شاهدها العرب والمسلمون على ساحل غزة، ومنظر تلك الطفلة المرعوبة، وكلنا جلسنا نحلم بأن إسرائيل سوف تندم غدا على فعلتها، وسوف تذهب لحضور مأتم عائلتها، وأن أمريكا سوف تضع إسرائيل تحت قائمة الإرهاب مع إيران وكوريا وليبيا وحزب الله وحماس وسورية، وأنها سوف تقطع مساعداتها إليها عقابا على وحشيتها وسوف تطالب الأمم المتحدة بالسماح لها لغزو إسرائيل لتخليصها من الإرهابيين الذين حكموها منذ 1948 على خطى جولدا مائير وبيغن وشارون وبارارك وأولمرت وغيرهم من الذين لم يفهموا إلا لغة الدم والقتل والخبث والغش والذين شردوا دولة كاملة بأطفالها وشيوخها ونسائها واقتلعوا أشجارها ودمروا منازلها واستولوا عليها ومن ثم استوطنوها وبنوا على جثث أصحابها منازلهم الملوثة·

كلنا حلمنا بمثل ذلك، واعتقدنا أن يهود العالم سوف تقرأ وتشاهد وتسمع أخبارنا عن طريق وسائل إعلامنا وسوف تشعر بالذنب، وأن الشعب الأمريكي سوف يعاقب حكومته على مساعدة إسرائيل في ارتكاب مثل أعمال الغاب تلك·

ولم تتحقق أحلامنا منذ عقود طويلة، ولن تتحقق ما دمنا لم نفهم بعد دروس المنطق الساذجة التي ألغيت من مناهج التدريس لعدم قدرة العقل العربي على فهم هذا العلم البسيط الذي لا يتعدى تكرار جملة المنطق الشهيرة: (إذا كان هناك دخان فهناك نار)، وظل يصر على أن الدخان ليس شرطا لوجود نار··· فقد يكون أحد الأثرياء يدخن سيجارا كوبيا فاخرا وهو يشاهد إحدى محطات منافسات أفضل المصممين أو المطربين الجدد·····

جامعة الإمارات

dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

النداء الأخير!:
سليمان صالح الفهد
الكويت للبيع!!:
سعاد المعجل
ثقافة التقسيم الحالي للدوائر:
د. عبدالله الجسمي
ممنوع على الفقراء!!:
د. محمد عبدالله المطوع
الديون سيف مصلت على الرقاب:
د. فاطمة البريكي
غدا البداية:
المحامي نايف بدر العتيبي
استجواب رئيس الوزراء:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
محطات قبل الانتخابات:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
اليوم هو يوم الانتخاب:
د. محمد حسين اليوسفي
وطني الكويت:
سعود جاسر الجاسر
إنه استفتاء الفتنة:
عبدالله عيسى الموسوي
الأسرة و التنشئة السياسية:
علي حصيّن الأحبابي*
ما هكذا تورد الإبل:
الدكتور محمد سلمان العبودي
غداً نكون أو لا نكون:
يوسف الكندري
اليوم.. وغدا.. وأمس:
على محمود خاجه