رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 يونيو 2006
العدد 1734

ثقافة التقسيم الحالي للدوائر
د. عبدالله الجسمي

تناولت أقلام كثيرة موضوع تقسيم الدوائر الانتخابية الحالي من زوايا مختلفة لدرجة الإشباع نظرا لما له من انعكاسات سلبية جدا على مسيرة العمل السياسي النيابي والتنفيذي ومؤسسات المجتمع المدني ولكن بقيت مسألة مهمة لربما لم يتم تناولها أو تمت الإشارة إليها بشكل محدود جدا ألا وهي صلة هذه التقسيمة بتكوين ونشر ثقافة عامة أحدثت تغيرات كبيرة في الثقافة المحلية، فما نراه من ممارسات على كل المستويات ما هو إلا نتاج لقيم عززتها ونشرتها كيفية وصول النائب للمجلس وكيفية حفاظه على كرسيه والسبل التي يتبعها في تحقيق ذلك·

وأول ما تجدر الإشارة إليه هو أهمية الجانب السياسي في تشكيل الثقافة العامة في المجتمع فلو نظرنا الى المجتمعات الصناعية سنجد أن العلم لعب الدور الأساسي ولا يزال في تشكيل ثقافتها وهو في الوقت نفسه مسؤول عن تطورها الحضاري والثقافي، وبما أن مجتمعنا والمجتمعات العربية الأخرى تفتقر لدور حقيقي وفعال للعلم كصانع للثقافة والمجتمع وتقدمه تأتي السياسة لتلعب دورا في تشكيل الثقافة السائدة، ويقف من يدير شؤون الحكومة كصانع للسياسة ومن ثم صانع للثقافة الدارجة التي يروج لها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة وعبر آليات العمل السياسي الذي إما يتميز بالجوانب القمعية كما هو حاصل في عدد من الدول العربية، أو بإجهاض الممارسة الديمقراطية الحقيقية عبر تفريغ أدوات العمل الديمقراطي من أي شكل فعال لبناء المجتمع المدني وثقافته وهذا ما هو حاصل في مجتمعنا، فطريقة الوصول للبرلمان أجهضت أي تحول سياسي وثقافي حقيقي في المجتمع، بل ساهمت في التراجع عن قيمة وثقافته التي كانت سائدة فيه سابقا عبر التقسيمة الحالية للدوائر التي حولت الأنظار عن القضايا الحقيقية للوطن والمواطن الى القضايا الشخصية ذات المصالح الضيقة، فأصبح الوصول للبرلمان يقتضي ممارسات وقيم لا تتعلق بالممارسة الديمقراطية الحقة التي تسعى للصالح العام بل لمصالح أفراد وفئات وشرائح اجتماعية، هذا الوضع تحول مع الوقت الى أن أصبح طريقة حياة المجتمع ومن ثم شكل ثقافته الدارجة وأصبح من يدعو للممارسة الديمقراطية السليمة شاذا عما هو سائد، وقد نتج من جراء ذلك الممارسات التي نراها في البرلمان أو ممارسات السلطة التنفيذية فقد تحول عمل النائب الى مراسل ورجل علاقات عامة مع ناخبيه وخضعت التشكيلات الحكومية المختلفة لتلك الممارسات إن لم تكن تدعمها وتروج لها عبر الاستجابة لطلبات النواب من أجل تمرير ما تريد·

ومن جانب آخر لعبت التقسيمة الحالية للدوائر دورا في تبديد أي تطور ثقافي للمجتمع يمكن أن تلعبه السياسة أو السياسيون، فقد ساهمت في تدهور الثقافة المدنية بشكل كبير والتي تحتكم الى سيادة القانون والعدالة وإلغاء كل أشكال التمييز بين المواطنين إذ كان لتقسيم الدوائر على أسس قبلية أو طائفية أثر كبير في تعزيز ثقافة التفرقة والتمييز وإعاقة عملية التطور الثقافي المستند على أسس مادية لإذابة الفوارق بين الفئات والشرائح الاجتماعية، فما جرى خلال الربع قرن المنصرم ما هو إلا ردة ثقافية وتعميق للتفرقة العرقية والمذهبية وتشجيع لمظاهر التعصب والتطرف وغياب أشكال الحوار والتوازن في الطرح السياسي، فقد ضربت هذه التقسيمة تطورا ثقافيا كان المجتمع الكويتي في أمس الحاجة إليه ليتماشى مع التطورات التي حدثت فيه بعد الثروة النفطية، فالتغيرات المادية السريعة التي جرت لم يتزامن معها تغيرات ثقافية توازيها في السرعة أو على الأقل تحاول اللحاق بها أبرزها انصهار شرائح المجتمع في دولة عصرية تغيب عنها التقسيمات السابقة التي كانت تعكس واقع مجتمع مختلف تماما عما هو عليه الآن وسيادة مفهوم للمواطنة يقوم على الحقوق والواجبات تجاه الدولة لا على العرق أو المذهب أو الطائفة·· إلخ·

وفي الوقت نفسه ساهمت هذه التقسيمة بمحاربة القوى السياسية ذات الطرح الفكري والمبني على برامج وخطط تنموية، بمعنى تم تغييب الدور الذي يمكن أن تلعبه القوى السياسية ذات البرامج المغلفة بأبعاد فكرية وثقافية وبرز مقابل ذلك شريحة نواب الخدمات الذين لا ينتمون الى أية أطروحات فكرية بل هدفهم هو محاربة القوى السياسية وبرامجها· فقلة عدد الناخبين في الدوائر شجع الكثير من الأفراد على خوض الانتخابات لا على أسس سياسية أو برامج تنموية بل طمعا في كرسي النيابة ولأجل تحقيق هذا الهدف يتم اتباع كل الأساليب التي توصل المرشح للفوز بغض النظر عن شرعيتها أو كونها ذات أهداف سياسية معينة، وقد نتج عن ذلك وصول عدد من النواب لسدة البرلمان لا يفقهون من العمل السياسي أو التشريعي شيئا وتمر عليهم أربعة سنوات دون أن يتحدث أحدهم أو يبدي رأيا في قضية معينة، فمضابط مجلس الأمة تكاد تخلو من أسمائهم، التي في أحسن الأحوال تسجل في الحضور والغياب فقط·

لقد أحدث ما سبق تحولات ثقافية في المجتمع، حيث انتشرت ثقافة المصلحة الفردية التي كرست الأنانية والمصلحة الخاصة وكل أنماط التفرقة والواسطة والمحسوبية وعدم الانضباط واحترام القوانين والتسيب والتهرب من العمل وغيرها، وتلاشت معها الثقافة الجماعية التي تسعى لتقديم الصالح العام على المصلحة الفردية ومصلحة الوطن على الأفراد أو الشرائح الاجتماعية ووصل المجتمع الى وضع يكاد أن يغيب عنه القانون وتحولت الوظيفة الى مصدر للتكسب الشخصي وأحيانا المادي، وسادت ثقافة اغتنام الفرص وتحولت شخصية الفرد من العفة والعزة والكرامة الى التملق والوصولية والانتهازية، فالخراب الذي جاء من تقسيم الدوائر ليس سياسيا فقط بل شخصي وثقافي أيضا·

�����
   

النداء الأخير!:
سليمان صالح الفهد
الكويت للبيع!!:
سعاد المعجل
ثقافة التقسيم الحالي للدوائر:
د. عبدالله الجسمي
ممنوع على الفقراء!!:
د. محمد عبدالله المطوع
الديون سيف مصلت على الرقاب:
د. فاطمة البريكي
غدا البداية:
المحامي نايف بدر العتيبي
استجواب رئيس الوزراء:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
محطات قبل الانتخابات:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
اليوم هو يوم الانتخاب:
د. محمد حسين اليوسفي
وطني الكويت:
سعود جاسر الجاسر
إنه استفتاء الفتنة:
عبدالله عيسى الموسوي
الأسرة و التنشئة السياسية:
علي حصيّن الأحبابي*
ما هكذا تورد الإبل:
الدكتور محمد سلمان العبودي
غداً نكون أو لا نكون:
يوسف الكندري
اليوم.. وغدا.. وأمس:
على محمود خاجه