رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 1 نوفمبر 2006
العدد 1748

من سيمسك بالعصا من وسطها؟
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

منذ خروج آخر جندي سوفييتي من أفغانستان في بداية التسعينات تحت نيران ضربات المقاومة الوطنية آنذاك، والاتحاد السوفييتي يغرق في مستنقعاته الداخلية حتى أذنيه· وإذا بنا نكتشف أن ذلك العملاق الذي روع قلوب الأمريكيين والأوروبيين بعد أن هزم أعظم قائدين عسكريين أوروبيين في التاريخ على فترتين متباعدتين: نابليون وهتلر، غير قادر اليوم على تضميد جراحه الداخلية· خاصة أنه وبعد أن انفكت قبضة النظام الشيوعي عن رقاب المواطنين الروس الذين كانوا يعيشون حالة حصار وقهر مستمرين، تحول الداخل السوفييتي إلى فساد وعصابات مافيا وبدأت الجمهوريات التي كانت  تشكل قوة هذه الإمبراطورية الممتدة من حدود اليابان والصين شرقا إلى حدود أوروبا غربا··· تطالب باستقلالها·· أو تسقط جدرانها الفاصلة (كجدار برلين)، وواجه الاتحاد السوفييتي لأول مرة في تاريخه تفكك جمهورياته الواحدة بعد الأخرى، وتغيرت أنظمة كثير في الدول التي كانت تخضع لهيمنتها والتي تحولت بعد أن استقلت إلى نظام الاقتصاد الحر بل انضمت مؤخرا إلى الاتحاد الأوروبي دون رجعة·

إن سقوط ذلك المارد لم يكن مصادفة· فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية ومخابراتها دورا مهما في تكتيفه وسجنه في قمقمه بعد أن جردته من أسلحته فيما يطلق عليه (اتفاقيات السالت) للحد من انتشار الأسلحة النووية وما تلاها من اتفاقيات أخرى، وكان في حقيقة الأمر ضربة للقوة التي هزت مضاجع الغرب· ولعبت الولايات المتحدة الأمريكية كذلك دورا لوجستيا في إخراج هذا المارد من أفغانستان من خلال تأسيس ودعم منظمة القاعدة، وكذلك في تحول سياسات كثير من الدول التي كانت تطلب سابقا حماية أو وصاية أو دعم الاتحاد السوفييتي لها إلى طلب حماية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية، تماما كما حدث في جمهورية مصر العربية عندما وصل أنور السادات إلى الحكم بعد وفاة عبد الناصر· ومع مرور الوقت وتزايد قوة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم وتفكك الاتحاد السوفييتي وخسارة شعبيته حتى من بين من كان يؤمن بشدة بفلسفته الاقتصادية، خسر الاتحاد السوفييتي وجوده شبه الكامل في منطقة الشرق الأوسط خاصة· لقد كان الاتحاد السوفييتي يمثل حماية لا مثيل لها لتلك الدول، العربية خاصة، من خلال دعمه لها بالأسلحة في حربها مع إسرائيل من جهة والفيتو في مجلس الأمن من جهة أخرى لإفشال أي قرار لا يصب في مصلحتها·

وبذلك خسر الاتحاد السوفييتي قلاعه في هذه المنطقة التي تحولت إلى محط أنظار وحسد العالم سواء لما تحتويه من احتياطيات النفط أو لموقعها الاستراتيجي الذي يقع في منتصف القارات أو لقوتها الشرائية والاستثمارية التي احتكرتها الدول الغربية· ولكم كان الاتحاد السوفييتي متحمسا في السبعينات للوصول للمياه الدافئة في الشرق الأوسط· وهكذا ظل ينظر إلى استفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالغنيمة بشيء من الحسرة ومواساة النفس· وظل هكذا منشغلا بمشاكله الداخلية والجمهوريات التي تطالب باستقلالها والإرهاب الذي ضرب حتى عمق العاصمة موسكو نفسها·

غير أن الأحداث الأخيرة في المنطقة وعلى رأسها ملف إيران النووي ونتائج الحرب اللبنانية وفشل الآلة العسكرية الإسرائيلية وإقرار الرئيس الأمريكي ضمنيا بفشل الحرب على العراق وتخبط إسرائيل في فلسطين التي تزامنت مع الفضائح التي زعزعت رؤوس الحكومة الإسرائيلية إضافة إلى عودة ضربات المقاومة في أفغانستان ومحاولة بعض دول المنطقة (مغازلة) روسيا لاستثارة غيرة الولايات المتحدة الأمريكية أو لتسوية بعض الحسابات معها أو لفقدان مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة لدعمها غير المحدود وغير المشروط لإسرائيل وخاصة أثناء الحرب الأخيرة في لبنان، كلها وجهت أنظار روسيا للمنطقة من جديد كمن ينتهز الفرصة التي لا تعوض ولكن بشيء من العقلانية وعدم التسرع·

ومن الواضح أن الكريملين بدأ في إعادة جدولة أولوياته في الشرق الأوسط والأدنى، خاصة بعد أن استطاع توطيد علاقاته مع الغرب ويثبت حسن نياته التي فقدها خلال الحرب الباردة· فأصبح الوقت الآن ملائما لإعادة اللعب بأوراق الشرق الأوسط والظهور بمظهر الناصح ومن ثم المدافع عن حقوق هذه المنطقة· وبرز ذلك جليا من خلال مواقفه من الملف الإيراني، و(تحذيره) من تقسيم العراق (ومصطلح التحذير ليس كالخوف أو القلق)، وتجديد مطالبته بحل القضية الفلسطينية بشكل عادل وتصبح روسيا أول دولة غربية تستقبل وفد حماس بعد أن تسلمت الأخيرة زمام الحكم في فلسطين·

إن المنطقة التي تعيش هذه الأيام على بركان قابل للانفجار في أية لحظة، وخاصة بعد توقيع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) إيهود أولمرت اتفاق ائتلاف مع اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان رئيس حزب (إسرائيل بيتنا)، وتزايد العنف في العراق ومطالبة بعض الأطراف تقسيم العراق، والانقسام اللبناني، والتصلب الإيراني فيما يتعلق بموقفها من الاستمرار في تطويرها تجاربها النووية، ومحاصرة سورية، كلها تشير إلى أن الأمة الإسلامية ستمر بفترة عصيبة جدا خاصة بعد تزايد الإساءة إلى الدين الإسلامي بينما الحكومات الإسلامية لا تحرك ساكنا·

ولا شك أن هناك أطرافاً خارجية وبعضها داخلية تعمل لحساب جهات خارجية، تحسب حساب مصالحها في إثارة مثل تلك الهزات الأرضية التي تضرب منطقة الشرق الأوسط بأكملها منذ بداية هذا القرن· وعودة النفوذ الروسي منتهزة تخبط الولايات المتحدة على الصعيدين السياسي والعسكري في المنطقة ربما يخلق نوعا من التوتر وزيادة في الانقسامات الداخلية والدولية· حيث إن هناك العديد من الجهات التي تتحين الفرصة لكي تنتقم من بعض الأنظمة الموالية للولايات المتحدة الأمريكية مستفيدة من أي دعم قد تقدمه لروسيا مقابل بعض التنازلات بالطبع· وروسيا لن تتوانى هذه المرة ولن تضيع فرصتها في تقديم تلك المساعدات أيا كان شكلها· فكل المؤشرات تدل على أن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبريطانيا هذه المرة في موقف لا يحسد عليه· وأن كفة موازينها بدأت تهبط وشعبيتها حتى في ملاعبها قد انقلبت عليها·

إن العالم بعد انحسار الدور الروسي في المنطقة خاصة في نهاية الثمانينات عاش فترة من اللاتوازن الذي انقلب على رأس المسلمين والعرب كافة فدفعوا ثمنه باهظا بعد أن راهنوا على سياسة الدول الغربية· وهذه الفوضى التي تكبر ككرة الثلج والتي نراها ونعيشها يوما بيوم في العراق ولبنان وفلسطين وسورية ومصر والسودان لم تكن لتتزايد لو ظل الاتحاد السوفييتي (سابقا) يدير مناصفة قيادة هذه المنطقة في أزماتها المستمرة والوعرة· والقلق الآن  هو أن لا يختل من جديد ذلك التوازن لصالح روسيا مقابل انحسار الدور الأمريكي الذي بدأت مؤشرات انسحابه واضحة جدا بعد حرب لبنان· فنحن - مادمنا غير قادرين على تكوين قوة عسكرية خاصة بنا - سنظل  في حاجة إلى دولتين عظميين: روسيا وأمريكا، لحمايتنا والحفاظ على توازننا·

لكن الأدهى من ذلك كله هو أنه حتى روسيا (ولو أنها أحسن حالا من غيرها) والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا لديها هذه الأيام مشاكلها الداخلية التي تبحث لها عن حل!!

فمن ترى سيوقف انفلات الأوضاع في المنطقة إذا ما حصل لا سمح الله؟

 

جامعة الإمارات

dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

الشرق الأمريكي الجديد:
سعاد المعجل
من سيمسك بالعصا من وسطها؟:
الدكتور محمد سلمان العبودي
ويهل عيد جديد:
د. لطيفة النجار
المجتمع الاستيطاني:
عبدالله عيسى الموسوي
درس ألماني:
علي عبيد
المسابقات: تفاهة من أجل الابتزاز:
عبدالخالق ملا جمعة
المطبّلون في الأتراح:
د. فاطمة البريكي
المسلسلات في رمضان:
د. حصة لوتاه
"نبي أساميهم":
على محمود خاجه
رؤية 2007 الوطنية:
د. محمد عبدالله المطوع
شعب بالأقساط:
المحامي نايف بدر العتيبي
خلف خلاف:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
Nonsense Meter:
فهد راشد المطيري