رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 مايو 2007
العدد 1773

عندما غضبت سيغولين رويال
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

من ملامح الانتخابات الفرنسية الحالية، سباق الشباب إلى الرئاسة·· والشباب في مصطلح السياسة هو العمر الذي ما زال في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات··· طبعا ذلك في بلد كفرنسا تعيش على أرضه أكثر من 64 مليون نسمة حسب آخر إحصائية·

نيكولا ساركوزي : 52 سنة

سيغولين رويال: 54 سنة

إن الحماس الشديد الذي يميز دم الشباب وطموحاته والخبرة المتواضعة في مجال توجيه سياسة تلك الدولة العظمى ربما شكلتا الصفة العامة لطريقة المواجهة التي وضعت كلا منهما وجها لوجه مع الآخر· لا أحد ينكر بأن لا ساركوزي ولا رويال قادران على البلوغ أوالتمكن من لغة عمالقة السياسة الفرنسيين الذي قضى معظمهم نحبه، أو انسحب أو انتهى عهده أو الذي ضل بعضهم حيا يراقب ما يجري عن كثب، كفاليري جيسكار ديستان (81 سنة)، أو إدوارد بالادور (78 سنة)، وميشيل روكارد (77 سنة)، أو حتى جاك ديلور (82)· ولكن ذلك لا يمنع من أن يبدأ هذان الشابان اللذان يرشحان نفسيهما لأول مرة في حياتهما لتجربة الانتخابات الرئاسية أن يتمرسا على فن الحوار والمناظرة وتكتيك الهجوم والانسحاب في اللحظة المناسبة والاستعداد المسبق وتسديد السهام في مناطق كعب أخيل، والتوقف، وطريقة النظر إلى الخصم وكيفية الالتفات والتوجه بالرد ليس إلى الخصم مباشرة وإنما إلى مقدمي البرنامج بما يجعلنا نشعر بعدم أهمية خصمه، وكيفية الرد وتحويل الهجوم إلى دفاع وطريقة تقليب الأوراق التي أمامه بكل برود وبشكل استفزازي عندما يكون الآخر في قمة الغضب والحماس، كلها أمور وقعت أمام أعين أكثر من 20 مليون فرنسي في شتى أنحاء العالم والذين سيقررون من سيكون رئيسهم اليوم·

أثناء سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية في نهاية الثمانينات وخلال المناظرة التي وضعت الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، (توفي عام 1996 عن 81 عاما) وجها لوجه أمام جاك شيراك (75 عاما) الذي تنتهي ولايته بعد أيام، وأمام أعين ملايين الفرنسيين (قبل اكتشاف الفضائيات)، لم يتردد فرانسوا ميتران وبكل برود أن يصف شيراك بالـ(Roquet) أو الكلب الصغير (الجرو)!، مع أن فارق السن بينهما لم يتعد وقتذاك 16 عاما فقط، وبينما شكل ذلك صدمة مفاجئة لمنازله شيراك الذي انقلب وجهه إلى اللون الأحمر الداكن، ظل ميتران محتفظا بابتسامته الساخرة وثقته الكاملة بعدم خبرة منازله· وربما كانت تلك اللفظة كافية لتقلب الموازين رأسا على عقب·

وذكرتني المناظرة الأخيرة بين ساركوزي ورويال بتلك المناظرة ا لتي تدور منذ عقود طويلة بين خصمين لدودين: حزب اليمين وحزب اليسار· وكثيرا ما نجح أحد أقطاب الحزبين بفضل براعة شخصيته أكثر من برنامجه الانتخابي·

لقد حركت المناظرة الأخيرة الرأي العام الفرنسي كما لم يحدث من قبل· فالمنازلة (كما يجب أن يطلق عليها) تكون لأول مرة في تاريخ فرنسا بين رجل وامرأة· وبين رجل حاول أن يمسك زمام الأمور بيد من حديد وامرأة تفكر بطريقة الأم المليئة بالعواطف· وطوال فترة الحملات الانتخابية كنا نشاهد سيغولين رويال على أنها هادئة، طيبة، مبتسمة، بسيطة في مظهرها، بينما ساركوزي يحاول قدر المستطاع الإتيان بما لم تأت به الأوائل· ويبدو فيما يبدو أن هناك من نصح لرويال باتباع استراتيجية أكثر صرامة مع شعب لا يرحم كالشعب الفرنسي· فبدت في المناظرة الأخيرة على شكل لبؤة تدافع عن أشبالها بكل ما أوتيت من قوة· بينما ظل (ساركو) يظهر مظهر المسكين الطيب القلب الهادئ الواثق من خطط برامجه· ويبدو أن هناك من نصح أيضا لهذا الأخير بأن قسوته في حل الأمور الداخلية قد تجلب عليه الويلات خاصة من قبل الفرنسيين ذوي الأصول المهاجرة ومن الأحزاب الخضراء·

إلا أن والحق يقال، برزت سيغولين بطريقة مخالفة عن الصورة التي عرفناها بها· ولم يتصور أحد أنها ستنفذ هجوما غير مخطط له، وتسدد لخصمها (ضربة قاضية) غير متوقعة من مرشحة كان يعتقد الكثيرون أنها "سطحية" جدا وطيبة جدا، عندما اتهمته غاضبة بـ "اللا أخلاقية" عندما تطرقا لموضوع توفير المدارس لذوي الاحتياجات الخاصة· وفعلا خرجت هذه الأم عن طورها، ونسيت أنها في مناظرة سياسية على مستوى رئاسة جمهورية وبثت على الهواء مباشرة وتحتاج إلى ضبط للنفس وللأعصاب· وربما لاحظ الجميع أنها لم تكن تمثل أو تلعب دور "الشريف"، وإنما أخذتها عواطف الأمومة·  وبالفعل، عندما كانت وزيرة لشؤون العائلة قبل ست سنوات تقدمت بمشروع توفير المدارس لذوي الاحتياجات الخاصة ويبدو أن اليمين الذي يمثله اليوم ساركوزي قد أفشله، بينما هو اليوم ينادي به·

الفرنسيون اليوم منقسمون على ردة الفعل السيغولينية هذه - التي حاول ساركوزي أن يستغلها لصالحه· فمنهم من يريد رئيسا واضحا صريحا غاضبا لا يمارس التمثيل عليه، ومنهم من يريده صعب المراس هادئا بل مراوغا·

لقد تحاورا لأكثر من ساعتين ونصف الساعة· وطرحت جميع المواضيع الهامة التي تمثل الشؤون الداخلية والسياسة الخارجية· ولكن أكثر ما يهمنا نحن كمسلمين هو مسألة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي· فبينما أكد ساركوزي على أنه لا مكان لتركيا - التي يعتبرها تمثل آسيا الصغرى - بين الدول الأوروبية، رأت سيغولين بأنه لا يوجد ما يمنع دخولها إذا حققت الشروط اللازمة، خاصة وأن تركيا دولة علمانية، وتسير نحو الديمقراطية بخطى حثيثة وأنه يجب عدم إجبار تركيا على الانضمام إلى منظومة الشعوب الإسلامية المعادية لأوروبا نتيجة لهذا الرفض· ويبدو أن لساركوزي - ذلك المجري المهاجر - سبب آخر لعدم دخول تركيا الاتحاد الأوروبي: الإسلام، رغم نفيه القاطع لذلك· فالكل يعلم أن تركيا لها جزء هام يقع ضمن حدود قارة أوروبا· وقد أخذ على ساركوزي نوع من العنصرية في هذا الشأن: أي أن هناك أجناس آسيوية وأجناس أوروبية مختلفة لا تتقبل الرأي الآخر واللون الآخر والثقافة الأخرى، بينما هو نفسه من أصول مجرية ويهودية·

باعتقادي كما باعتقاد الكثيرين ممن تابعوها حية على الهواء مباشرة، أن سيغولين حققت في هذه المناظرة عدة نقاط على ساركوزي ولكنها ما زالت في حاجة إلى عدة نقاط أخرى لتصل إلى تنحيته من طريق الإليزية· وربما هناك نقطة هامة منحها أياها بشكل غير مباشر رئيس حزب الوسط، فرانسوا بايرو، الذي أعلن عدم منح صوته لساركوزي·

اليوم مساء سوف تعلن النتائج الأولية لهذه الانتخابات الشابة· وغدا سوف يحكم فرنسا رجل أو امرأة· والذي سوف يحسم الأمر هو رجل الشارع·

أتمنى وأرجو أن تتحقق هذه الأمنية في انتخابات المجلس الوطني القادمة، بأن تنظم مناظرة على الهواء مباشرة للمرشحين الأوائل يعرضون فيها وجهات نظرهم ويتجادلون بكل حرية وصراحة، وبناء عليه يتم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه· إن ذلك سوف يثري بلا شك المرشح والمنتخب· وليس ذلك على بلدنا بكثير·

 

* جامعة الإمارات

dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

عندما غضبت سيغولين رويال:
الدكتور محمد سلمان العبودي
تسونامي السكري:
مريم سالم
اللغة العربية في جامعاتنا العربية:
د. لطيفة النجار
تطوير العقول أو تغييرها:
د. فاطمة البريكي
يا أولمرت أهدم هذا الجدار:
عبدالله محمد سعيد الملا
"الله بالخير" بوصلة الهم العام:
سليمان صالح الفهد
رئيس يفقد شعبيته:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
غرق ملف الناقلات؟!!:
سعاد المعجل
معركة الشرفاء:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة:
فهد راشد المطيري
ولدك يخرّب عليك أكثر:
على محمود خاجه
الكويتي المبدع والمفكر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الاغتياب والجبن والصمم:
محمد بو شهري
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!:
د. محمد عبدالله المطوع
مكافأة مخالفي الإقامة:
المهندس محمد فهد الظفيري
دروس من تقرير (فينوغراد)-1:
عبدالله عيسى الموسوي
تجري الحريات بما لايشتهي مجلس الوزراء!!:
فاطمة محمد أيوب*
للمال العام حرمة..
يا نواب الأمة:
محمد جوهر حيات
لا تُعْطني دولاراً..
وبعدها تأكُلْني!:
علي سويدان
ثقة المواطن وديمقراطية الحكومة:
أحمد سعود المطرود
تطوير العقول أو تغييرها:
د. فاطمة البريكي